وقال أبو المظفر السمعاني ((إن الخبر إذا صح عن النبي ورواه الأئمة الثقات وأسنده خلفهم عن سلفهم إلى رسول الله وأسنده خلفهم عن سلفهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وتلقته الأمة بالقبول فإنه يوجب العلم))
ومما يدل على أن السلف لم يكونوا يفرقون بين خبر آحادي ومتواتر في مسائل الإعتقاد
ما نقله وقال الوليد بن مسلم: "سألت الأوزاعي، ومالك بن أنس، وسفيان الثوري، والليث بن سعد، عن هذه الأحاديث التي فيها الصفة؟ فقالوا: أمروها كما جاءت بلا كيف"
قال محمد بن خليفة التميمي في تحقيقه على كتاب العرش ((أخرجه أبو بكر الخلال في السنة (1/ 259، برقم313). وأخرجه الآجري في الشريعة (3/ 1146، رقم720). وأخرجه الدارقطني في الصفات (ص44، برقم67). وأخرجه ابن بطة في الإبانة (تتمة كتاب الرد على الجهمية)، (3/ 241 - 242، برقم183). وأخرجه ابن مندة في التوحيد (3/ 307، برقم894). وأخرجه اللالكائي في السنة (930). والصابوني في عقيدة السلف (ص70، برقم90). وأورده أبو يعلى في إبطال التأويلات (1/ 47، برقم16). وأخرجه البيهقي في الأسماء والصفات (2/ 377)، وفي الإعتقاد (ص118)، وسننه (3/ 2). وابن عبد البر في التمهيد (7/ 149، 158). وأورده الذهبي في العلو (ص104، و105)، بسنده من طريق الدارقطني، وأورده في سير أعلام النبلاء (8/ 105)، وتذكرة الحفاظ (1/ 304)، وأورده في الأربعين في صفات رب العالمين (ص82، برقم82). وقال قبله: "صح عن الوليد"، وعلق بعده بقوله: "قلت: مالك في وقته إمام أهل المدينة، والثوري إمام أهل الكوفة، والأوزاعي إمام أهل دمشق، والليث إمام أهل مصر، وهم من كبار أتباع التابعين". وأورده السيوطي في الأمر بالإتباع والنهي عن الإبتداع (ص206، برقم326)))
ووجه الدلالة أنهم لم يفرقوا بين أخبار الآحاد و الأخبار المتواترة في التعامل
قال الذهبي في كتاب العرش وهو يتحدث عن خبر مجاهد في المقام المحمود ((وممن أفتى المروزي بأن الخبر يسلم كما جاء و لا يعارض: أبو داود صاحب السنن، وعبد الله بن الإمام أحمد، وإبراهيم الحربي، ويحيى بن أبي طالب وأبو جعفر الدقيقي، ومحمد بن إسماعيل السلمي الترمذي، وعباس بن محمد الدوري، ومحمد بن بشر بن شريك بن عبد الله النخعي))
قلت كل هؤلاء أخذوا بخبر آحادي في مسالة إعتقادية
فإما أنهم يعتقدون أن الظن كافي في مسائل الإعتقاد
أو أنهم يرون أنها تفيد العلم
وعلى الحالتين هم يخالفون السقاف
ولم يذكر أن أحداً من أهل السنة اعترض على الخبر بأنه آحادي
ولنقف وقفة مع قول النووي ((واختلف في حكمه فالذي عليه جماهير المسلمين من الصحابة والتابعين فمن بعدهم من المحدثين والفقهاء وأصحاب الاصول أن خبر الواحد الثقة حجة من حجج الشرع يلزم العمل بها ويفيد الظن))
أين قال الصحابة أن خبر الآحاد يفيد الظن ويلزم العمل دون العلم؟!!
وكل الأدلة التي احتج بها القوم في تزوير مذهب الصحابة في المسألة ليست بحجة كما فصلناه سابقاً
بل لو أردنا أن نسلك مسلكم في الإستلال باطراد ودون تحكم لعاد بنا الأمر إلى مذهب المعتزلة _ المنقوض بالكتاب والسنة وآثار الصحابة
وها هو ابن عباس يأخذ بخبر آحادي في مسألة غيبية _ وإن شئت قل اعتقادية _
وهي أن موسى صاحب الخضر هو عينه موسى بني إسرائيل
روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن سعيد بن جبير أنه قلت لابن عباس: إن نوفا البكالي يزعم أن موسى ليس بموسى بني إسرائيل، إنما هو موسى آخر؟ فقال: كذب عدو الله، حدثنا أبي بن كعب، عن النبي صلى الله عليه وسلم وذكر الحديث وفيه قول الخضر لموسى موسى بني إسرائيل؟ قال موسى: نعم
وهذا ثابت البناني وهو من أفاضل التابعين يجزم بنسبة الحديث للنبي صلى الله عليه وسلم بخبر أنس فقط
قال أحمد حدثنا أبو المثنى معاذ بن معاذ العنبري قال حدثنا حماد بن سلمة حدثنا ثابت البناني عن أنس بن مالك:
-عن النبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى فلما تجلى ربه للجبل قال قال هكذا يعني أنه أخرج طرف الخنصر قال أبى أرانا معاذ قال فقال له حميد الطويل ما تريد إلى هذا يا أبا محمد قال فضرب صدره ضربة شديدة وقال من أنت يا حميد وما أنت يا حميد يحدثني به أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم فتقول أنت ما تريد إليه))
¥