ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[13 Jan 2008, 11:11 م]ـ
أولاً: أحيي فيك اهتمامك بالجانب اللغوي لدرجة اكتشاف أصل هذه المادة في اللغة واستعمالاتها عند العرب وفي نصوص الكتاب والسنة وهو مركب صعب قل من يساوره من العلماء المحققين لأنه يستدعي إلماماً واسعاً بالمفردات اللغوية وأساليب العرب في تخاطبها وقراءة ناقدة للمعاجم اللغوية وما استدرك عليها
واسمح لي ببعض المناقشات تحقيقاً لمبدأ التعاون للوصول إلى الكمال المنشود
بعد الرجوع إلى أهم المعاجم والقواميس كلسان العرب، والقاموس المحيط، وتاج العروس، ومحيط المحيط، والوسيط وغيرها نقول:
إن استعمال مادة (هجر) في القرآن واللغة؛ كان في طلب الأفضل مع تحمل المشقة؛
كنت أتمنى لو رجعت للمعاجم الأصول التي اعتمدت عليها هذه المعاجم المتأخرة ومن أهمها كتاب العين للخليل بن أحمد أو أحد تلاميذه على الخلاف في نسبته وهو أول المعاجم اللغوية وكذلك تهذيب اللغة والصحاح وجمهرة اللغة وإصلاح المنطق والمحكم والمخصص
وكذلك معجم مقاييس اللغة لابن فارس الذي يعد أهم معجم تعرض لأصول الاستعمالات اللغوية.
وكذلك كتب المتقدمين في غريب القرآن والحديث فإنها من الأصول التي اعتمدت عليها المعاجم المتأخرة
وأهم منها في علم اللغة كتب علماء اللغة المتقدمين كالأصمعي ومؤرج السدوسي والكسائي وأبي عمرو الشيباني وابن سلام الجمحي والفراء وثعلب والمبرد وأبي علي القالي وأضرابهم فكتب هؤلاء من الأصول التي تعتمد عليها المعاجم اللغوية
وقد ذكر ابن فارس لهذه الكلمة أصلين:
فقال: (الهاء والجيم والراء أصلانِ يدلُّ أحدهما على قطيعةٍ وقَطْع، والآخر على شَدِّ شيءٍ ورَبْطِه).
فلعلك تراجعه في موضعه
وقد قال ابن الأثير في النهاية عن هذا الحديث: (ومنه حديث مَرضِ النبي صلى اللَّه عليه وسلم قالوا: ما شأنُه؟ أهَجَرَ؟) أي اخْتَلَف كلامُه بسبب المرضِ على سبيل الاستفهام. أي هل تَغَيَّر كلامُه واخْتَلَط لأجل ما به من المرض؟ وهذا أحْسَنُ ما يقال فيه ولا يُجْعل إخباراً فيكون إمَّا من الفُحْش أو الهَذَيان. والقائل كانَ عُمَر ولا يُظَنُّ به ذلك).
وهو يصدق على الأصل الذي ذكرته من ترك الكلام حال الصحة والاعتدال إلى الكلام الذي يقوله المريض ولا يشعر به من شدة المرض والإعياء
ولا يلزم منه أن يتكلم بكلام فاحش منكر حاش لله
ولكن كما حصل في قصة اللَّدّ فإن النبي صلى الله عليه وسلم أغشي عليه ولُدَّ وهو لا يشعر
وليس في ذلك ما يقدح في مقام النبوة بل هو من مقتضيات كونه بشراً يأكل كما يأكل الناس ويشرب كما يشربون ويمرض كما يمرضون
وأصرح منه في الدلالة حادثة سَحر النبي صلى الله عليه وسلم حتى خيّل إليه أنه يأتي الشيء وهو لا يأتيه، ليس فيه ما يقدح في مقام النبوة ولا في تبليغ الرسالة
و (الهاجرَةُ) إنّما تكون في القَيْظ وهي قَبْلَ الظُّهرِ بقليل وبَعدَه بقليل، وقيل نصف النهار عند اشتداد الحر; عند زوال الشمس إِلى العصر، وذلك أن الناس يطلبون الظل في هذا الوقت ويتركون أعمالهم، طلبًا لسلامتهم وسلامة ماشيتهم ....
تأمل معي قول امرئ القيس:
فدع ذا وسل الهم عنك بجسرة = ذمول إذا صام النهار وهجَّرا
يريد إذا استوت الشمس في كبد السماء (وصام) في هذا الموضع بمعنى سكن وأمسك عن الحركة
كما قال جزء بن ضرار الغطفاني يصف حصانه:
تقول إذا استقبلته وهو صائم = خباء على نشز أو السِّيد ماثل
وقريب من الدلالة على هذا المعنى للهاجرة قول عنترة العبسي:
ولقد شربت من المدامة بعدما = ركد الهواجر بالمشوف المعلم
والركود فيه معنى السكون.
والهواجر مشترك لفظي يطلق على وقت الظهيرة ويطلق أيضاً على القول الذي يستنكر
كما قال سلمة بن الخرشب الأنماري يهجو عامر بن الطفيل:
وإنك يا عامِ بن فارس قرزل = معيد على قيل الخنا والهواجر
فيمكن أن يقال: إن الإطلاق الثاني بينه وبين المعنى المذكور تناسب لكون الكلام المنكر غير مألوف وترك المتكلم للكلام المألوف وإتيانه بالكلام المنكر فيه معنى الهجر.
ولكن زيادة شرطي تحمل المشقة وطلب المنفعة أظنها زيادة لا تقتضيها عدة إطلاقات للألفاظ التي ترجع إلى هذا الجذر.
وفقك الله وسدد خطاك
ـ[العرابلي]ــــــــ[19 Jan 2008, 11:21 ص]ـ
أشكر لأخي الكريم على ما تفضل به
وذكري للقواميس هي الرجوع إلى المفردات المستعملة في اللغة وهي مجموعة ممن سبقهم ولو تأخر زمن بعضها
ولعلي لم أذكر كل مفردات هذا الجذر ومنها الهاجرة وهي شدة الحر في الظهر التي تدفع الناس والبهائم للبحث على أفضل منها وهو الظل والا أفضل
ما خير منها وهو الظل وانقطاع الناس عن العمل ولو كانوا مضطرين لإكماله وإنجازه
وإطلاقه على القول المستنكر دافع لسامعه على ترك صاحبه والذهاب عنه بعيدًا إلى غيره
وللعلماء جهود في نفي أن يوصف الرسول صلى الله عليه وسلم بصفة فيها ذم ونقيصة وأن يكون ذلك من الصحابة رضي الله عنهم
رضي الله عنهم.
وكلام الرسول صلى الله عليه وسلم واضح وبين وكان يقصده النبي عليه الصلاة والسلام وهجر المريض كلامه إما غير واضح وبين وإما كلام لا
غير واضح وبين وإما يدري عنه ولا يقصده وشتان بين الوصفين
وهجر المريض لغيره بفعله
والله تعالى أعلم
¥