• وذكر بعضهم في القرع فوائد، منها: سرعة نباته، وتظليلُ ورقه لكبره، ونعومته، وأنه لا يقربها الذباب، وجودة أغذية ثمره، وأنه يؤكل نيئا ومطبوخا بلبه وقشره أيضا. وقد ثبت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يُحِبّ الدُّبَّاء، ويتتبعه (6) من حَوَاشي الصَّحْفة (7) (8).
• واختلف المفسرون: هل كُشف عنهم العذاب الأخروي مع الدنيوي؟ أو إنما كشف عنهم في الدنيا فقط؟ على قولين، أحدهما: إنما كان ذلك في الحياة الدنيا، كما هو مقيد في هذه الآية. والقول الثاني فيهما لقوله تعالى: {وَأَرْسَلْنَاهُ إِلَى مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ فَآمَنُوا فَمَتَّعْنَاهُمْ إِلَى حِينٍ} [الصافات: 147، 148] فأطلق عليهم الإيمان، والإيمان منقذ من العذاب الأخروي، وهذا هو الظاهر، والله أعلم.
• وقوله: {إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا}: قال الضحاك: لقومه، {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} [أي: نضيق عليه في بطن الحوت. يُروَى نحو هذا عن ابن عباس، ومجاهد، والضحاك، وغيرهم، واختاره (7) ابن جرير، واستشهد عليه بقوله تعالى: {وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ لا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا} [الطلاق:7]. وقال عطية العَوفي: {فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ} (8)، أي: نقضي عليه
• قال ابن مسعود: ظلمة بطن الحوت، وظلمة البحر، وظلمة الليل. وكذا روي عن ابن عباس (1)، وعمرو بن ميمون، وسعيد بن جُبَير، ومحمد بن كعب، والضحاك، والحسن، وقتادة.
• وقوله: {فَظَنَّ أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ} فيه وجهان من التفسير لا يكذب أحدهما الآخر:
o الأول أن المعنى {لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ} أي لن نضيق عليه في بطن الحوت. ومن إطلاق «قدر» بمعنى «ضيق» في القرآن قوله تعالى: {الله يَبْسُطُ الرزق لِمَنْ يَشَآءُ وَيَقَدِرُ} [الرعد: 26] أي ويضيق الرزق على من يشاء، وقوله تعالى: {لِيُنفِقْ ذُو سَعَةٍ مِّن سَعَتِهِ وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنفِقْ مِمَّآ آتَاهُ الله} [الطلاق: 7] الآية. فقوله: {وَمَن قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ} أي ومن ضيق عليه رزقه.
o الوجه الثاني أن معنى {أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ} لن نقضي عليه ذلك. وعليه فهو من القدر والقضاء. «وقدر» بالتخفيف تأتي بمعنى «قدر» المضعفة: ومنه قوله تعالى: {فَالْتَقَى المآء على أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ} [القمر: 12] أي قدره الله.
o أما قول من قال: إن {أَن لَّن نَّقْدِرَ عَلَيْهِ} من القدرة فهو قول باطل بلا شك. لأن نبي الله يونس لا يشك في قدرة الله على كل شيء، كما لا يخفى.
• وقوله في هذه الآية الكريمة: {مُغَاضِباً} أي في حال كونه مغاضباً لقومه. ومعنى المفاعلة فيه: أنه أغضبهم بمفارقته وتخوفهم حلول العذاب بهم، وأغضبوه حين دعاهم إلى الله مدة فلم يجيبوه، فأوعدهم بالعذاب. واعلم أن قول من قال {مُغَاضِباً} أي مغاضباً لربه كما روي عن ابن مسعود، وبه قال الحسن والشعبي وسعيد بن جبير، واختاره الطبري والقتبي، واستحسنه المهدوي يجب حمله على معنى القول الأول.أي مغاضباً من أجل ربه.
• وبين في بعضها: أن الله تداركه برحمته. ولو لم يتداركه بها لنبذ بالعراء في حال كونه مذموماً، ولكنه تداركه بها فنبذ غير مذموم
• وقوله: {لولا أن تداركه نعمة من ربّه لَنُبذ بالعراء} وتنكير {نعمة} للتعظيم لأنها نعمة مضاعفة مكررة
• قال بعض العلماء: في إنبات القرع عليه حكم جمة ; منها أن ورقه في غاية النعومة، وكثير وظليل، ولا يقربه ذباب، ويؤكل ثمره من أول طلوعه إلى آخره، نيا ومطبوخا، وبقشره وببزره أيضا. وفيه نفع كثير وتقوية للدماغ وغير ذلك.
-الفوائد المستنبطة:
• تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة، وسواء (دنيا وآخرة)
• ضرورة الالتجاء إلى الله في الشدائد
• منزلة التسبيح ومكانته.
• الصبر عند الشدائد ولا يشترط أن تكون مالية كما يظن البعض بل تشمل جميع أنواع الشدائد (النفسية، والاجتماعية، ... )
• بالصبر واليقين تنال الإمامة في الدين
• أدب الدعاء من دعاء يونس: لا إله إلا أنت، سبحانك، إني كنت من الظالمين.
• توحيد، تنزيه، اعتراف.
• حال الداعي ومكانه وأسلوب الدعاء وشعوره بشدة الحاجة والرغبة لما يطلبه من ربه.
• الاعتراف بالذنب في قوله (إني كنت من الظالمين) وسيد الاستغفار
o يا من عدا ثم اعتدى ثم اقترف ثم ارعوى ثم اهتدى ثم اعترف
o أبشر بقول الله في آياته إن ينتهوا يغفر لهم ما قد سلف
• أن الدعوة ليست جولة واحدة وفترة محددة فلا لليأس والملل.
أسأل الله أن يعلمنا ما ينفعنا وأن ينفعنا بما علمنا وأن يزيدنا علماً وعملاً ودعوة وصبرا.
ـ[عبدالله بن عمر]ــــــــ[10 Jan 2008, 01:24 ص]ـ
أيها الإخوة:
إنما التقييم للفوائد المستنبطة وجودة التحضير فلا يظن غير ذلك.
حقيقة: خجلت من نفسي لمّا لم أر ردوداً، فأردت حل الإشكال إن وجد.
وهاهو المكتوب أعلاه في ملف وورد لمن يريده (منسقاً).
¥