تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[بَحْرُ الرَّمَل]ــــــــ[30 - 08 - 2008, 05:18 م]ـ

المسخ

وأما المسخ فهو: قلب الصورة الحسنة إلى صورة قبيحة.

والقسمة تقتضي أن يقرن إليه صده وهو قلب الصورة القبيحة إلى صورة حسنة.

فالأول كقول أبي تمام:

فتى لا يرى أن الفريصة مقتل ولكن يرى أن العيوب مقاتل

وقول أبي الطيب المتنبي:

يرى أن ما بان منك لضارب بأقتل مما بان منك لعائب

فهو وإن لم يشوه المعنى فقد شوه الصورة ومثاله في ذلك كمن أودع الوشي شملا وأعطى

الورد جعلا وهذا من أرذل السرقات وعلى نحو منه جاء قول عبد السلام بن رغبان:

نحن نعزيك ومنك الهدى مستخرج والصبر مستقبل

نقول بالعقل وأنت الذي نأوي إليه وبه نعقل

أخذه أبو الطيب فقلب أعلاه أسفله فقال:

إن يكن صبر ذي الرزية فضلا فكن الأفضل الأعز الأجلا

أنت يا فوق أن تعزى عن الأح - باب فوق الذي يعزيك عقلا

وبألفاظك اهتدى فإذا عز - اك قال الذي له قلت قبلا

والبيت الأخير من هذه الأبيات هو الآخر قدرا وهو المخصوص بالمسخ.

وأما قلب الصورة القبيحة إلى صورة حسنة فهذا لا يسمى سرقة بل يسمى إصلاحا وتهذيبا.

فمن ذلك قول أبي الطيب المتنبي:

لو كان ما تعطيهم من قبل أن تعطيهم لم يعرفوا التأميلا

وقول ابن نباتة السعدي:

لم يبق جودك لي شيئا أؤمله تركتني أصحب الدنيا بلا أمل

وعلى هذا النحو ورد قول أبي نواس في أرجوزة يصف فيها اللعب بالكرة والصولجان فقال من جملتها:

جن على جن وإن كانوا بشر كأنما خيطوا عليها بالإبر

ثم جاء المتنبي فقال:

وبين القولين كما بين السماء والأرض فإنه يقال: ليس للأرض إلى السماء نسبة محسوسة

وكذلك يقال ههنا أيضا فإن بقدر ما في قول أبي نواس من النزول والضعف فكذلك في قول

أبي الطيب من العلو والقوة.

وربما ظن بعض الجهال أن قول الشماخ:

إذا بلغتني وحملت رحلي عرابة فاشرقي بدم الوتين

وقول أبي نواس:

وإذا المطي بنا بلغن محمدا فظهورهن على الرجال حرام

من هذا القبيل الذي هو قلب الصورة القبيحة إلى صورة حسنة وليس كذلك فإن قلب

الصورة القبيحة إلى صورة حسنة هو أن يؤخذ المعنى الواحد فيكسى عبارتين إحداهما قبيحة

والأخرى حسنة فالحسن والقبح إنما يرجع إلى التعبير لا إلى المعنى نفسه وقول أبي نواس هو

عكس قول الشماخ وقد تقدم مثل ذلك فيما مضى من ضروب السرقات ألا ترى إلى قول أبي

الطيب المتنبي وقول الشريف الرضي فقال أبو الطيب:

إني على شغفي بما في خمرها لأعف عما في سراويلاتها

وقول الشريف الرضي:

فالمعنى واحد والعبارة مختلفة في الحسن والقبح.

وهذه السرقات وهي ستة عشر نوعا لا يكاد يخرج عنها شيء وإذا أنصف الناظر في الذي

أتيت به ههنا علم أني قد ذكرت ما لم يذكره غيري وأنا أسأل الله التوفيق لأن أكون لفضله

شكورا وألا أكون مختالا فخورا.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير