ولقد تضمن الكتاب الأمر بذكر الله بأسمائه الحسنى ودعائه بها ومنه} في بيوت أذن الله أن ترفع ويذكر فيها اسمه {النور 36 ومن المثاني معه قوله} ومن أظلم ممن منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها {البقرة 114، ومنه ما تضمنت سورة الأعراف والإسراء وطه والحشر من الأمر بدعاء الله بأسمائه الحسنى.
وأما فاتحة العلق} اقرأ باسم ربك الذي خلق {فلإظهار أن قراءة النبي الأمي r القرآن من أوله إلى آخره كما نزله جبريل على قلبه هي خارقة معجزة لا يقدر عليها أحد من العالمين وإنما تمت باسم ربه الذي خلق كما أن خلق الإنسان من علق لا يقدر عليه غير ربه فكذلك قراءة النبي الأمي r القرآن لا يقدر على إيقاعها غير ربه، وقد يحسب الجاهل ذلك مبالغة بل لو أبدل النبي الأمي r اسما من أسماء الله الحسنى بآخر منها أو حرفا بآخر ولو كان من فواتح السور التسع والعشرين لانخرمت المثاني في الكتاب ولفسد نظم الكلام ومعناه ولوقع فيه اختلاف كثير كما سأثبته إن شاء الله ولبطل وصف البدل بأنه من كلام الله.
إن القرآن هو من عند الله وإنما محمد r رسول الله به وخاتم النبيين بلغ وحي الله ولم يزده حرفا أو ينقصه منه رغم أنه كان أميا لا علم له بالكتاب والإيمان قبل نزول الوحي عليه كما في قوله} بما أوحينا إليك هذا القرآن وإن كنت من قبله لمن الغافلين {يوسف 3 ومن المثاني معه قوله} وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان {الشورى 52، وهكذا كانت قراءة النبي الأمي r قد تمت باسم ربه لأنها خارقة معجزة، وكانت قراءة القرآن بعدها غير خارقة فابتدئت الفاتحة كما السور بقوله} باسم الله الرحمن الرحيم {وتعني أنها كسائر العبادات يسع كلا طاعتها وعصيانها.
الأسماء الحسنى
إن الوعد غير المكذوب كما في قوله} فقال تمتعوا في داركم ثلاثة أيام ذلك وعد غير مكذوب {هود 65 هو الوعد الحسن كما في قوله} أفمن وعدناه وعدا حسنا فهو لاقيه {القصص 61 وكما في قوله} قال يا قوم ألم يعدكم ربكم وعدا حسنا {طه 86.
وإن قوله} ونريد أن نمن على الذين استضعفوا في الأرض ونجعلهم أئمة ونجعلهم الوارثين ونمكن لهم في الأرض ونري فرعون وهامان وجنودهما منهم ما كانوا يحذرون {القصص 5 ـ 6 لمن الوعد الحسن أي غير المكذوب، وقد وقع لما وافق الأجل الذي جعل الله له كما في قوله} وأورثنا القوم الذين كانوا يستضعفون مشارق الأرض ومغاربها التي باركنا فيها وتمت كلمة ربك الحسنى على بني إسرائيل بما صبروا ودمرنا ما كان يصنع فرعون وقومه وما كانوا يعرشون {الأعراف 137 ويعني أن كلمة ربنا الحسنى التي تمت أي نفذت هي وعده المذكور في القصص.
وإن من تفصيل الكتاب وأصول الخطاب أن الأسماء الحسنى حيث وقعت في الكتاب والقرآن فإنما لبيان وعد وعده الله سيتم إذا وافق الأجل الذي جعل الله له وهو الميعاد، ولو عقل الناس لانتظروا الميعاد وسيلاقون وعد الله ويجدونه وعدا حسنا غير مكذوب، وهكذا فلم يأت في الكتاب والقرآن ذكر أسماء الله الحسنى في سياق ما مضى وانقضى من القدر وإنما في سياق المنتظر منه، وما وجدته كذلك في سياق الماضي المنقضي فهو وعد أن يقع مثله بعد نزول القرآن وإن من تفصيل الكتاب أنه مسبوق بقوله} وكان {وكما سيأتي بيانه مفصلا.
الرحمان الرحيم
ومن الأسماء الحسنى اسمه الرحمان الرحيم ويعني حيث وقع في القرآن أن وعدا حسنا غير مكذوب سيلاقيه في الدنيا المرحوم من الرحمان الرحيم فلا يعذب أو سيكشف عنه الضر، ويعني حيث وقع في الكتاب أن وعدا حسنا غير مكذوب سيلاقيه المرحوم من الرحمان الرحيم فينجيه من العذاب الموعود في اليوم الآخر برحمته كما في قوله:
• ? قل إني أخاف إن عصيت ربي عذاب يوم عظيم من يصرف عنه يومئذ فقد رحمه وذلك الفوز المبين {الأنعام 15 ـ 16
• ? وقهم السيئات ومن تق السيئات يومئذ فقد رحمته وذلك هو الفوز العظيم {غافر 9
ويعني حرف الأنعام أن المرحوم في اليوم الآخر هو من صرف عنه العذاب.
ويعني حرف غافر أن المرحوم في يوم القيامة هو من وقاه الله السيئات فلم تعرض عليه ولم يحاسب بها.
وكما في قوله:
• ? قال لا عاصم اليوم من أمر الله إلا من رحم وحال بينهما الموج فكان من المغرقين {هود 43
¥