تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَلَسْتَ تراني، لا رأَيْتَ، وأَمْسَكَتْ =بسمعكَ روعاتٌ منَ الحدثانِ

فيا عمٌ يا ذا الغَدْرِ لا زِلْتَ مُبْتَلى ً =حليفاً لهمٍّ لازمٍ وهوانِ

غدرتَ وكانَ الغدرُ منكَ سجيّة ً =فَأَلْزَمْتَ قلبي دائمَ الخفقانِ

وأورثتني غمّاً وكرباً وحسرة ً =وأورثتَ عيني دائمَ الهملانِ

فلا زِلْتَ ذا شوقٍ إلَى مَنْ هويتهُ =وقلبكَ مقسومٌ بِكُلِّ مكانِ

وإنّي لأهوى الحشرَ إذ قيلَ إنّني =وعفراءَ يوْمَ الحَشْرِ مُلْتَقِيَانِ

وَإنَّا على ما يَزْعُمُ النّاسُ بَيْنَنَا =مِنَ الحبِّ يا عفرا لَمُهْتَجِرانِ

تحدّثَ أصحابي حديثاً سمعتهُ =ضُحَيّاً وَأَعْنَاقُ المَطِيِّ ثَوانِ

فقلتُ لهم: كلاّ. وقالوا. جماعة ً =بلى، والذي يُدْعى بِكلِّ مكانِ

ألا يا غرابيّ دمنة ِ الدّارِ بيّنا =أَبَا الصَّرْمِ من عفراءَ تَنتحبانِ

فَإنْ كَانَ حقاً ما تقُولاَنِ فاذهبا =بلحمي إلى وكريكما فكلاني

إذَنْ تَحْمِلاَ لَحْماً قلِيلاً وَأَعْظُماً =دِقَاقاً وقَلْباً دائمَ الخفَقَانِ

كُلاَني أَكْلاً لَم يَرَ النَّاسُ مِثْلَهُ =ولا تهضما جنبيَّ وازدرداني

ولا يعلمنَّ النّاسُ ما كانَ ميتتي =ولا يَطْعَمَنَّ الطَّيْرُ ما تَذَرَانِ

أَنَاسِيَة ٌ عَفْراءُ ذكريَ بَعْدَما =تركتُ لها ذِكْرا بِكُلِّ مَكَانِ

ألا لعنَ اللهُ الوشاة َ وقولهمْ =فُلاَنَة ُ أَمْسَتْ خُلَّة ٌ لِفُلاَنِ

فَوَيْحَكُمَا يا واشِيَيُ أَمِّ هَيْثَمٍ =ففيمَ إلى منْ جئتما تشيانِ؟

ألا أيّها الواشي بعفراءَ عندنا =عَدِمْتُكَ مِنْ واشٍ أَلَسْتَ ترانِي

أَلَسْتَ ترى لِلْحُبِّ كيف تَخلَّلَتْ =عناجيجهُ جسمي، وكيفَ براني

لو أنَّ طبيبَ الإنسِ والجنِّ داوياً =الّذي بيَ منْ عفراءَ ما شفياني

إذا ما جلسنا مجلساً نستلذّهُ =تَواشَوا بِنَا حتى أَمَلَّ مكاني

تكنّفني الواشونَ منْ كلِّ جانبٍ =ولو كانَ واشٍ واحدٍ لكفاني

ولو كانَ واشٍ باليمامة ِ دارهُ = أُحَاذرُهُ مِن شُؤمِهِ لأتَانِي

فَيَا حَبَّذَا مَنْ دونَهُ تَعْذِلونَنِي =ومنْ حليتْ بهِ عيني ولساني

ومنْ لو أراهُ في العدوِّ أتيتهُ =وَمَنْ لو رآنِي في العَدُوِّ أَتَانِي

ومنْ لو أراهُ صادياً لسقيتهُ =ومَنْ لو يرَانِي صادياً لَسَقَانِي

ومنْ لو أراهُ عانياً لفديتهُ =ومَنْ لَوْ يَرانِي عانِياً لَفَدانِي

ومنْ هابني في كلِّ أمرٍ وهبتهُ =ولو كنتُ أمضي منْ شباة ِ سنانِ

يُكَلِّفُنِي عَمِّي ثمانين بَكْرَة ً =ومالي يا عفراءُ غيرُ ثمانِ

ثَمانٍ يُقْطِّعْنَ الأَزِمَّة ِ بالبُرى =ويقطعنَ عرضَ البيدِ بالوخدانِ

فيا ليتَ عمّي يومَ فرّقَ بيننا =سُقيْ السُّمَّ ممزوجاً بِشَبِّ يَمانِ

بنيّة ُ عمّي حيلَ بيني وبينها =وضجَّ لِوَشْكِ الفُرْقَة ِ الصُّرَدانِ

فيا ليتَ محيّانا جميعاً وليتنا =إذا نحنُ متنا ضمّنا كفنانِ

ويا ليت أَنَّا الدَّهْرَ في غيرِ رِيبة ٍ =بعيرانِ نرعى القفرَ مؤتلفانِ

يُطْرِّدُنا الرُّعْيَانُ عَنْ كُلِّ مَنْهَلٍ =يقولونَ بَكْرا عُرَّة ٍ جَربَانِ

فواللهِ ما حدّثتُ سرّكِ صاحباً =أَخاً لِي ولا فَاهَتْ بِهِ الشَّفَتانِ

سِوى أَنَّنِي قد قُلْتُ يوماً لِصَاحبي =ضُحى ً وقَلوصانا بنا تَخِدَانِ

ضُحَيّاً وَمَسَّتْنَا جَنوبٌ ضَعيفة ٌ =نسيمٌ لريّاها بنا خفقانِ

تحمّلتُ زفراتِ الضّحى فأطقتها =وما لي بزفراتِ العشيِّ يدانِ

فيا عَمِّ لا أُسْقِيتَ من ذي قَرابَة ٍ =بلالاً فقدْ زلّتْ بكَ القدمانِ

فأنتَ ولم ينفعكَ فرّقتَ بيننا =ونحنُ جمعٌ شعبنا متدانِ

وَمَنَّيْتَنِي عَفْراء حتى رَجَوْتُها =وشاعَ الذي مَنَّيْتَ كُلَّ مكانِ

منعّمة ٌ لمْ يأتْ بينَ شبابها =ولا عَهْدِها بِالثَّدْيِ غيرُ ثَمانِ

ترى بُرَتَيْ سِتِّ وستِّين وافياً =تهابانِ ساقيها فتنفصمانِ

فواللهِ لولا حبُّ عفراءَ ما التقى =عليَّ رواقا بيتكِ الخلِقانِ

خُلَيْقانِ هَلْهالانِ لا خَيْرَ فيهما =إذَا هَبَّتِ الأَرْواحُ يَصْطَفِقَانِ

رواقانِ تهوي الرّيحُ فوقَ ذراهما =وبِاللّيْلِ يسرِي فيهما اليَرقانِ

ولم أَتْبَعِ الأَظْعَانِ فهي رَوْنَقِ الضُّحَى =ورحلي على نهّاضة ِ الخديانِ

ولا خَطَرَتْ عَنْسٌ بِأَغْبَرَ نازِحٍ =ولا ما نحتْ عينايَ في الهملانِ

كَأَنَّهُمَا هَزْمَانِ من مُسْتَشِنَّة ٍ =يُسْدانِ أَحْيَاناً وَيَنْفَجِرانِ

أرى طائريَّ الأوّلينِ تبدّلا =إلَيَّ فما لي منهما بَدَلاَنِ

أَحَصّانِ من نَحْوِ الأَسَافِلِ جُرِّدا =أَلفّانِ مِنْ أَعلاهما هَدِيان

لِعَفْراءَ إذْ في الدَّهرِ والنَّاسِ غَرَّة ٌ =وَإذْ حُلُقَانَا بِالصِّبَا يَسَرانِ

لأَدنُو مِنْ بيضاءَ خَفَّاقَة ِ الحشا =بنيّة ِ ذي قاذورة ٍ شنآنِ

كأنَّ وشاحيها إذا ما ارتدتهما =وقامتْ عِنانا مُهْرَة ٍ سَلِسَانِ

يَعَضُّ بَأَبْدَانِ لها مُلْتَقَاهما =ومثناهما رخوانِ يضطربانِ

وتحتهما حقفانِ قدْ ضربتهما =قطارٌ منَ الجوزاءِ ملتبدانِ

أَعَفْراءُ كم مِنْ زَفْرَة ٍ قد أَذقْتِنِي =وحزنٍ ألجَّ العينَ بالهملانِ

فلو أنَّ عينيْ ذي هوى ً فاضتا دماً =لفاضتْ دماً عينايَ تبتدرانِ

فهلْ حاديا عفراءَ إنْ خفتَ فوتها =عَلَيَّ إذَا نَادَيْتُ مُرعَويانِ

ضَرُوبانِ للتّالِي القطوفِ إذَا وَنَى =مشيحانِ منْ بغضائنا حذرانِ

فما لكما من حادِيَيْنِ رُمِيتُما =بحمّى وطاعونٍ إلا تقفانِ؟

فما لكما من حادِيَيْنِ كُسِيتُما =سرابِيلَ مُغْلاَة ً من القَطِرانِ

فويلي على عفراءَ ويلٌ كأنّهُ =على النَّحْرِ والأَحشاءِ حَدُّ سِنَانِ

ألا حَبَّذا مِنْ حُبِّ عفراءَ مُلْتقى =نَعَمْ وألا لا حيث يَلْتَقِيانِ

أحقاً عبادَ اللهِ أنْ لستُ زائراً =عفيراءَ إلا والوليدُ يراني

لَوْ أَنَّ النَّاسِ وَجْدا وَمِثْلَهُ =مِنَ الجنِّ بعد الإنس يلتقيان

فيشتكيان الوجدَ تمَّت أشتكي =لأَضْعَفَ وَجْدِي فوقَ ما يَجِدانِ

وما تَرَكَتْ عفراءُ مِنْ دَنَفٍ دوى ً =بِدِوْمة ٍ مَطْويٌّ له كَفَنَانِ

فقد تَرَكْتَنِي ما أَعِي لمحدِّثٍ =حديثاً وإنْ ناجيتهُ ونجاني

وقد تَرَكَتْ عفراءُ قلبي كَّأَنَّهُ =جَنَاحُ غُرابٍ دائمُ الخَفَقَانِ

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير