ـ[عنزي]ــــــــ[05 - 03 - 2010, 06:55 ص]ـ
سر المعري الذي يلمح بوجوده:
بَني زمني، هل تعلمون سرائراً، * علمتُ، ولكني بها غيرُ بائح؟
و قال:
لديّ سر ليس يمكن ذكره * يخفي عن البصراء و هو النهار
بالنسبة لسر المعري فهو في مصطلح صنعته: و هو عن حال و حالة وعيّ المرء في ليّل "ما-بعد-الإبراهيمية". الحضارات تنتقل من الشرق غربا و المعري كان في عصر الامبراطورية الإسلامية (العلمانية). و المعري جزء من هذا الحظ العظيم و ابن ذالك العصر و المكان. و هذا يدهن و يصبغ المعري ليكون فكره فكر عالمي و زماني.
المصطلح هذا جزء من خط "رؤية المؤمن":
(إذا اقترب الزمان لم تكد تكذب رؤيا المؤمن، ورؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة)
و أحقية المعري لهذا الحال, "ما-بعد-الإبراهيمية", موجودة في شعره: أنظر لهذا السطر:
و دين مكة طاوعنا أئمته * عصراً, فما بال دينٍ جاء من هجرا
المعري: اللزوميات: الراء المفتوحة مع الجيم
المجلد الأول: ص: 499 (دار الصادر) بيروت
و يقصد مذهب و حركة القرامطة.
و هو القائل (قوم نوح و نوح و "اطلانطيس" فكرة لا يستهان بها أو لا تجب تمر كوعيظ فقط: و تلك الحقبة قديما ما قبل الإبراهميات):
و إنّ رجالاً, كان نَسْرٌ, لديهم, * إلهاً, عليهم, قبلنا, طلع الّنسْرُ
و عاشُوا يَرونَ اليُسرَ إفضالَ مُكثرٍ * على مُقترٍ, ثمّ انقضى النّاسُ و اليسْرُ
لهم سُنّةٌ أن لا يُضَيَّعَ مُعدِمٌ, * إذا سنَةٌ أزرى, بأنجُمها, الأُسْرُ*
*الأسر: احتباس البول, استعاره لاحتباس المطر.
المعري: اللزوميات: الراء المضمومة مع السين
المجلد الأول: ص: 416 (دار الصادر) بيروت
و كذالك هذا المصطلح جزء من معادلة نهاية دائرتها "العصر الذهبي" الذي المعروف عند ارباب الاديان.
و هذا كذالك قولي لكي لا أخلط فكر القارئ و يظن أن هنالك "سلطان" أو نظام فكري قد أُسس و درس و الزمن أختبر صحته و مذاهب فكرية قامت عليه.
الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ كَبُرَ مَقْتًا عِندَ اللَّهِ وَعِندَ الَّذِينَ آمَنُوا كَذَ?لِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى? كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ ?غافر: 35?
و المعري كان سلطانه و "نظامه الفكري" نابع من " سرائراً، * علمتُ، ولكني بها غيرُ بائح".
و من هنا وجب قياس المعري: و هذا الحال و الموقف أسمى و أعقد من الألحاد, الشك, الكفر, و الى أخره مما يدمغ المعري به.
و بالنسبة لسر المعري الذي لا يعرفه المعري عن نفسه فلي نقاش بذالك.
و قال تعالى:
وَإِن تَجْهَرْ بِالْقَوْلِ فَإِنَّهُ يَعْلَمُ السِّرَّ وَأَخْفَى ?طه: 7?
و هذا السر له أساس بعلاقة المرء بالقرآن. و موجود في القرآن نفسه, أن كان إعتقاد المرء أن كتاب الله عز و جل به كل شئ. و المعري غير مستثنى من ذالك. و الكلام فيه سيأتي لاحقا إن شاء الله.