تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وفي العشر السنوات الأخيرة من حياته طلع على الناس بمقالاته البديعة التي كان يكتبها بانتظام في مجلة الهلال فكشفت عن جوانب جديدة، وأبانت عن تمكنه الشديد من الثقافة العربية، مع قدرة على الإبانة في أسلوب طلي جذاب، ومن يطالع هذه المقالات يعرف أن الرجل قد احتشد لها واستعد فهي ليست مما يقرؤه الناس من بعض الأقلام تحمل خواطر وآراء، وإنما هي تحمل علمًا وأدبًا، يدهشك ما ينثره بين ثنايا مقالاته من فوائد لغوية وتاريخية، هي خلاصة خبرته وملازمته للكتب ومشافهته أهل العلم.

شخصية الطناحي

جمع الطناحي إلى علمه الواسع صفات وخلالا أسرت كل من التقى به وخالطه وجالسه فهو كريم الخلق، نقي النفس، خفيف الروح، عذب الحديث، فإذا تكلم وحكى بهر جلساءه بظرفه وفصاحته ونوادره التي لا يمل حديثها، فكان زينة المجالس والمحافل مع هيبة واعتداد بالنفس.

وهو وفي لشيوخه ومعلميه كثير الدعاء لهم إذا استشهد بواحد منهم أو عرض لذكراه، فإذا كانوا من الأحياء دعا لهم بمثل قوله: أطال الله في الخير بقاءهم وإذا كان أحدهم من الأموات قال: "برَّد الله مضجعه" أو "طيَّب الله ثراه".

وعلاقته بشيخه محمود محمد شاكر مثال نادر للوفاء يقدمه تلميذ لشيخه، فكان دائم الثناء عليه، ذاكرًا له في كل موضع، معترفًا بفضله، حريصًا على حضور مجلسه الأسبوعي في منزله في يوم الجمعة مهما كانت الشواغل، وكان الطناحي لا يترك مناسبة إلا ذكر الناس بفضل شيخه وقيمته في الثقافة العربية، يقول عنه في أحد المواضع من كتابه "مدخل إلى تاريخ نشر التراث": "كيف أكتب عنك أيها الشيخ الجليل، ومن أين أبدأ، وكيف أمضي وإلى أين أنتهي؟ فالحديث عنك إنما هو عن تاريخ هذه الأمة العربية: عقيدة ولغة وفكرًا ورجالاً .. ومعذرة ثم معذرة شيخي أبا فهر إذ أكتب عنك بهذه الوجازة التي تراها .. ثم معذرة من بابة أخرى، وهو أن كثيرًا مما ستقرؤه إن شاء الله منتزع من كلامك، مدلول عليه بفكرك، فأنا إنما أكتب عنك بك، وأتقدم إليك بسابق فضلك وموصول علمك ... ".

وهو مع تلاميذه كأحدهم ولكن في وقار، يأنس بهم ويعاونهم ويشجعهم على طلب العلم، ويفتح لهم مغاليق العلم، وكانت روحه دائمة الشباب، لا تستشعر إذا جالسته أنك أمام عالم تخطى الستين من عمره.

وبعد وفاة محمود محمد شاكر تطلع الناس إلى تلميذه الوفي ليكون خليفته ويواصل مسيرته في خدمة التراث العربي، لكن الموت لم يمهله فاختطفه فجأة وهو في أتم صحة وعافية في (6 من ذي الحجة 1419هـ = 23 من مارس 1999م).

* من مصادر الدراسة:

محمود علي مكي - محمود محمد الطناحي أديبًا ومحققًا – مجلة الهلال – العام السابع بعد المائة – مايو 1999م.

أيمن فؤاد السيد – محمود محمد الطناحي عالم التراث والمحقق الموسوعي – مجلة الهلال – العام السابع بعد المائة – يونيو 1999م.

عبد الله حمد محارب – الطناحي ورحلته مع التراث العربي – مجلة العربي – العدد (491) – أكتوبر – 1999م.

محمود محمد الطناحي – مدخل إلى تاريخ نشر التراث العربي – مكتبة الخانجي – القاهرة – 1984م.

المصدر:

http://www.islamonline.net/Arabic/history/1422/03/article13.SHTML

ـ[د. سليمان خاطر]ــــــــ[24 - 08 - 2008, 09:33 ص]ـ

حياك الله،أخانا المفضال الأستاذ المكرام أبا فادي، فأنت من عمالقة الكتاب، عملاق يكتب عن عمالقة. جزيت الخير كله، واصل. وأرى منتدى الدراسات العليا والكتب والبحوث أولى بهذه الدرر التي يجهلها بعض الناشئة من الفصحاء الكرام ويحتاج إلى التذكير بها كبارهم. بارك الله فيك.

ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[24 - 08 - 2008, 09:38 ص]ـ

بوركت أخي الفاضل محمد سسعد على هذا الموضوع الغني والذي نحن هنا في الفصيح وفي حياتنا الثقافية بأمس الحاجة اليه، وذلك لمواصلة مسيرة التواصل بين الأجيال.

مجهود لاشك أنه شاق ولكنه لطيف ويحمل الفوائد الجمة للعامة والخاصة على حد سواء.

نتابع معكم بإذن الله.

ـ[رائد عبد اللطيف]ــــــــ[24 - 08 - 2008, 10:03 ص]ـ

أخي وأستاذي الغالي محمد سعد

بارك الله فيك، فعلا نحن بحاجة إلى مثل هذه المواضيع فالفائدة جمة، وسير مثل هؤلاء يحث في النفس طلب العلم والتفاني فيه ..

إن العمل في التحقيق عمل مجهد وشاق على عكس ما يتصور الناس، فقد ذقت مثل هذا الكأس فتعاملت مع العديد من دور النشر، وأول كتاب قمت بالمشاركة في تحقيقه، كتاب (أضواء البيان في تفسير القرآن بالقرآن)، عشرة مجلدات

لصالح دار الكتاب العربي، وقد شاركت في تحقيق وتخريج الأبيات الشعرية التي ذكرها الشنقيطي ..

لكن هذا العمل ممتع رغم الجهد خاصة أنك تبحر وتغوص في أمات الكتب العربية، أو المترجمة إليها ..

فلا حرمنا الله إطلالتك أخي أبا فادي .. وسر على بركة الله .. بانتظار الجديد

ـ[محمد سعد]ــــــــ[24 - 08 - 2008, 01:07 م]ـ

أساتذتي وإخوتي الكرام

د. سليمان خاطر

الأستاذ رائد عبد اللطيف

الاستاذ أحمد الغنام

أشكركم خلص الشكر على مروركم على الموضوع

لقد أخجلتموني بكلماتكم وما هو إلا عمل بسيط مما تقومون به

وفقنا الله وإياكم لخدمة لغته، ونرجو الله أن نعطي هؤلاء الشوامخ في التحقيق جزءا من حقِّهم علينا

دمتم سالمين إخوتي الأحباء

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير