تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومن البداهة والأحوال السياسية في العالم الاسلامي آنذاك على ما هي عليه من الاضطراب وافتراق الشمل أن يشيع في المجتمع الكثير من ضروب الفساد الاجتماعي كانتشار الظلم والحيل والنفاق والرياء وانتهاك المحرمات وضياع معالم الدين الإسلامي الحنيف، وسواها من المفاسد والرذائل التي لا تقرها نفس حرة وأبية تواقة إلى معاني العدل والإحسان والتهذيب والرقي الاجتماعي كنفس هذا الشاعر الفيلسوف وعقله، ولقد كان أبو العلاء واضحاً وصريحاً وجريئاً في الكشف عن هذه المفاسد والآفات، حيث حوت قصائده إشارات واضحة الألفاظ والمعاني إلى عدد من العيوب الاجتماعية نجتزئ منها ما يلي:

«الظلم»

الظلم انحراف في السلوك النفسي للأنفس حينما تستشعر شيئاً من القوة يجعلها بمعزلٍ عن المؤاخذة والمحاسبة وحينما تفقد تلك الأنفس القليلة الشعور بعظمة الخالق عز وجل وقدرته على العقاب والثواب سبحانه وإلى ذلك أشار أبو العلاء بقوله:

الظلمُ في الطبعِ فالجارات مرهقة=والعرف يستر والميزان مبخوس

والطرفُ يضربُ والأنعامُ مأكلةٌ=والعيرُ حاملُ ثقلٍ وهو منخوس

وبقوله:

الظلمُ أكثرُ ما يعيشُ به الفتى=وأقلُ شيءٍ عنده الإنصافُ

مُنِعتْ من القسمِ الحقوقُ كأنها=رجزٌ تهافت ماله انصاف

انتشار الجهل والفقر:

برغم بلوغ الحضارة الإسلامية قمة ازدهارها العلمي والأدبي في عصر أبي العلاء إلا أن معالم التراجع في انتشار التعليم وشيوعه قد وضحت للعيان وكان ذلك التراجع محصلة للقلاقل والفتن والاضطرابات التي يموج بها العلم الإسلامي، هذا بالإضافة إلى أن الطابع الفردي البحت للتعليم انذاك، وقل مثل ذلك في الضمانات الصحية والاجتماعية مما يجعل الجهل والفقر من ثوابت ذلك العصر الغابر، والغلبة للقوة فلا عجب وأن ينشد أبو العلاء:

ولما رأيتُ الجهلَ في الناس فاشياً=تجاهلتُ حتى ظُنَ أني جاَهِلُ

فوا عجباً كم يدعي الفضل نَاقِصٌ=ووأسفاً كم يُظهرُ النقصَ فاضل

ويعلق أبوالعلاء على انتشار الفقر وتحامل المجتمع على الفقير:

كنت الفقيرَ فخُطئتْ لك صبب=ورزقت إثراء فقيل مُوَطِسُ

وقال:

الفقرُ موتٌ غير أن حليفه=يرُجىَ لهُ بتحولٍ انتشارُ

شرب الخمور:

حرم الإسلام بصورة قاطعة ونهائية شرب كل مسكر ومخدر بكثيره وقليله، وانطلقت حكمة التشريع الاسلامي من أضرارها الاجتماعية والصحية والمادية والروحية، إلا إن دواعي الضلال وتزيين الشيطان حدا بضعاف النفوس إلى معاقرة بنت الحان، ولقد سجل أبو العلاء نقده للخمر وشاربيها في أكثر من موقف وبشدة حيث قال:

إياكَ والخمر فهي خالبةٌ=غالبةٌ خاب ذلك الغُلبُ

خابيةٌ الراح ناقةٌ حَفُلت=ليس لها غير باطل حلب

أشأمُ من ناقة البسوس على النا=س وان نيلَ عِندها الطلبْ

أفضلُ مما تضُمه كؤوسها=ما ضمنته العساس والقلبْ

ومن ذلك قوله:

لا أشرب الراح ولو ضمنتُ=ذهاب لوعاتي واحزاني

مخففا ميزان حلمي بها=كأنني ما خف ميزاني

يتبع إن شاء الله

ـ[المجرم الطيب السريره]ــــــــ[22 - 07 - 2008, 06:14 م]ـ

شكرا لك

هو شاعر مبدع لقب برهين المحبسين

ما أجمل قصيدته التي مطلعها:

ليس مجدٍ في ملتي واعتقادي

نوحُ باكٍ ولا ترنمَ شادي

وشبيه صوت النعي إذا قيس

بصوت البشير في كل نادي

شكرا لك ثانية

أنتظر اكتمال السلسلة

ـ[صاحبة القلم]ــــــــ[22 - 07 - 2008, 06:29 م]ـ

نتبع معا ... بقية السلسلة

الغدر:

والغدر من رذائل الأخلاق التي لا يخلو منها مجتمع إنساني ويمثل الطعنة في الظهر تأتي من حيث لا تحتسب وتزداد الفاجعة حينما يكون الغدر بين الأصدقاء والأصفياء ومن مأمنه يؤتى الحذر، وإلى هذه السجية أشار أبو العلاء بقوله:

تهوي الثُريا ويلينُ الصفا=من قبل أن يوجد أهل الصفاء

واستشعر العاقل في سُقمه=إن الردى مما عناه الشفاء

قد فقد الصدق ومات الهدى=واستحسن الغدر وقل الوفاء

واعترف الشيخُ بأبنائه=وكلهم يُنذِرُ منه بانتفاء

رباهُم بالرفِقِ حتى إذا=شبو عنا الوالدُ منهم جفاء

الغش:

بجانب المعنى الخاص للغش وهو التدليس في البيع والشراء أمور التجارة فإن معناه العام ينسحب على التدليس والنصب والاحتيال في كافة شئون الحياة ومختلف نواحيها وقد سلط أبو العلاء أضواء أدبه على محترفي هذه النقيصة المشينة بقوله:

قد عمنا الغِشُ وازرىَ بنا=في زمنٍ اعوز فيه الخصوص

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير