تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولموقفٍ مَّا حدث معي في الثانوية كان في داخلي دافع قوي لأن أكمل دراستي العلمية في قسم الفيزياء، فالتحقت بجامعة الرياض بقسم الفيزياء حتى تخرجت منها بتفوق، وأراد الله بي الخير وهداني إلى الاشتغال بما ينفعني وينفع أمتي - وقد كنت بدأت قبل ذلك بالاشتغال بحفظ القرآن والالتحاق بدروس العلم -، فلما قضيت من جامعة الرياض التحقت بجامعة الإمام محمد بن سعود في قسم أصول الدين حتى تخرجت منها حاملاً شهادتين جامعيتين: علمية وشرعية.

بعدها انكببت على علم الشريعة والتحقت بالحلقات في المساجد وحضرت الدروس وتنقلت بين الأشياخ حتى فتح الله علي في العلم والحفظ وبارك لي في العمر ببركة اشتغالي بعلم القرآن والسنة.

# إذن لم تكن منشغلا بطلب العلم الشرعي من أول عمرك، كيف كانت قصة التحول؟

نعم، قضيت زهرة شبابي في الدراسة العلمية في الثانوية والمرحلة الجامعية وما ندمت على شيء ندمي على

ذهاب وقتي في هذه الدراسة، ولا أكتمك سراً إن قلت إنها دراسة ما أريد بها وجه الله؛ فقد كان وراء اختياري لقسم الفيزياء في الجامعة شيء من التحدي وإثبات الجدارة لأستاذ كثيراً ما عَلَّق عينا وعيَّر فهمنا. ذات مرة قال لنا: أنتم "بدوان" ولستم على مستوى الأقسام العلمية، فتولَّدت عندي نزعةُ انتقام ورد كرامة وعزمت على أن أدرس هذه المادة وأنجح فيها ثم ألتحق في هذا القسم في الجامعة على بُغض مني وكراهة لأخيب ظن هذا الأستاذ فينا وكان لي ذلك وأبدعت في هذا القسم حتى صارت عندي أسس المعلومات الفيزيائية أسهل من السهل. ولكن قدر الله أن أحب العلم الشرعي في أول مرحلة من مراحل الجامعة، فكنت أقضي أغلب الأوقات في طلبه في المكتبة ومع المشايخ وغلب عليَّ حُبُّه حتى كدت أن أترك الفيزياء ولكن .. لم يُقدَّر لي ذلك، فأكملت الدراسة حتى حصلت على الشهادة ثم عُيِّنت مدرساً للمادة ..

حتى جاء ذلك الموقف الذي هزَّني هزاً وكان وراء التحاقي بالدراسة الشرعية .. حين كنت ذات مرة في غرفة المدرسين جالساً إذ أقبل الطلاب يبحثون عن مدرس التربية الإسلامية ليسألوا عن مسألة شرعية فلم يجدوه، فتعرضت لهم لعلهم يسألون فلم يفعلوا -مع أن مدرس المواد الإسلامية كان رجلاً بسيطاً في علمه لكن كونه صاحب شهادة أعطاه هذه المكانة- فعلمت حينئذ أن الشهادة لها دور كبير في التأثير في الوسط الاجتماعي، عندها .. وفي نفس اليوم استأذنت من المدير وانطلقت إلى البيت فأخذت شهاداتي وما هو مطلوب مني وقررت أن أنتسب في كلية أصول الدين، وقابلت العميد الرومي، فما كان منه إلا أن قَبِل الانتساب مباشرة بالرغم من أن فترة القبول قد انتهت، ثم ما هي إلا أربع سنوات حتى أنهيت البكالوريوس في أصول الدين لأطلب بعد ذلك التحول من تدريس الفيزياء إلى تدريس العلوم الشرعية، ومن قبل ذلك ومن بعده وإلى يومي هذا وأنا أُدرِّس كلام ربنا وسنة نبيه - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -. والحمد لله رب العالمين ..

# قبل أن ندخل في تفاصيل حياتك العلمية كيف تصف سنواتك الأولى التي قضيتها من عمرك؟

حقيقة مرحلة الابتدائية كانت مرحلة طفولة، كانت مرحلة لهو ولعب ومغامرات .. في الحقيقة لم أكن طفلاً عادياً، كنت في قمة الحيوية والحركة والتهور، وسأقص عليك بعض القصص: في فصل الربيع كان الأهل يسكنون البر أربعة أشهر تقريباً، فكنت أرعى الغنم وأحمل الكلأ والعشب الذي تجزه أمي، وكنت مولعاً بصعود الجبال فلا أدع جبلاً إلا وأصعده وأجلس أُنشد على ذروته ما تَلَقَّنْته في المدرسة، وآكل الحميض والبسباس والزعاليق والبقير والعراجين والفقع، فإذا رجعت تناولت الحليب بشراهة وكنت أشربه من الغنم مباشرة. وأما في الصيف فكنت كثيراً ما أذهب مع أمي إلى قرية القصيعة وكانت كثيرة النخل، فجعلت لا أدع نخلة إلا رقَيت عليها وأكلت منها، فإذا اشتد الحر نزلت في القليب عبر الدلو وسبحت فيها وكانت عميقة جداً .. المهم كانت حياتي مليئة بالمخاطر ولكن الله سلَّم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير