ـ[محمد الأدهسي الشنقيطي]ــــــــ[13 - 07 - 09, 03:20 م]ـ
إخواني الأفاضل هذه مقالة للشيخ بعنوان
بداية التفاهم ونهاية التخاصم
ابن رشد السلفي
وإليكم المقالة:
هذا بداية مشروع كبير لتأليف يهدف إلى تأليف القلوب وجبر الكسر بين الجماعات الإسلامية بدأ بطرد الطرفين حتى تستقيم معادلة العمل الإسلامي، ثم يبدأ الحل بتناول الخلاف في جرءة وتجرد.
وأنا أعرف أن كل جماعة يوجد فيها – في الغالب – تمثيل لجماعات أخرى، ولذلك فإن ما قد يصدق على منهج حركة، قد لا يصدق على مجموع أفرادها. ثم إن أخطاء – قد تحسب – على جماعة بعينها قد تكون تفردا منكرا ممن تزيى بزيها، مع تصريحه – أحيانا – بضلالها وغيها، وما سأبدأ به من الخلاف هو بالتعبير المعاصر خِلافٌ بين أقصى اليمين وأقصى اليسار، أي بين (الليث) من أصحابنا وبين أهل الرأي فقط من إخواننا، فإن لم يكن هذا التناول من باب تحرير موضع النزاع فلا أقل من أن تكون من باب الشكوى:
شكوتم إلينا مجانينكم ونشكوا إليكم مجانيننا
وإذا وجدت في خطابي هذا نكهة مزاح أو مسحة أدب، فإنما ذلك زاد المسافر في حمارة القيظ وشدة الحر، وليس من البر الصوم في السفر.
واعلم أن من أسباب الخلاف بين الفريقين:
عدم العلم بالنص: إما لبعده عن الواقع الذي لا بد من مراعاته، أو قرب النظر فيه - بعيدا عن الواقع - والقرب حجاب. ومنه الأخذ بالحقيقة في أوسع مدلولاتها، ولو كانت مماتة مهجورة وذا في مقابل الأخذ بالمجاز، مع بعد القرينة، وقطع العلاقة مع الحقيقة والاشتغال عن المعنى الأصلي بالوضع الثاني.
ومن أسباب الخلاف الأخذ بعموم مصلحة النص – إن سلمنا مدلوله – في مقابل الأخذ بعموم نص المصلحة – إن سلمنا وجودها – وكلا المسلكين ضعيف، فإن النص لم يرسل إلى نفسه، ليراعي مصالحها، وكذلك المصلحة إنما وجدت بالنصوص، فلا تكون هي سببا لإبطالها.
ثم إن تضخم المصلحة يفضي إلى أن تكون صنما، وعدم النظر فيها يجعلها عدما، وموقفنا: هو الإيمان بها على مراد الله بها بمواصفاتها التي رسمتها النصوص الشرعية، بدون تشبيه ولا تعطيل.
ثم إن من أسباب الخلاف الإفراط في الأخذ بالعموم حتى يلج الجمل في سم الخياط، وفي مقابلة الأخذ بالتخصيص إلى فناء الأفراد وذوبانهم في كل الأوساط.
ومنها – أيضا – القول بأن الزيادة على النص (نسخ) وإلحاد ولو وافقت النص ومقابل ذلك أنها زيادة خير، ونسخ إلى بدل هو التفاهم مع الغير إلى آخر ذلك من الأسباب التي سيرد ذكرها لاحقا ... وإذ قد ذكرنا بالجملة هذه الأشياء فلنشرع فيما قصدنا له ولنبدأ من ذلك بكتاب العقيدة.
كتاب العقيدة: وفيه أبواب
وقد اتفق الفريقان على مسائل منها ضرورة (التغيير) أو (التبديل)، وأن الإسلام هو (الحل) أو (الفيصل) واختلفوا في هذا الكتاب في عدة أمور منها:
الباب الأول: في منهج الدعوة إلى الله، وهل هو توقيفي أو توفيقي؟
فعرفه أصحاب التوفيق بالتعريف الجامع الذي يدخل أهل الأهواء والمطامع، وعرفه أصحاب التوقيف بالتعريف المانع من دخوله، ولعل سبب الخلاف تمسك فريق بمدلول آيات تنهى عن الركون وتأمر بالصدع، فظنوا جنس الرفق ركونا للباطل، وجنس الصدع تنكيلا بالسامع.
ففريق آخر تمسك بآيات الرفق، وظن الحكمة محل ما يرضي الآخر ويكثر (سواد المسلمين). ولهذا الفريق أن يقدح في منهج خصمه بـ (عدم التأثير)، كما أن للأول أن يقدح في خصمه بـ (فساد الوضع).
الباب الثاني: ومما يقرب من هذا الباب اختلافهم في طريقة البيان، فرأى قوم تأخيره عن الحاجة لأجل الحاجة، وعن العمل لأجل العمل.
ورأى آخرون سد مجاريه بالتشنج والانفعال وأنكى من ذلك أن يبينوا ما ليس من الحق بشدة الحق.
والذي عليه أهل العلم من الوسطين البيان بالرفق ما وجد إليه سبيل، وعدم كتمان الحق.
الباب الثالث: في التكفير
لن أتناول في هذه الحلقة موانع التكفير ولا الخلاف الشهير: هل يعذر بالجهل والتأويل أم لا؟ فهذا خلاف معتبر ولا ضير على من تكلم فيه بعلم، نافيا أو مثبتا، إنما نظري هنا إلى طرفي الخلاف ممن غالى فكفر بما ليس كفرا، أو من فرط، فأنكر ما يعلم ضرورة أنه كفر.
فأقول: اختلف الفريقان في هذا المضمار، فذهب فريق إلى منع الكفر في المجتمع مطلقا. وذهب آخرون إلى وجوب وقوعه بأكثرية في كل بادية وقرية.
¥