تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

- نعم .. النصارى نقلوا عن طريق الثقافة الشفوية فكرة المخلص؛ وعقيدة المخلص منتشرة في اليهودية والنصرانية وبالتالي انتشرت في الجزيرة العربية قبل الإسلام {وكانوا من قبل يستفتحون على الذين كفروا} اليهود يستفتحون، تبعهم النصارى يستفتحون بالمخلص القادم الذي هو السيد المسيح، فدخلت إلينا فكرة المخلص.

وأنا أقول: لو سلمنا بفكرة المخلص فأين ختم النبوة؟! ولذلك الفئات المتصوفة وفي مقدمتهم الشيخ "محيي الدين" حينما شعروا بأنه لن تستقيم لهم قضية الولاية والقول بالقطب والمؤثر وغيره من مصطلحاتهم وإعطائه الصلاحيات الموجودة التي أُعْطِيَتْ من قبل غلاة المتصوفين _ إلا إذا تحايلوا على ختم النبوة قالوا: "ختمت النبوة التشريعية فقط أما كل عناصر النبوة الأخرى فقد استمرت وجرى تناقلها من ولي إلى آخر حتى قيام الساعة ... "، وهذا في الفتوحات المكية موجود، والنقول عنه في بعض كتب التفسير التي تأثرت به ومنها تفسير الألوسي في سورة الإسراء والكهف وغيرها.

الجانب الآخر .. إخواننا الشيعة .. وطبعا التشيع في الحاصل كان التشيع العلوي، يعني محاولة تأييد سيدنا علي بن أبي طالب، وقد كان أبو ذر وغيره من كبار الصحابة يرون أن الإمام علي بن أبي طالب في شبابه وفتوته ونشأته في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم قد يكون أقدر على تحمل أعباء الخلافة من سيدنا أبو بكر وعمر وعثمان فيما بعد .. فكان هناك ميل أن يكون هو الخليفة عند البعض، وسيدتنا فاطمة رضي الله عنها كانت ميالة إلى هذا أيضا، فهو زوجها وتربى في حجر أبيها "عليه الصلاة والسلام".

نقطة أخرى كانت لدى بعض المسلمين وهي قوله تعالى لسيدنا إبراهيم: {وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إمامًا قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين} فكلمة الظالم اسم فاعل، وكمذهب في النحو واللغة العربية يتبناه كثير من الأصوليين أن الاشتقاق حينما يقال مثلا "ظالم" معنى ذلك ما منه الاشتقاق ألا وهو الظلم قائم فيه .. فلو تاب وعفا الله عنه فيبقى ما منه الاشتقاق وصفا ممكن أن يقوم به عند من يريد ..

فمثلا لو فرضنا أن واحدًا قتل، وتاب وأناب وعفا عنه أهل القتيل أو أخذوا منه دية مثلا، فهل يصح أن نسميه أو نطلق عليه قاتل؟ قالوا: نعم ما دام فيه الاشتقاق قد حدث فيبقى كأنه شيء لاصق به فقالوا: قوله تعالى {لا ينال عهدي الظالمين} مشتق عن الظلم وإن الشرك لظلم عظيم .. وأبو بكر وعمر كانوا في الجاهلية مشركين فإذا الإنسان الوحيد من الصحابة الذي رشح للخلافة ولم يتلبس بظلم أو شرك هو الإمام علي .. إذا هو أحق بالخلافة ..

ولما دخل الفرس الإسلام وجاءوا من الخلفية الملكية التي تؤمن بأن الملك حينما يموت فأولى الناس به ابنه الذكر الكبير فقد أصبح من السهل جدًّا أن يقال لمن انتقل من الفرس إلى الإسلام إن سيدنا علي وهو زوج ابنته وتربى في حجره ولم يسرق ولم يسجد لصنم هو أولى .. فدخلت أيضا فكرة الحلول.

الحلول ..

وعقيدة الحلول تعني أن شيئا يكون في إنسان يمكن أن ينتقل إلى آخر .. فالنبوة والوحي -وهذه أخطر نقطة في قضية التشيع والإمامة- انتقلت منه عليه الصلاة والسلام إلى الأئمة من بعده ..

ولذلك قالوا: "إن الإمامة لم تتم باختيار وانتخاب بشري؛ لأن البشر كلهم أقل من الإمام وإنما تتم بنص إلهي"، فالله تعالى يصطفي من الملائكة رسلاً ومن الناس فهو الذي يصطفي الأئمة ويصطفيهم وفق مواصفات معينة من أهمها العلم؛ ولذلك نسبوا للإمام علي علمًا اختصه رسول الله صلى الله عليه وسلم به.

وهذا السؤال كان مطروحًا في عهد الإمام نفسه، حينما سأل أكثر من مرة هل ترك لكم آل البيت رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئا تختصون به .. سورة من القرآن خاصة بكم كما يدعي البعض سورة الولاية أو شيئًا أو ترك لكم شيئًا أخفاه عن الآخرين؟! فقال: والله ما ترك لنا شيئا إلا فهما يعطيه الله لعباده مثلنا مثل أي واحد آخر يقرأ القرآن ويتدبر ويتفهم ويفقه، وما في جرابي إلا هذا السيف ورسالة أملاها عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم ردًّا على أسئلة جاءت من اليمن تسأله عن أحكام الزكوات وبعض الأمور المحددة المقدرة، فأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم عليا أن يكتب له الرسالة، وكتبت، فاحتفظ بنسخة لنفسه؛ لأن فيها أحكاما وإجابة عن أسئلة فقهية معينة أجاب عنها

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير