تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

إن من تفصيل الكتاب وأصول الخطاب أن اسم} الله {حيث ورد ذكره في الكتاب المنزل فإنما لبيان عبادة وتكليف من الله المعبود يسع جميع المخاطبين بها الطاعة والعصيان، أو لبيان أسباب العبادة التي أمدّ الله بها المكلفين، أو لبيان أثر الإيمان والطاعة، والكفر والمعصية على المكلفين في الدنيا، أو لبيان الحساب والجزاء في الآخرة.

وإن اسم} رب العالمين {حيث ورد ذكره في الكتاب المنزل فإنما ليقوم به أمر أو فعل خارق يعجز العالمون عن مثله وإيقاعه كما يعجزون عن دفعه أو لبيان نعمه التي لا كسب للمخلوق فيها وما يجب له من العبادة والشكر، ولاستعانته ليهب لنا في الدنيا ما لا نبلغه بجهدنا ولا نستحقه بعملنا القاصر.

ولهذه القاعدة في الكتاب تقييد له دلالات عميقة كرزق الله الذي يقع على ما لا كسب للمخلوق فيه ورزق ربنا الذي يقع على ما اكتسبه المخلوق بجهده من تمام نعمة ربه عليه.

وإنما أسند الرزق إلى الله في الكتاب المنزل على ما لم يكتسبه المرزوق به بجهده كما في قوله:

• ? ومن يؤمن بالله ويعمل صالحا يدخله جنات تجري من تحتها خالدين فيها أبدا قد أحسن الله له رزقا {الطلاق 11

• ? زين للذين كفروا الحياة الدنيا ويسخرون من الذين آمنوا والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة والله يرزق من يشاء بغير حساب {البقرة 212

• ? يخافون يوما تتقلب فيه القلوب والأبصار ليجزيهم الله أحسن ما عملوا ويزيدهم من فضله والله يرزق من يشاء بغير حساب {النور 38

• ? ونادى أصحاب النار أصحاب الجنة أن أفيضوا علينا من الماء أو مما رزقكم الله {الأعراف 50

ولا تخفى دلالته على نعيم أهل الجنة الذين أدخلوها بفضل الله.

وكما في قوله:

• ? وإذ استسقى موسى لقومه فقلنا اضرب بعصاك البحر فانفجرت منه اثنتا عشرة عينا قد علم كل أناس مشربهم كلوا وشربوا من رزق الله {البقرة 60

• ? وكفلها زكريا كلما دخل عليها زكريا المحراب وجد عندها رزقا قال يا مريم أنى لك هذا قالت هو من عند الله إن الله يرزق من يشاء بغير حساب {عمران 37

• ? وما أنزل الله من السماء من رزق فأحيا به الأرض بعد موتها {الجاثية 5

• ? وكأين من دابة لا تحمل رزقها الله يرزقها وإياكم {العنكبوت 60

وكان الماء الذي انفجر من الحجر لما ضربه موسى بعصاه هو والمنّ والسلوى الذي نزل على بني إسرائيل مع موسى هما رزق الله بغير جهد منهم ولا كسب، أمروا أن يأكلوا ويشربوا منه، وكان ما يلقى إلى مريم من رزق وهي في المحراب هو رزق الله إياها من غير كسب منها ولا جهد، وكان الماء الذي نزله الله من السماء هو رزق الله الدواب والناس من غير جهد منهم ولا كسب.

وإنما وقع في الكتاب رزق ربنا على ما اكتسبه المكلف من تمام نعم ربه عليه كما في قوله:

• ? لقد كان لسبإ في مسكنهم آية جنتان عن يمين وشمال كلوا من رزق ربكم واشكروا له بلدة طيبة ورب غفور {سبأ 15

• ? قال يا قوم أرأيتم إن كنت على بينة من ربي ورزقني منه رزقا حسنا {هود 88

ويعني أن أهل سبإ كانوا يحرثون ويأكلون من الجنتين ويعني أن شعيبا كان قويا كاسبا يأكل من كسبه ولم يكن متسولا يسألهم رزقا.

فأما بيان ما كلف الله به من العبادة فكما في قوله} اعبدوا الله {وقوله} اتقوا الله {وقوله} وقوموا لله قانتين {البقرة 232.

وأما بيان أسباب العبادة التي أمدّ الله بها المكلفين وأعانهم بها ليعبدوه فكما في قوله} فابتغوا عند الله الرزق واعبدوه واشكروا له {العنكبوت 17 من قول إبراهيم يعني اسألوا الله أن يرزقكم لتقوى أجسامكم على الطاعة والعبادة، وقوله} وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون ما أريد منهم من رزق وما أريد أن يطعمون إن الله هو الرزاق ذو القوة المتين {الذاريات 56 ـ 58 يعني أن الله يرزق الإنس والجن ليتمكنوا بالرزق والقوت من العبادة، وكما في قوله} خلق الله السماوات والأرض بالحق {العنكبوت 44 أي لأجل أن يعبد ويذكر فيهما.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير