تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ومن غريب ما ورد في ذلك ما جاء عن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه أنه تلا قوله تعالى: (فَمَنْ كَانَ يَرْجُوا لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) (الكهف: من الآية110) وقال: إنها آخر آية نزلت من القرآن، وهذا إسناده حسن. فاستشكله الحافظ ابن كثير رحمه الله وقال: "لعله أراد أنه لم ينزل بعدها آية ناسخة – أي: تنسخها – ولا تغير حكمها، بل هي مثبتة محكمة، فكأنه لا يقصد الآخرية المطلقة، ولكن يقصد أن حكمها ثابت لم يتغير.

وهكذا ما أخرجه البخاري من حديث ابن عباس قال: نزلت هذه الآية (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ) (النساء: من الآية93) هي آخر ما نزل وما نسخها شيء.

وعند أحمد والنسائي بإسناد حسن عنه، قال:" لقد نزلت في آخر ما نزل، ما نسخها شيء"فيجاب عن ذلك بما يلي:

إما أن يقال: هي من أواخر ما نزل.

أو نقول هي آخر آية نزلت في موضوع القتل.

إشكال وجوابه:

بعد ذلك قد يقول قائل: إنه اشتهر على ألسنة الناس، وطرق أسماعهم كثيرا أن آخر ما نزل هو قول الله تعالى: (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْأِسْلامَ دِيناً) (المائدة: من الآية3)

فهذا غير صحيح إطلاقا فإن النبي صلى الله عليه وسلم بقي بعد هذه الآية مدة تزيد على الثمانين يوماً، فنزل بعدها فرائض وأحكام؛ كآية الربا، وآية الدين، وآية الكلالة.

لكن قد يشكل على هذا التقرير، معنى قوله تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) مع أن هذه الأحكام نزلت بعدها، فيمكن أن يجاب عن ذلك بما يلي:

أن يقال: إن معنى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ) أي: أكمل لهم دينهم بإفرادهم بالبلد الحرام، وإجلاء المشركين عنه حتى حجه المسلمون، لا يخالطهم المشركون، ـ كما قال ابن جرير رحمه الله ـ، ثم أيده بما أخرجه من طريق ابن أبي طلحة عن ابن عباس قال: كان المشركون والمسلمون يحجون جميعاً، فلما نزلت براءة؛ نُفِيَ المشركون عن البيت، وحج المسلمون لا يشاركهم في البيت الحرام أحد من المشركين، فكان ذلك من تمام النعمة (وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي)

إذاً: فمعنى: (اليوم أكملت لكم دينكم)، يعني: بإقرارهم بالبيت الحرام، وإفرادهم فيه، بعد أن كان المسلمون يحجون مع المشركين، فمُنِعوا في حجة أبي بكر رضي الله عنه، فحج المسلمون مع النبي صلى الله عليه وسلم في السنة العاشرة منفردين بالبيت الحرام، ما حج معهم مشرك، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر منادياً ينادي في العام التاسع، في حجة أبي بكر ــ رضي الله عنه ــ: " ألا يحج بعد العام مشرك ولا يطوف بالبيت عريان. "

هذا والله أعلم. وصلى الله وسلم وبارك على عبده ونبيه محمد وعلى آله وصحبه أجمعين

ـ[جمال القرش]ــــــــ[25 Jun 2008, 05:09 م]ـ

بارك الله فيكم ونفع بكم

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير