قصد تقريره لنفسه وإثباته لها على أسلوب تعريضي يبلغ فيه غرضه من إلزامهم الحجة وتبكيتهم"، وما يدعم قول الزمخشري قوله تعالى على لسان قول إبراهيم عليه السلام: ? لقد علمت ما هؤلاء ينطقون? ونفس الموقف صور في قوله تعالى: ?فراغ إلى آلهتهم فقال ألا تأكلون ما لكم لا تنطقون?. فالاستفهام هنا ليس حقيقيا؛ إنما غرضه السخرية والاستهزاء، فسيدنا إبراهيم يعلم أنها من حجر فكيف يدعوها إلى الطعام؟ ثم يتساءل عن عدم استجابتها لدعوته، قال الزمخشري: "هذا استهزاء بها وبانحطاطها عن حال عبدتها".
وفي قوله تعالى: ??إنه فكر فقدر، فقتل كيف قدر ثم قتل كيف قدر ? قال إنه فكر بدلا من قوله إنه كان لآياتنا عنيدا بيانا لكنه عناده، ومعناه: فكر ماذا يقول في القرآن وقدر في نفسه ما يقول وهيأه، وهي حكاية لما كرره من قولهم: قتل كيف قدر، تهكما بهم وبإعجابهم بتقديره واستعظامهم لقوله، وهو كقول العرب: قتله الله ما أشجعه، أخزاه الله ما أشعره.
ومن هذه الأمثلة نجد أن المضامين الساخرة في القرآن الكريم تدور بين استخفاف المشركين والكفار بالدين الجديد، والنبي ?، وكذا بمن سبقه من الأنبياء والرسل، وبين رد عليهم وتوعد لهم بالسخرية منهم في الآخرة.
ونجد أيضا كتب السيرة تعرض لنا كثيرا من مواقف سخرية الكفار لأنها كانت من وسائلهم الأولى، ذلك أنه يثبط الهمم وتضيق به الصدور فجاءت آيات كثيرة لتسلية النبي ?.
يروي ابن هشام أن النبي ? كان إذا جلس في المسجد فجلس إليه المستضعفون من أصحابه هزئت بهم قريش، وقال بعضهم لبعض: هؤلاء أصحابه كما ترون، أهؤلاء منّ الله عليهم من بيننا بالهدى والحق؟ لو كان ما جاء به محمد خيرا ما سبقنا هؤلاء إليه وما خصهم الله به من دوننا.
كما يروى أن أبا جهل قال يوما وهو يهزأ برسول الله ?: "يا معشر قريش، يزعم محمد أننا جنود الله الذين يعذبونكم في النار ويحبسونكم فيها تسعة عشرة وأنتم أكثر الناس عددا وكثرة، أفيعجز كل مائة رجل منكم عن رجل منهم. فأنزل الله تعالى عليه قي حقهم: ?وما جعلنا أصحاب النار إلا ملائكة وما جعلنا عدتهم إلا فتنة للذين كفروا ?.
وسلى الله نبيه ? بقوله: ?ولقد أستهزئ برسل من قبلك فحاق بالذين سخروا منهم ما كانوا به يستهزؤون? وذلك لما مر عليه السلام بالوليد بن المغيرة وأمية بن خلف وأبي جهل بن هشام فهمزوه واستهزؤوا به.
وما هذه إلا أمثلة قليلة مما تعج به كتب السيرة من أخبار.
ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[08 - 09 - 2008, 03:59 م]ـ
ذكرت شيئا مهما وهو التشبيهات الساخرة في القرآن الكريم
أعتقد ان البلاغيين أغفلو أو أقول عمموا القول في هذا التشبيه