: {لا يرحم الله من لا يرحم الناس}، فكان في دعاء السيدة مريم تذكير بذكرها للتقوى، فهي بذلك ترحم هذا
الشخص من فعل المعصية، لتحظى برحمة الله تعالى في هذه اللحظة، والرحمن: هو ذو الرحمة الشاملة لجميع
الخلائق في الدنيا وللمؤمنين في الآخرة، فكأنها لا تزكي نفسها في هذه اللحظة عليها السلام وهذا أيضا من أسباب
استجابة الدعاء.
والله أعلم وأحكم."
وقلت:
"لقد رجعنا إلى النقطة الأساسية التي جعلتني أفكر في هذا الموضوع منذ أشهر، فكيف تقول السيدة مريم لرجل لا تعرف من هو دخل عليها فجأة:
{إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيّا}
فالإشكال: يتركز في نقطة وهي: كيف لها أن تقول لرجل لا تعرفه إن كنت أنت فعلا تقي؛ فإني أعوذ بالرحمن منك.
فالرحمن رب كل المخلوقات والذي سبقت رحمته غضبه قادر على أن يعيذها من كل المخلوقات البر والفاجر، لكن إذا افترضنا:
1 - أن هذا الرجل فاجر في ما سبق من حياته - كرم الله جبريل عليه السلام - فيناسب أن يكون المعنى: " إن كنت لا تخاف الله فإني أعوذ بالله الرحمن منك ".
2 - أو" وإن كنت تخاف الله فيما سبق من حياتك، والآن لا تخافه لأنك دخلت علي في مكان وأنا مختلية بمفردي، فأنا أعوذ بالله منك ".
3 - أو إن كنت تقي الآن وتخاف الله ولا تريد بي سؤا فأنا أعوذ بالله منك.
هذا ما أفكر فيه منذ أشهر؟ "
وقلت:
"الموقف يترجح فيه أمر وهو (سوء الظن) على (حسن الظن)، وإن كان شكل الذي أمامك يشجع أو إذا صح التعبير تظن انه يمكن أن يستفيد من التذكير.
والأمر هنا حساس، لمن يتفكر فيه، فمريم عليها السلام عاقلة وذكية، والموقف ليس (فلما خياليا) بل واقعا، وموقفا شديدا، وهي لا تعلم الغيب."
المهم في آخر المطاف، قال أحد الفضلاء التالي:
" قال تعالى:
أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ
على قراءة إن يظهر أن تركيبها اللغوي يشبه قوله تعالى:
إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَنِ مِنْكَ إِنْ كُنْتَ تَقِيًّا
وما يظهر من الآية الأولى يظهر من الآية الثانية
فهذا القرآن يصدق بعضه بعضا
والله الموفق للصواب
ثم قال:
أَفَنَضْرِبُ عَنْكُمُ الذِّكْرَ صَفْحًا أَنْ كُنْتُمْ قَوْمًا مُسْرِفِينَ
ومن كسر جعلها للشرط وما قبلها جوابا لها؛ لأنها لم تعمل في اللفظ. ونظيره: "وذروا ما بقي من الربا إن كنتم مؤمنين" / القرطبي"
هذا السبب الذي جعلني أفكر في قضية الضوابط التي يجب أن تراعى في ما يخص تفسير القرآن بالقرآن الكريم.
رابط الموضوع وفيه فوائد أكثر:
http://www.ahlalhdeeth.com/vb/showthread.php?t=123193
ـ[المجلسي الشنقيطي]ــــــــ[18 Feb 2008, 11:03 ص]ـ
الحمد لله
أخي الكريم حفظك الله
في ثنايا كلامك مسائل كثيرة أجتزئ بذكر تعليق على اثنتين منها
أولا
أعود الى سؤالك وهو عنوان البحث الاصلي
هل تفسير القرآن بالقرآن على اطلاقه؟
ما ذكره الشيخ الطيار امر صحيح
فتفسير العالم للقرآن بالقرآن من جهة هو من التفسير بالنقل لكنه من جهة أخرى و بالنظر الى ان المفسر ليس بالمعصوم
ففيه شعبة من الاجتهاد من هذه الناحية ... غير أن ذلك يتفاوت بحسب دلالة القرآن ومرتبة النصوص المفسرة ... فمنها
ما يكون نصا قاطعا و منها ما يكون ظاهرا راجحا لكنه يحتمل ومنها دون ذلك .... فأما اذا فسر المجتهد القرآن بالقرآن
وكان المفسر به نصا قاطعا في المسألة فهو كما قلت لاغبار عليه كما مثلت بالطارق ... وكذلك قوله تعالى
وأورثناها قوما آخرين ... يفسر بقوله تعالى واورثناها بني اسرائيل .... وقوله تعالى مالك يوم الدين يفسر بقوله
ثم ما أدراك ما يوم الدين يوم لا تملك نفس لنفس شيئا و الامر يومئذ لله ..... وهكذا
وعموما فالتفسير كله إن لم يجئ عن رسول الله صلى اللهع ليه و سلم فهو بحسب هذه النظرة التي تفضلت بها هو
اجتهاد من غير المعصوم .. واذا كان كذلك فإن تفسير القران بالقران اعلى درجات التفسير.
أما المسألة الثانية فهس آية مريم
إني أعوذ بالرحمن منك ان كنت تقيا
فقولك إن جزء الشرط هو إني أعوذ بالرحمن منك
قولك هذا لا يستقيم وقواعد اللغة العربية ... فإنه من المعلوم في علم اللغة العربية أن جواب الشرط لا يتقدم على الشرط
¥