تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

* يبقى السؤال أيضا .. ما علاقة هذا الأمر من وجهة نظركم بنزول المسيح عليه السلام مرة أخرى وظهور المهدي المنتظر ... ؟

- دعني أشرح لك ولقرائك الأفاضل الأمر .. هناك ظاهرة إنسانية موجودة قد لا يلتفت الكثيرون إليها، وهي تحتاج إلى علماء ومن مستوى معين، أعني الذين يجمعون بين العلوم الاجتماعية والعلوم الإنسانية والشرعية والنقلية، لكي يتمكنوا من تحليل ومعرفة هذه الظواهر، ومنها ظاهرة خطيرة جداً هي ظاهرة التداخل بين الأديان.

ففي مراحل معينة تدخل بعض قضايا الأديان السابقة إلى الدين اللاحق بشكل أو بآخر، إما بعمليات التفسير والتأويل، أو من خلال عملية من الإيمان بالتواصل بين الأديان ..

والإسلام بوصفه الدين الخاتم قد انفتح على الديانات الأخرى واعتبرهم أهل كتاب من باب {ومصدقاً لما بين يديه ... }، ومن باب {ومهيمنا عليه}، وفي سبيل ذلك مد جسورًا كثيرة في اتجاههم، وأراد أن يوجد أرضية مشتركة معهم: {إن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون}، وكأنه يقول لهم: أنا بيني وبينك صلة وبيني وبينك رحم، ولكن هيهات أن يرعي بنو إسرائيل هذه الرحم أو هذه الصلة، فرفضوها رفضًا مطلقًا، وقالوا للمشركين {هؤلاء أهدى من الذين آمنوا سبيلاً} ..

نرجع لظاهر التداخل بين الأديان .. القرآن المجيد ذكر النبوات والأنبياء والمرسلين وصدق وهيمن واستوعب وتجاوز، وما كان لأحد أن يدخل من خلال القرآن الكريم؛ لأنه معصوم .. فلو أضيف حرف لبان وانكشف فلا يمكن اختراقه؛ لأنه حفظ بحفظ الله تبارك وتعالى.

ولكن التفسير عمل بشري، وهو فهم المفسرين لآيات الكتاب، وأي مفسر أو مؤول إنما يفسر أو يؤول في إطار ثقافته وقدرته وذكائه وعلمه، وكل ذلك نابع مما هو متوافر في بيئته من فنون المعرفة ..

هذه كلها تدخل في التفسير .. فإذا عرفنا أن أهل الكتاب كانوا يسكنون الجزيرة العربية، النصارى في نجران، وفي المناطق التي تسمى اليوم الجزيرة، واليهود كانوا يسكنون الحجاز _المدينة ومكة_، وقد نزحوا إلى منطقة الحجاز بالذات قبل سبعة قرون من بعثة النبي صلى الله عليه وسلم انتظارًا له .. لماذا سبعة قرون؟

بالنسبة للتوراة وعنايتها بالتاريخ والفواصل التاريخية كانت تعتبر كل أربعة عشر قرنا أو سبعة يأتي نبي يقوم بعمليات التصحيح لمن سبقه، ويجدد تراث النبيين الذين سبقوه فيما يتعلق بمن أرسل إليهم.

المقصود أن المفسر يتأثر فيما يتأثر به من مصادر ثقافته بما يسمى بالثقافة الشفوية .. فأهل الكتاب هناك كان لهم تأثيرهم من خلال تلك الثقافة الشفوية .. فنقلوا أفكارًا كثيرة .. مثلا "جعلوا الملائكة إناثا"، وفكرة أن الملائكة إناث فكرة موجودة في العقل اليهودي، فانتقلت من الثقافة الشفوية إلى العرب.

أيضاً اتهام جبريل بأنه يتصرف في الوحي أحياناً تصرفات من عنده، فقد يخون _حاشاه_ وقد يحول رسالة من واحد إلى آخر، وقد يخطئ في نقل أشياء كلف بنقلها إلى رسول قالها لرسول آخر .. هذه كلها من أفكار التوراة.

وفي إطار هذا أيضا جاء الإيمان بالقوى الخارقة للجن وتأثيراته على الإنس .. فنشروا في الجزيرة العربية فكرة الجن وسيطرته على الإنس، وكيف يمكن للجن أن يتحول كما يريد إلى ثعبان إلى حمار، إلى أي شيء، بحيث يجعل الإنسان مهزوزاً .. أي حيوان يراه يعتقد أنه ممكن أن يكون جناً .. وأهل المدينة كانوا يتهيبون قتل الأفعى السوداء على اعتبار أقنعتهم الثقافة الشفوية بأن هذا منقلب عن جن وسيضركم أهله إن قتلتموه.

وفي الأدب العربي قصص شائع حول التي يخطفها الجن وزواج الجن من الإنس، ومازالت في البيئة المدنية بالذات مثل تلك الثقافة، فهي التي ابتليت بالثقافة الشفوية من المجاورة اللصيقة باليهود .. ما زال هناك أناس يعتقدون في المخالطة مع الجن وإمكان دخول الجن في الإنس .. مع أن الله عز وجل ما جعل أي سلطان للجن علينا غير الوسوسة.

فكرة المخلص

* تقصد فضيلتك أن فكرة المهدي يمكن أن تعود طبقًا للثقافة الشفوية التي أشرت إليها إلى فكرة المخلص الموجودة في العقيدة النصرانية .. ؟

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير