وكذلك دلالة استعجال المشركين نفاذ موعودات القرآن ليتأتى للرسول به وللمؤمنين معه ادعاء أنهم من الصادقين، وهكذا فقد سأل إبراهيم الخليل ربه أن ينجز وعده ليصدقه المتأخرون الذين سيشهدون نفاذ الوعد من الله على لسان إبراهيم بعدما كذبه المعاصرون الذين لم يحضروا نفاذها بل كانت لهم غيبا بعيدا كما هي دلالة قوله ? واجعل لي لسان صدق في الآخرين ? الشعراء 84 ودلالة قوله ? ووهبنا له إسحاق ويعقوب وكلا جعلنا نبيا ووهبنا لهم من رحمتنا وجعلنا لهم لسان صدق عليا ? مريم 49 ـ50 ويعني أن الله قد أنجز في المتأخرين ما وعدهم به على لسان إبراهيم وإسحاق ويعقوب وأن المتأخرين قد علموا صدق كل منهم.
وكذلك دلالة حرف آل عمران الذي يعني تكليف المؤمنين بالغيب الإيمان بأن ما وعدهم الله به مأتي ينتظرونه ويدعون الله ليصبح شهادة يشهدونه ويؤمنون له بعد أن كانوا مؤمنين به.
أما ما وعد الله به محمدا ? في القرآن فلن يجد الناس فيه ـ يوم يصبح شهادة في الدنيا ـ اختلافا بينه وبين وعد الله في القرآن كما هي دلالة قوله:
• ? قل صدق الله ? آل عمران 95
• ? اتل ما أوحي إليك من كتاب ربك لا مبدل لكلماته ? الكهف 27
• ? ولقد كذبت رسل من قبلك فصبروا على ما كذبوا وأوذوا حتى أتاهم نصرنا ولا مبدل لكلمات الله ولقد جاءك من نبإ المرسلين ? الأنعام 34
• ? وتمت كلمة ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم ? الأنعام 115
• ? ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة لا تبديل لكلمات الله ذلك هو الفوز العظيم ? يونس 62 ـ 64
• ? والذاريات ذروا فالحاملات وقرا فالجاريات يسرا فالمقسمات أمرا إنما توعدون لصادق وإن الدين لواقع ?
ويعني حرف آل عمران أن من القول في القرآن وهو الذي سيتم نفاذه بعد حياة النبي ? أن سيعلم الناس صدق الله فيما أخبر به في القرآن أي سيشهدون ويحضرون مطابقة الغيب مع ما أخبر الله منه في القرآن، ومنه أن سيسمعون التوراة تتلى عليهم ومنها قوله ? كل الطعام كان حلا لبني إسرائيل إلا ما حرم إسرائيل على نفسه من قبل أن تنزل التوراة ?. وكما سيأتي بيانه في من أصول التفسير وفي كلية الكتاب
ويعني حرف الكهف أن من سنة النبي الأمي ? التي كلف بها أن يتلو الكتاب المنزل عليه، ولما كانت تلاوة النبي ? كتاب ربه المنزل عليه مما كلف به أي من سنته كما بينت في حوار مع الأصوليين فإن جميع المؤمنين به تبع له مكلفون كذلك بتلاوة القرآن وتدبره وانتظار نفاذ كلمات ربنا التامات أي التي سيتم نفاذها، ولن يتخلف عن تلاوة القرآن وتدبره إلا من رغب منهم عن سنة نبيه ?، وأما قوله ? لا مبدل لكلماته ? فهو مما وعد الله به في الكتاب المنزل أن يتم نفاذ موعوداته وأن لا مبدل لها.
ويعني أول الأنعام أن من كلمات الله أي موعوداته أن نصر الله قد تنزل من قبل على الرسل بالآيات بعد صبرهم على التكذيب والإيذاء وأن ذلك الوعد لا مبدل له بعد نزول القرآن بل لا يزال منتظرا كما بينت في كلية الرسالة.
ويعني ثاني الأنعام أن جميع الغيب في القرآن سيصبح شهادة في ظل الذين سيؤتيهم ربهم الكتاب ويومئذ يعلمون رأي العين أن محمدا ? مرسل من ربه بالقرآن إذ قد تمت أي نفذت موعوداته صدقا وعدلا، والقطع كذلك بأنها لا مبدل لها هو من الوعد في القرآن.
ويعني حرف يونس أن من كلمات الله أي موعوداته قوله عز وجل ? ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون الذين آمنوا وكانوا يتقون لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة ? فهو من وعد الذي وعد به ولا تبديل له كما بينته في كلية ليلة القدر.
وسيأتي ضمن بيان الأحرف السبعة أن كلمات الله وكلمات ربنا في سياق الوعد في الدنيا هي من حرف الوعد في الدنيا، وأما في سياق اليوم الآخر فهي من الوعد في الكتاب.
ويعني حرف الذاريات القسم من الله على أن الوعد في الكتاب المنزل وعد صادق أي لا اختلاف بينه يوم نفاذه وبين ما وصفه الله به في القرآن قبل عشرات القرون.
بيان الأحرف السبعة
الحرف الأول: الأسماء الحسنى
دلالة الاسمين الله رب العالمين
¥