قَالَ أَبُو عِيسَى إِسْنَادُ هَذَا الْحَدِيثِ لَيْسَ بِصَحِيحٍ وَلَيْسَ يَصِحُّ فِى هَذَا الْبَابِ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم شَىْءٌ وَإِنَّمَا يُرْوَى هَذَا عَنْ مُوسَى بْنِ طَلْحَةَ عَنِ النَّبِىِّ صلى الله عليه وسلم مُرْسَلاً. تحفة 11354 - 638
قلت: قد اتفق أبو عيسى وأبو زرعة على علة هذا الحديث .... ، ويحتمل أن يكون أبو عيسى قد ناظر به أبا زرعة،
والله تعالى أعلم
ـ[الحارث بن علي]ــــــــ[27 - 05 - 08, 06:15 ص]ـ
أخوتي الكرام: الحمد لله الذي جعل في هذه الأمة الكريمة من يتكلم في الحديث والأسانيد إلى يومنا هذا، وأسأل الله لنا ولكم العلم النافع والعمل الصالح.
أما ما ذكرتم زادكم الله علما وفضلا من بقاء باب الاجتهاد في هذه الأمة مفتوح فهذا والله كلام طيب، لكن أي اجتهاد هذا الذي نتكلم عنه؟ أهو الاجتهاد وفق منهج يخالف منهج المتقدمين؟! وكلنا يعلم أنه انحرف من لدن الخطيب البغدادي يوم أن شابه رحمه الله بأقوال غير أهل الحديث، من المتكلمة والأصوليين والفقهاء الذين لولا أن مَنّ الله عليهم بأهل الحديث ما راحوا و جاءوا، فأي اجتهاد هذا الذي صُحِحَتْ به الأحاديث المنكرة والباطلة، كحديث: السوق، وحديث: كشف الوجه، وحديث: إنجاح الحوائج بالكتمان، وحديث: كان يبعث بالماء إلى مطاهر المسلمين، وحديث: المسح على الوجه عقب الدعاء، وحديث: النهي عن إفراد صيام يوم السبت، وحديث: عليكم بقيام الليل فإنه دأب الصالحين، وأشباهه هذه الأحاديث التي جرأت علينا أهل البدع حتى صاروا يحتجون علينا بها، أم أي تعقب هذا الذي قُوِيَتْ به أحاديث لم يصح منها شيء بدعوى أن لها طرقا وقفوا عليها لم يقف عليها المتقدمون، وقد فاتهم أن ما من إسناد وقف عليه المتأخر لم يقف عليه المتقدمين ولم يعرف في عصرهم إلا وهو معلول بالغرابة، فأين هذا الإسناد في عصر الرواية حتى لم يطلع عليه المتقدمون.
أما ما قاله العلامة هراس رحمه الله فيما تعقب به الترمذي رحمه الله، ففيه نظر كبير، وذلك أنه إنما أُتِيَ من قبيل ما يعلمه في حد الحسن وهو ما عليه المتأخرون، وقد فاته هو ومن تبعهم أن الحسن عند الترمذي غير الحسن عندهم بل الحسن عند الترمذي في الغالب هو الضعيف، وهذا هو السبب الرئيس الذي جعل المتأخرين يتمالئون على تهمة الترمذي بالتساهل، وقد فاتهم أن الترمذي تلميذ البخاري وأبو زرعة الرازي، وأنه في الغالب لا يحكم على حديث إلا بحكمهم رحمهم الله وأنتم ترون عافاكم الله قول الترمذي عقب كثير من الأحاديث: وسألت محمدا فقال كذا وكذا، فضلا عما ينقله من أقوال يحيى القطان وأحمد وابن المديني وأبي زرعة وأضرابهم من أئمة هذا الشأن عقب الأحاديث إما تأصيلا وإما توكيدا لما حكم عليه هو.
أي اجتهاد صحيح وأي تعقب صالح بنيا على مصطلحات للحديث لم تعرف عند المتقدمين، بل لقد أفسد علينا المتأخرون الاصطلاح، وشابوه، فهل المنكر عند المتأخرين هو المنكر عند المتقدمين، وهل المرسل عندهم هو نفسه عند السلف، وهل الحسن عندهم هو هو عند المتقدمين، وهل المعضل اليوم يشبه المعضل عند الأوائل، كان المتقدم لا يعتبر القواعد التي ما جازت عند المتأخرين منزلة عصى الأعمى، كان المتقدم يسبر الحديث ويتفحص العلل مع استحضار حفظ لا مثيل له، وملكة فهم لا وجود له عند المتأخرين، ولا يكاد المتأخر يجوز ظاهر السند، حتى خرجوا علينا بقولهم هذا سند صحيح ونحوها من الألفاظ التي يريد أن يدلل بها على انه لم يتسن له النظر في علته، ثم يمشيه لاحقا فيقبله، وهو لم يجزم بعد بخلوه من العلة.
فلا لزموا اجتهادا قديما ماضيا، ولا اعتبروا سندا يُتَعَقَبُ به صحيحا.
فما الذي أتى به من تعقب الترمذي في أحكامه.
ولست أقول بلزوم قول الترمذي دون غيره من أهل عصره، لكن أقول بوجوب لزوم أقوال أئمة عصر الرواية، وعدم تجاوزها، وأما من دونهم فليس يسع أحدهم إلا موافقة أئمة عصر الرواية، فما اجمع عليه بين علماء عصر الرواية من قبول حديث أو رده فليس لأحد كائنا من يكون أن يخالف ولو اجتمع من بعدهم على خلافهم، وما حكم به إمام منهم على حديث في عصر الرواية ولم يعلم فيه الخلاف من إمام منهم فالحكم ما حكم به، وما علم فيه خلاف في الحكم بينهم، فهذا الذي نقول فيه: باب الاجتهاد مفتوح فيه،ويسع المتأخر أن يرجح حكما على حكم وفق ضوابط علماء عصر الرواية لا ضوابط من جاء بعدهم.
فحديث يحكم بعدم صحته من كل وجه (البخاري أو أبو زرعة أو أبو حاتم أو أبو داود ومن هو بمنزلتهم) من هذا الذي يكون في العصور دون عصره ينهض في مقابلته فيقبل قوله بخلاف ما قال البخاري.
فحذاري يا عباد الله من العبث بسنة النبي ? بدعوى الاجتهاد وعدم التقليد، فإن الاجتهاد له ضوابطه، ومن خرج عنها لم يعد اجتهادا بل صار إفسادا وعبثا، جنبنا الله وإياكم الزلل والخطل، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين، والحمد لله رب العالمين.