على قلته، فلم نطل كتابنا هذا بإعادته، وقد ضممنا معه شطراً صالحاً كتابنا المسمى " البيان الموجز في علوم القرآن المعجز " ومن نظر فيه أرشف على ما يبتهج بدراسته، ويغتبط باستفادته بتوفيق الله تعالى وهدايته)).
الفائدة الثانية: مذهب الصحابة في العموم
قال المعافى: ((حدثنا أحمد بن إسحق بن بهلول إملاءً في يوم الاثنين لخمس ليال بقين من شعبان سنة ست عشرة وثلثمائة، قال: حدثنا أبي، عن أبيه، عن أبي شيبة، عن هشام بن عروة، عن أبيه، عن عائشة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن من الشعر حكماً، وإن أصدق بيت تكلمت به العرب قول الشاعر: ألا كل شيء ما خلا الله باطل "
مذهب للمؤلف في الصغير
قال القاضي أبو الفرج: هذا البيت الذي حكاه النبي صلى الله عليه وسلم عن قائله من الشعراء هو للبيد بن ربيعة، افتتح به كلمة فقال في أولها:
ألا كل شيءٍ ما خلا الله باطل ... وكل نعيم لا محالة زائلُ
وبعده:
وكل أناسٍ سوف تدخل بينهم ... دويْهيةٌ تصفرُّ منها الأنامل
وقد روى أن عثمان رضوان الله عليه، لما سمع قوله: وكل نعيم لا محالة زائل، قال كذب، نعيم أهل الجنة لا يزول، وهذا القول من عثمان يدل على أن مذهب القوم في العموم هو جارٍ في لغتهم على الشمول عند تجرده واستغراق الجنس بإطلاق لفظه)) الجليس الصالح 1: 218)
الفائدة الثالثة: الصهيبي الذي يُمتحن به القراء:
قال المعافى: ((وحدثني أحمد بن كامل، قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن القاسم المعروف بأبي العيناء، قال: أتيت عبد الله بن داود الخريبي فقال لي: قد حفظت القرآن، قال: فاقرأ: " واتل عليهم نبأ نوحٍ إذ قال لقومه "، قال: فقرأت العشر حتى أنفدته، قال: اذهب فتعلم الفرائض، قال: فلت: قد حفظت الصلب والجد والكبر، قال: فأيما أقرب إليك، ابن أخيك أو عمك؟ قال: قلت: ابن أخي، قال: ولم؟ قال: قلت: لأن ابن أخي من أبي، وعمي من جدي، قال: اذهب الآن فتعلم العربية، قال: قلت: قد علمتها قبل ذين، قال: فلم قال عمر بن الخطاب حين طعن: يا لله للمسلمين، لم فتح تلك اللام وكسر هذه؟ قال: قلت: فتح تلك للدعاء ومسر هذه للاستنصار قال: لو حدثت أحداً لحدثتك.
قال القاضي: قلت لابن كامل أمل هذا الحديث: ما أنصفه لما أوقع به هذه المحنة، وأسرع بما لم ينكره من الإجابة، بمنعهما التمس من الفائدة، فضحك.
قال القاضي: هذا العشر الذي استقرأه الخريبي أبا العيناء يعرف بالصهيبي ويمتحن به من يتعاطى الحفظ من القراء، وله حديث نذكره فيما يأتي من مجالسناً هذه إن شاء الله، وأما اللام في الموضعين من هذين فإن أئمة النحويين من الكوفيين والبصريين رووها مفتوحة في الموضعين، وإذا قيل: يا للقوم، فهو استغاثة تفتح فيه لام المدعو، وإذا قيل: للماء فالكسر لازم لام المدعو له أو إليه، كأنه قال: أدعوكم للماء، وقال الشاعر:
يالَ بكرٍ انشروا لي كليباً ... يالَ بكرٍ أين أين الفرار؟
وقال الأعشى:
يالَ قيس لما لقينا العاما
أي أدعوكم لهذا، وشرح واستقصاء فروعه وعلله يطول، وله موضع غير هذا.
وصية الحجاج بأهل البصرة
حدثنا الحسين بن أحمد الكلبي: قال: حدثنا محمد بن زكريا، قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عائشة: قال: حدثني أبي: قال: أراد الحجاج الخروج من البصرة إلى مكة فخطب الناس، فقال: يا أهل البصرة إني أريد الخروج إلى مكة وقد استخلفت عليكم محمداً ابني وأوصيته فيكم بخلاف ما أوصى به رسول الله صلى الله عليه وسلم في الأنصار، فإنه أوصى في الأنصار أن يقبل من محسنهم ولا يتجاوز عن مسيئهم، ألا وإني قد أوصيته فيكم ألا يقبل من محسنكم ولا يتجاوز عن مسيئكم، ألا وإنكم قائلون بعدي كلمة ليس يمنعكم من إظهارها إلا الخوف، ألا وإنكم قائلون: لا أحسن الله له الصحابة، إني معجلٌ لكم الجواب: لا أحسن الله عليكم الخلافة)) الجليس الصالح 1: 289 ـ 290).
ــــــــــــــــــــــــــــــ
(1) استفدت أيضًا من الكتبة الشاملة لرصد بعض القضايا التي طرحتها.
(2) يُنظر في هذا ماكتبه محققو كتاب الجليس الصالح (الدكتور محمد مرسي الخولي والدكتور إحسان عباس).
(3) هكذا ورد في كتابه (الجليس الصالح) مرة (علم) ومرة أخرى (علوم)، فهل هو من المؤلف، أو هو من النساخ؟ الله أعلم.
ـ[فهد الوهبي]ــــــــ[17 Feb 2008, 12:51 م]ـ
جزاك الله خيراً فضيلة الدكتور على هذه الفوائد ..
وهل الكتاب مفقود أو مخطوط؟.
ـ[بدر الجبر]ــــــــ[18 Feb 2008, 08:48 م]ـ
ذكر محقق كتاب ابن فضال المجاشعي (النكت في القرآن) أن هناك مخطوطةمحفوظة بدرا الكتب القومية بالقاهرة برقم 1199, باسم (مشكل إعراب القرآن) للجريري (توفي بعد 780هـ) -كما ذكر المحقق- فمن الجريري هذا؟ أرجو منكم الإفادة ومن لديه معلومة عن هذه المخطوطة.
ـ[أبو عبيدة الهاني]ــــــــ[27 Jun 2009, 09:39 م]ـ
وقفت ـ بحمد الله تعالى ـ على الجزء الرابع من تفسير أبي الفرج النهرواني، وهو من الجواهر الفريدة المفقودة.
¥