تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

قال رحمه الله: (ومعنى الآيةِ في كلِّ قراءةٍ: النَّهيُ عنْ أن تضارَّ الوالدةُ زوجَها المطلِّقَ بسببِ ولدِهَا، وأنْ يضارَّهَا هوَ بسببِ الولدِ، أو يضارَّ الظِّئْرَ؛ لأنَّ لفظةَ نهيهِ تعمُّ الظئرَ.

وقد قالَ عكرمةُ في قولهِ: {لا تضارَّ والدةٌ}: معناهُ الظئرُ، ووجوهُ الضَّرَرِ لا تنحصِرُ، وكلُّ ما ذُكِرَ منها في التَّفاسيرِ فهو مثالٌ).

المثال الثالث:

في تفسير قوله تعالى: (منه آيات محكمات وأخر متشابهات)

قال الفقيه الإمام أبو محمد: (واختلفتْ عبارةُ المفسرينَ في تعيينِ المحكَمِ والمتشَابِهِ المرادِ بهذهِ الآيةِ، فقالَ ابنُ عباسٍ: المحكماتُ هي قوله تعالى: {قلْ تعالَوا أتلُ ما حرَّمَ ربُّكم عليكُم} إلى ثلاثة آياتٍ، وقولُه في بني إسرائيلَ: {وقَضَى ربُّكَ ألا تعبدُوا إلا إياه}.

وهذا عندي مثالٌ أعطاهُ في المحكماتِ.

وقال ابنُ عبَّاسٍ أيضاً: المحكماتُ ناسخُهُ وحلالُهُ وحرامُهُ، وما يُؤمَنُ بهِ ويُعْمَلُ، والمتشابهُ: منسوخُهُ ومقدَّمُهُ ومؤَخَّرُهُ، وأمثالُهُ، وأقسَامُهُ، وما يُؤْمَنُ بهِ ولا يُعْمَلُ بهِ.

وقال ابنُ مسعودٍ وغيرُه: المحكماتُ: الناسخاتُ، والمتشابهاتُ: المنسوخاتُ.

قال الفقيه الإمام: وهذا عندي على جهةِ التَّمثيلِ؛ أي: يُوجَدُ الإحكامُ في هذَا، والتشابهُ في هَذَا، لا أنَّهُ وقفٌ على هذا النَّوعِ منَ الآياتِ).

المثال الرابع:

قال رحمه الله: {النقيرُ}: النُّكْتَةُ التي في ظهرِ نَواةِ التَّمْرَةِ، ومنه تَنْبُتُ.

ورُوي عن عاصم: {النقير}: ما تنقُرُهُ بأصبَعِكَ.

وهذا كلُّهُ مثالٌ للحقيرِ اليسيرِ).

قلت: هذا مع اختلاف مأخذ القولين، وليس النقير في اللغة اسماً مطلقاً للحقير اليسير.

المثال الخامس:

في تفسير قوله تعالى: {الذين يؤمنون بالغيب}

قال رحمه الله: (وقولُه: {بالغيبِ}:

قالتْ طائفةٌ: معناه يُصَدِّقونَ إذا غَابُوا وَخَلَوا، لا كالمنافقينَ الذينَ يؤمنونَ إذا حَضَرُوا، ويكفُرونَ إذا غَابُوا.

وقال آخرونَ: معناهُ يُصَدِّقونَ بما غابَ عنهمْ ممَّا أخبَرَتْ بهِ الشرائعُ.

واختلفت عبارة المفسرين في تمثيلِ ذلكَ:

فقالت فرقةٌ: {الغيب} في هذهِ الآيةِ هوَ اللهُ عزَّ وجَلَّ.

وقال آخرونَ: القضاءُ والقدَرُ.

وقال آخرونَ: القرآنُ وما فيهِ منَ الغيوبِ.

وقال آخرونَ: الحشرُ والصِّرَاطُ والميزانُ والجنَّةُ والنَّارُ.

قال القاضي أبو محمد: وهذهِ الأقوالُ لا تَتَعارضُ، بل يقعُ الغيبُ على جميعِهَا.

والغيبُ في اللُّغَة: ما غابَ عنكَ منْ أمرٍ، ومن مطمئن الأرض الذي يغيب فيه داخله).

قلت: مع أن المراد بالغيب في الآية ليس عموم المدلول اللغوي، وإنما هو الغيب المعهود عهداً ذهنياً مما تعبَّدَنا الله تعالى بالإيمان به، ولم نؤمر بالإيمان بكل ما غاب عنا على إطلاق المعنى اللغوي، وإنما المراد ما أُخبرنَا بهِ عن طريقِ الشَّرعْ.

فبالتمعن في هذه الأمثلة أرجو أن يتضح لكم جواب السؤال حفظكم الله وسددكم

وزادكم من فضله وتوفيقه

ـ[الميموني]ــــــــ[25 Jan 2008, 03:18 م]ـ

جزاكم الله خيراً

ومن كلام الإمام ابن عطية حول هذا قوله:

(واختلف الناس في {المحروم} اختلافاً، هو عندي تخليط من المتأخرين، إذ المعنى واحد، وإنما عبرعلماء السلف في ذلك بعبارات على جهة المثالات فجعلها المتأخرون أقوالاً وحصرها مكي ثمانية) اهـ.

وكذلك اختار الطبري العموم.

قال الطبري: (والصواب من القول في ذلك عندي أنه الذي قد حُرم الرزق واحتاج، وقد يكون ذلك بذهاب ماله وثمره، فصار ممن حرمه الله ذلك، وقد يكون بسبب تعففه وتركه المسألة، ويكون بأنه لا سهم له في الغنيمة لغيبته عن الوقعة، فلا قول في ذلك أولى بالصواب من أن تعمّ، كما قال جلّ ثناؤه (وَفِي أَمْوَالِهِمْ حَقٌّ لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ).

) 22/ 413

وقال القرطبي: (وروى ابن وهب عن مالك: أنه الذي يحرم الرزق، وهذا قول حسن، لانه يعم جميع الاقوال).

17/ 39

http://tafsir.org/vb/showthread.php?t=10472

ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[25 Jan 2008, 04:15 م]ـ

لقد استخرجت جل ما يتعلق بأصول التفسير من كتاب الإمام ابن عطية رحمه الله تعالى منذ ما يقرب من ثمانية عشر سنة، وكنت منذ زمن أودُّ أن أطرح هذا الموضوع، وأفكر في طريقة عرضه، ولما رأيت مشاركة أخي الدكتور عبد الله الميموني التي طلب فيها أن تجمع اختيارات الإمام ابن عطية التي فيها لطائف و تنبيهات في موضوع على حدة؛ جدَّد ذلك في نفسي الرغبة في العودة إلى هذا الموضوع، فأسأل الله أن لا يحرمه أجر ما أكتب ن إذ دعوته تلك سبب قوي في تحريكي إلى هذه الوقفات.

وظهر لي أن أحلي هذه النقول ـ التي أذكرها عن ابن عطية ـ ببعض التعليقات ليهتدي المترقي في علم التفسير إلى منهج هذا الإمام في التفسير، وليستفيد من طريقته حال قراءته لكتب التفسير أو حال ممارسته للتفسير، وأسأل الله أن يرزقني وإياكم الإخلاص في القول والعمل، وأن يبارك لي في وقتي لإتمام هذا العمل وغيره، إنه سميع مجيب.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير