تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إن نُصِحَ السلطان في أمرِه=رأي ذوي النصح مثل الشصوص

وكلُ من فوق الثرى خائنٌ=حتى عدول المصر مثل اللصوص

النفاق:

النفاق مرض اجتماعي يفشو في المجتمعات حينما تختفي معاني العدل والاحسان وعندما يخفت صوت الحق ويعلو صوت الباطل من قول وعمل وقد نفر ابو العلاء من النفاق والتملق والتزلف نفوراً شديدا وجسد ذلك بقوله:

أمسى النفاق دروعاً يُستجنُ به=من الأذى ويُقوي سردها الحلف

تُرجي الحياة اذا كانت مودعة=وقلَ خيرُ حياةٍ حشوها كلفُ

قد مزجوا بالنفاق فامتزجوا=والتبسوا العيان واشتبهوا

وما لأقوالهم اذا كُشفت=حقائق بل جميعها شُبه

قد ذهبت عَادُهُمُ وجُرهُمُها=وهم على ما عهدت ما انتبهوا

التنجيم والشعوذة:

أولع الناس ومنذ الأزل باستقراء الغيب ومعرفة المجهول، تحقيقاً لأغراض متعددة في الأنفس كالاطمئنان على المستقبل والرغبة في الأمان وطمعاً في الإثارة وسلكوا في ذلك السبيل طرقاً متعددة كرصد النجوم ومعرفة الطوالع وقراءة الكرة وما أشبه ذلك من وسائل، حتى لجأوا إلى طرق منافية للعقل والتفكير الصحيح، وأصبح هذا الباب مدخلاً للدجالين والمشعوذين على مر التاريخ، ومع أن علم الغيب مما استأثر الله سبحانه بعلمه إلا إن الأنفس لم تزل تواقة إلى استقرائه، ولقد سخر أبو العلاء بمرارة من هؤلاء الضعاف العقول الذين لم يزالوا يترددون بين منجم ومشعوذ فقال:

لقد بكرت في خُفها وازارها=لتسأل بالأمرِ الغريرَ المُنجما

وما عنده علمٌ فيخبرها به=ولا هو من أهل الحِجاَ فيرجما

يقول غداً أو بعده وقعُ ديمة=يكون غياثاً أن تجودَ وتَسجُما

ويوهِهمُ جُهالَ المحلة أنه=يظلُ لأسرار الغيوب مُترجما

وفي قصيدة أخرى

سألت منجمها عن الطفل الذي=في المهد كم هو عائشٌ من دهره

فأجابها مائة ليأخذ درهماً=وأتى الحِمامُ وليدها في شهره

فقدان التكافل الاجتماعي وضياع معالم الدين:

أرسى الإسلام الحنيف أسس التكافل والضمان الاجتماعي بين أفراد مجتمعه من خلال التشريعات الإسلامية الخاصة بهذا الشأن والتي أوجبت الزكاة والكفارات وسنت الصدقات وذلك تطهيراً للمال وحفظاً لتوازن المجتمع الاسلامي وإشاعة أبعادٍ انسانية في المجتمعات الإسلامية، الا أن بعض فئات المجتمع وفي مختلف الأزمنة والأمكنة لم يتجاوبوا مع هذا التشريع السماوي الحكيم فنراهم يتهربون ويماطلون بشتى الطرق في إعطاء وإخراج ما أوجبه الله سبحانه وتعالى عليهم من حق ويغمضون عيونهم ويصمون آذانهم عن أنين الملهوفين واستغاثات المساكين، ونرى أبا العلاء المعري يلفت الأنظار إلى هذه الفئات المتغافلة عن حق غيرها ويبين ما للزكاة من اثر في اصلاح حال المجمعات فيقول:

ياقوتُ ما أنتَ يا قوتٌ ولا ذهبُ=فكيف تُعجِزُ أقواماً مساكينا

وأحسبُ الناس لو أعطوا زكاتهُمُ=لما رأيت بني الإعدام شاكِينا

فإن تعِشْ تبصر الباكين قد ضحكوا=والضاحكينَ لِفُرطِ الجهل باكينا

لا يتركن قليلَ الخير يفعلُه=من نالَ في الأرض تأييداً وتمكينا

ولعل من الأسف بمكان أن هذا التدهور في جوانب التكافل الاجتماعي كان اتصالا بما لحق الجوانب الدينية الأخرى من تدهور وضياع لمعالمها في عصر أبي العلاء.

وبعد فتلكم لمحات معبرة من تصوير أبي العلاء المعري لبعض جوانب الفساد الاجتماعي في عصره المضطرب والمشحون بتيارات سياسية وأدبية ومذهبية شتى، انعكست من خلال أشعار رهين المحبسين فكانت أضواءً باهرة من فيض عبقريته وحكمته سلطها على معايب عصره ومجتمعه فجاءت خير مرآةٍ لبعض تلك العيوب.

منقول .. للأمانة العليمة

ـ[صاحبة القلم]ــــــــ[22 - 07 - 2008, 06:31 م]ـ

شكرا لك

هو شاعر مبدع لقب برهين المحبسين

ما أجمل قصيدته التي مطلعها:

ليس مجدٍ في ملتي واعتقادي

نوحُ باكٍ ولا ترنمَ شادي

وشبيه صوت النعي إذا قيس

بصوت البشير في كل نادي

شكرا لك ثانية

أنتظر اكتمال السلسلة

الشكر لله أخي الكريم ..

بارك الله فيك على مرورك الكريم وجزاك على مشاركتك الطيبة خير الجزاء ..

وحياك الله في منتدى الفصيح أخا وأستاذا كريما ..

ـ[رسالة الغفران]ــــــــ[22 - 07 - 2008, 06:33 م]ـ

موضوع ماتع بارك الله فيكم

العلمية أن ينفرد بصور ادبية شعرية ونثريةلم تكن مألوفة أو معروفة بين أدباء زمانه

وأين الشريف الرضي والمرتضى وفيلسوف زمانه "ابن سينا" والثعالبي وغيرهم الكثير من أبي العلاء .. !

ولما رأيتُ الجهلَ في الناس فاشياً

تجاهلتُ حتى ظُنَ أني جاَهِلُ

فوا عجباً كم يدعي الفضل نَاقِصٌ

ووأسفاً كم يُظهرُ النقصَ فاضل

ليتك يابن المعرة كنت حاضرا في الدولة العثمانية وترى الفقر والجهل القح

ـ[محمد سعد]ــــــــ[23 - 07 - 2008, 12:30 ص]ـ

تابعنا الموضوع باهتمام كل الشكر لك على ما قمت به، هو فعلا من الموضوعات التي تستحق المتابعة، ننتظر المزيد من هذه المشاركات الطيبة.

ـ[عامر مشيش]ــــــــ[23 - 07 - 2008, 02:06 ص]ـ

أدام الله عليك نعمته

جميل هذا الموضوع الشيق الوافي

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير