ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[04 Jan 2008, 04:47 م]ـ
أشكر أخي الباحث حسين المطيري على هذه الإضافة، وأرى أن كلام الشيخ محمدأبو شهبة ـ رحمه الله تعالى ـ فيه إشكال:
إنه ـ رحمه الله ـ جعل مقدمة كتاب المباني الذي ابتدأ مؤلفه كتابته في سنة 425 كما أفصح عن ذلك في بداية هذه المقدمة = أقدم ما اطلع عليه في كتب علوم القرآن.
وفي هذا إشكال من جهتين:
الأول: إن هذه مقدمة لكتاب التفسير الذي سيكتبه صاحب المباني، وليست كتابًا مستقلاً كما يُفهم من عمل المستشرق بإخراجها مفردة عن التفسير.
الثاني: لو كانت كتابًا مستقلاً، فهل عنون لها مؤلفها؟
وهل سماها (علوم القرآن)؟
وهل المعتبر عند الشيخ محمد ـ رحمه الله ـ هذا العنوان الذي صنعه المستشرق أو المضمون الذي اكتنزته هذه المقدمة.
أما إذا كان المعتبر تسمية المستشرق، فتلك مشكلة ظاهرة لا تحتاج إلى ردٍّ.
وأما إذا كان المضمون هو المعتبر، فإن هذه المقدمة قد سُبقت بكتب تحتوي على مضمون علوم القرآن، كما هوالحال في كتاب (فهم القرآن) للحارث المحاسبي (ت: 342).
وعندي: أن من مشكلات البحث في (مصطلح علوم القرآن) أن الباحث ينطلق من المصطلح من حيث استقراره عندنا، ولا يتتبع تعامل العلماء مع هذا المصطلح ولا مع مضمونه.
وقد أحدث ذلك عند الشيخ محمد ـ رحمه الله تعالى ـ أ ن جعل كتاب الحوفي تفسيرًا محضًا، والعجيب أنه وازنه بكتاب القرطبي ـ مثلاً ـ مع اختلافهما في أداء معلومات التفسير وعلوم القرآن.
وعندي أن عمل الحوفي ـ ومن سار على هذا المنهج ـ (1) أنه خلط بين العلمين، فيمكن اعتباره كتاب تفسير من جهة، ومن جهة أخرى يمكن اعتباره من كتب علوم القرآن، ويكون أسلوب هذا الكتاب هو أحد الأساليب التي طرح العلماء بها علوم القرآن، وبهذا لا نغفل مراد المؤلف ولا المادة العلمية التي حواها كتابه.
ومن خلال نظري في تاريخ علوم القرآن رأيت أن بعض من كتب في تاريخ علوم القرآن =أغفل هذه الكتب، ولم يعدَّها في تاريخ هذا العلم، وذلك ـ في نظري ـ لأنه يبحث عن كتبٍ سارت على المصطلح الذي في ذهنه، ولم يبحث عن علوم القرآن كما هي في تاريخ التدوين الذي تنوع عند العلماء.
ولأجل هذا الطريقة في البحث في تاريخ علوم القرآن غفل الشيخ محمد ـ رحمه الله ـ عن عدِّ هذا النوع من التأليف في مراحل التأليف في كتب علوم القرآن.
وأما اعتراضه ـ رحمه الله ـ على شيخه الزرقاني ـ رحمه الله ـ في اسم كتاب الحوفي؛ فقد بان أنه ليس بصواب، وذلك بما نقلت عن تلميذين من تلاميذ الحوفي، كلاهما يسميان الكتاب (البرهان في علوم القرآن).
ــــــــــــــــــ
(1) قد ذكرت بعض هذه الكتب التي وقفت على طريقة مؤلفيها في كتابي (المحرر في علوم القرآن).
ـ[أبو العالية]ــــــــ[05 Jan 2008, 12:58 م]ـ
الحمد لله، وبعد ..
أظن من حكم على مصنف الحوفي؛ فحكمه من خلال ما كُتِب عنه؛ إذ لم أجد أحداً ذكر أنه وقف عليه من المتقدِّمين.
ولو وقف عليه باحث قديم، واستجلى مادته ومنهجه؛ لظهر لنا أن الكتاب في التفسير أو في علوم القرآن بكل وضوح لا بالاكتفاء باسم عنوان الكتاب؛ فهذا فيه ما فيه من مجانبة الصواب.
وعليه؛ فقد وقف علي بعضه شيخنا الدكتور خالد السبت حفظه الله، وبعد النظر فيه قال:
(ألفيته كتاباً من كتب التفسير، وطريقته في تفسيره:
_ أنه يورد الآيات القرآنية.
_ ثم يتكلم على الإعراب.
_ والوقف والتمام.
_ وما تضمَّنته الآيات من فوائد.
_ ثم تجده يقول: القول في القراءة.
_ ثم يقول: القول في المعنى والتفسير، وهكذا.
فهو كتاب تفسير مرتب على نحو ما سبق.
ثم ختم المبحث فقال:
والحاصل أنه من المتعذِّر القول؛ بأن كتاباً بعينه هو أول ما كُتِب في هذا الفن كما أسلفت، لكن الأحسن أن يقال: أول ما وقفنا عليه من مؤلفات هذا الفن) دراسته للمناهل (1/ 41 – 42)
وممن وقف عليه أيضاً الدكتور. حازم حيدر في دراسته (علوم القرآن بين البرهان والإتقان) (96 - 98) فأفاد بنحو ما ذُكِر.
ورجَّح أن المحاسبي هو من طابق العنوان والمحتوى في هذه التسمية.
وعليه فيقال:
_أن الحوفي رحمه الله يعد كتابه من كتب التفسير، وممن صرَّح بأن له كتاباً في التفسير:
- السيوطي في طبقاته (70) فقال: (له تفسير جيد). بَيْد أنه لم يُصرِّح باسمه، واقتصر على ذكر أنه له تفسيراً.
- الدَّاودي في طبقاته (1/ 388) فقد نقل قول السيوطي، وزاد عليه بالتصريح باسمه فقال: (له تفسير جيد، سمَّاه: (البرهان في تفسير القرآن)
- الأدنه وي في طبقاته (110) فقال: (وله التفسير المسمى: بالبرهان في تفسير القرآن) كُتِب في بعض المواضع هكذا، وهو تفسير جيد، في أربعة أسفار ضخام، وأعرب فيه ما يحتاج إلى إعراب.)
وفي عبارة الأدنه وي قلق حين قال: (كُتِب في بعض المواضع هكذا) وكأنها تشير إلى أن في بعض المواضع _ وقد تكون الأغلب _ بخلافه.
لكن تسميته بالتفسير فيها ترشيح له بأنه في التفسير لا علوم القرآن.
_ الإعلام للزِّرِكْلي (4/ 250) أيضاً صرح بأنه في تفسير القرآن.
_ وفي فهرست مصنفات تفسير القرآن الذي أعدّه مركز الدراسات القرآنية (1/ 114) آخر الترجمة ذكروا أن الداودي والحاج خليفة سمَّياه بـ (البرهان في تفسير القرآن) وقالوا: وهو في التفسير، والمؤلف تبع شيخه الأُدْفُوي، وتأثر به في المنهج أيضاً.) أهـ. أي: في كتابه (الاستغناء في علوم القرآن) وهو كتاب تفسير. وأظن هذا كافٍ لترجيح التسمية بالتفسير لا بالعلوم، ثم وإن صحَّت التسمية بالعلوم فتخرج على أنه مصطلح شاع اطلاقه على التفسير. انظر علوم القرآن بين البرهان والاتقان (102)
وينظر في قصة الشافعي الذي ذكرها د. محمد صفاء شيخ في كتابه علوم القرآن من خلال مقدمات التفاسير (1/ 116) فإن صحَّت؛ فيقال بأنه أول من عرف مضمون علوم القرآن، لا سيما وأنه قد فصَّل فيه وذكر بعضاً من هاته العلوم.
ولكن بقي أن يُخرَّج ما ذكره الشيخ د. أبو عبد الملك، وهذا يحتاج إلى مزيد نظر.
والله أعلم
¥