وكلمة (أمرد) التي تُستخدَم للدلالة على الشاب الذي بلغ خروج لحيته (18)، وردت في الديوان 4 مرات، وكان من سياقاتها شمول الباطل والجهل الناس جميعاً: و
الشِّيبُ شابوا على جَهْلٍ ومَنْقِصَةٍ = والمُردُ في كلِّ أَمرٍ باطلٍ مَردُوا (19)
فمقابل إظهاره حلول المصائب والموت على الناس جميعاً شيباً وشباناً، كذلك يُظهر في هذا البيت توجههم جميعاً على اختلاف مراحل أعمارهم إلى الجهل والباطل. ونُلاحِظ هنا كيف وَفَّق ما بين كلمة مرد والفعل مردوا، وذلك ربما من أجل أن يُظهر ما بينهما من اشتقاق، إذ إن الأمرد ربما نُعِت بذلك نظراً لاحتمال تمرده على مجتمعه في تلك السن المبكرة.
وكلمة (يافع) التي تُستخدَم للدلالة على الشاب (20)، وردت في الديوان مرة واحدة، وجاءت في سياق عدم الجدوى من وجود الأولاد:
تَمَنَّتْ غُلاماً يافعاً خِيْلَ نافِعاً = وذاكَ دَهَاءٌ دُسَّ فيه الدّهَارِسُ (21)
فهنا يبدو أن استنكار الشاعر للحياة قد أوصله إلى استنكاره لرغبة الأم في أن تحظى بولد، لأنها إذا ما ظنت فيه خيراً ونفعاً لها في أيام شبابه، فإنها لن تنتهي إلا إلى ما يناقض ذلك لما يمكن أن يشكل عبئاً عليها يتراكم مع الزمن حتى يودي بها إلى المهالك. وربما جسَّد الشاعر ظن الأم الخيّر بولدها من خلال مقاربته ما بين لفظي يافع ونافع.
وكلمة (فتىً) التي تُستخدَم للدلالة على الشاب (22)، وردت في الديوان 272 مرة، وكان من سياقاتها خيبة الإنسان:
يَوَدُّ الفَتَى لو عَاشَ آخِرَ دَهْرِهِ = سَلِيماً مُؤَتّىً لا أُمِيتَ ولا رُزِيْ (23)
فهنا يتجسّد التعارض ما بين سيرورة الحياة وحلم الإنسان، فإذا ما كانت الحياة تبدأ مع الإنسان في طفولته وشبابه لتنتهي به إلى الشيخوخة والموت، فإن الإنسان يود أن تظل الحياة معه كما هي، فتمنحه بصورة دائمة السلامة والرزق والعمر المديد.
وكلمة (ناشئ) التي تُستخدَم للدلالة على الشاب (24)، وردت في الديوان 5 مرات، وكان من سياقاتها عدم الإقبال على الحياة:
فلا تَطْلِبِ الدنيا وإِن كنتَ ناشِئاً = فإِنّي عنها بالأَخلاَّء أَرْبأُ (25)
فعلى الرغم من أن الدنيا متاحة للناشئ الشاب أكثر من غيره، فإن الشاعر يحذره من الانغماس بها مثلما يحذر الأخلاء حرصاً عليهم جميعاً من نتائجها السلبية.
وكلمة (شارخ) التي تُستخدَم للدلالة على الشاب (26)، وردت في الديوان 23 مرة، وكان من سياقاتها ضرورة التنسك في الشباب:
فَكَيْفَ تُرَجّي أَنْ تثابَ، وإِنّما =يرى الناسُ فضلَ النسكِ، والمرءُ شَارِخُ (27) فهنا يبدي الشاعر تفضيله تنسك الشباب على تنسك الشيخوخة، ذلك لأن الأول إذا كان يصدر عن إيمان حقيقي متمثل في مجاهدة النفس ضد أسباب الدنيا المتاحة، فإن الثاني لا يصدر إلا عن شعور بالعجز إزاء هذه الدنيا وعدم العثور على سبيل آخر سوى الابتعاد عنها.
وكلمة (شاب) التي تُستخدَم للدلالة على الفتى (28)، وردت في الديوان 62 مرة، وكان من سياقاتها التذمُّر من الحياة:
عَمَرنا الدَّهرَ شُبَّاناً وشِيبنا =فَبُؤْسٌ للرُّقَادِ وللسُّهادِ (29)
فإذا ما كان الدهر يضج بحياة الشبان والشيوخ معاً، فإن الشاعر يتذمر من هذه الحياة بمجملها من غفلة الشبان وعدم اكتراثهم بأي أمر، ومن أرق الشيوخ إزاء ما سينتهون إليه.
ـ[بثينة]ــــــــ[04 - 08 - 2008, 04:36 م]ـ
موضوع رائع
بارك الله فيك أستاذي الفاضل
ننتظر بقية الأعمار
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[05 - 08 - 2008, 12:31 م]ـ
جاء في فقه اللغة للثعالبي:
(في تَرْتِيبِ سِنِّ الغُلاَمِ) (عن أبي عمروٍ وَعَن أبي العباس ثَعْلَبٍ، عن ابن الأعرابيّ) يُقال للصبىِّ إذا وُلِدَ رَضِيع وَطِفْل ثُمَّ فَطِيم ثُمَّ دَارِج ثًمَّ حَفْر ثُم يافعٌ ثُمَّ شَدخ ثُمَّ مُطَبَّخٌ ثُمَّ كَوْكَب.
الفصل الثاني (أشفى فنهُ في تَرْتيبِ أحْوَالِهِ وتَنِقُّل السِّنِّ بِهِ إلَى أَنْ يَتَناهى شَبَابُهُ)
¥