تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

علمية، فهي لا تقوم إلا على «فرضيةٍ» تجد أرضها الخصبة في الميل الإنساني للتصديق بهذه الفرضية.

هذا عن نظرية المؤامرة وسدها لحاجات نفسية رغم بعدها عن الواقع وتعقيداته. فماذا عن الذين لا يرون المؤامرة أصلاً؟ .. هؤلاء هم النسخة المعاكسة من أولئك. إذا كان أصحاب نظرية المؤامرة لا يرون غير العدو، فإن هؤلاء لا يرون العدو أصلاً، وهذا أحياناً يكون أسوأ. إنهم لا يدركون طبيعة العالم الذي نعيش فيه، القائم على التدافع أحياناً، وعلى الصدام أحياناً وعلى الصراع في أحيان أخرى كثيرة. ولأنهم يرفضون فكرة المؤامرة بشكل مسبق فإنهم ينجرون إلى فكرة عدم وجود عدو، وربما إلى الترويج له ولشعاراته وإن كان ذلك ليس نيتهم أصلاً. وبالنسبة للفئة الأولى، فإن الفئة الثانية ستتحول فوراً إلى جزء من نظرية المؤامرة إياها، باعتبارهم متآمرين ومتعاونين مع العدو بالطريقة إياها، وهذا كله يجعلنا ندور في حلقة مفرغة. فالحقيقة تظل أكثر تعقيداً، وعلى سبيل المثال فإن بعض «أدعياء التجديد الديني» يصنفون حسب نظرية المؤامرة باعتبارهم جزءاً من المؤامرة الماسونية إياها، والفكرة هنا أن النظرية ستعتبر أن نتاجهم قد أعد مسبقاً في أقبية المخابرات ودُفِعَ لهم نقداً على الفور، لكن الحقيقة على الأغلب ليست بهذه البساطة، فنتاج هؤلاء وأطروحاتهم وأفكارهم قد تُستثمر وتُدعم وتُروج من قبل العدو، (وليس تقرير مؤسسة راند وملاحظات برجينسكي بعيدة عن هذا) لكن ذلك يكون غالباً بعد أن أنتج هذا الفكر وطرح، أي إن هذا الفكر يكون قد طرح نتيجة لتناقضات موجودة داخل بنية الفكر التقليدي، تفاعلت مع عقدة النقص المستحكمة تجاه الغرب لتنتج فكراً يمكن للعدو استخدامه .. وربما قد يدعم منتجه لاحقاً .. أي إن هذا الفكر كان سينتج بكل الأحوال: بدعم غربي أو بدونه.

هذا العالم لا يمكن لأي من النظريتين أن تقدم فهماً متوازناً له، كما لا يمكن للعالم أن يرسم باللون الأسود والأبيض فقط.

بالمناسبة: هذا المقال ليس جزءاً من مؤامرة ما، ضد النظريتين! ..

ـ[أبو عمر الشامي]ــــــــ[02 Mar 2008, 06:23 م]ـ

السلام عليكم

معظم ما في المقال جيد، لكني لا أُسلّم أبداً بالنص المذكور أدناه. ابن سبأ وجوده التاريخي ثابت متواتر، وإنكاره مكابرة ساذجة، بمثابة أن يأتي أحد اليوم فيقول بلاد الهند غير موجودة! ثم صحيح أنه فرد، لكن كان رئيساً لجماعة سرية، تشبه أن تكون محفلاً ماسونياً (نعم، الماسونية أقدم بكثير من ذلك الزمن). نعم، لقد نجح ابن سبأ بإحداث فتنة كبيرة. والمجتمع لم يكن كله من الصحابة، ثم إن جميع الذين حاصروا عثمان لم يكونوا من الصحابة بل من أوباش الأعراب. وهؤلاء يتواجدون في كل عصر، لكن ابن سبأ استغل تساهل عثمان رضي الله عنه ليثير تلك الفتنة.

ولم تكن هناك تناقضات في المجتمع ولا كان هناك احتكاراً للمال وللسلطة، كما يدعي الكاتب. هذه كذبة شيعية مشهورة. ولم تكن لتحصل تلك الفتنة قط لولا ابن سبأ اليهودي.

هناك أفراد غيروا التاريخ فعلاً، إما للخير كما فعل سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، وإما للشر كما فعل جنكيز خان. هل من الممكن تصور ماذا كان سيحصل للمغول لولا ذلك المجرم؟ كانوا سيظلون كما كانوا عبر التاريخ، قبائل همجية متفرقة تتطاحن بين بعضها البعض. وجنكيز خان لم يفعل شيئاً سوى أن وحدها تحت قيادة واحدة، وطبعاً سنحت له فرصاً ذهبية فاستغلها. لكن لو ما قام بتوحيد المغول، لما استطاعوا استغلال تلك الفرص أبداً.

والأمر أعقد قليلاً بالنسبة ليهود الدونمة. لكن يظهر على الكاتب الجهل بتاريخ الدولة العثمانية كذلك. فالدولة العثمانية انهارت نتيجة أخطاء فادحة وقعت فيها. لكن معظم تلك الأخطاء كانت بسبب اليهود أنفسهم؟ ألم يبدأ الانهيار منذ أن جاءت الجارية الإيطالية اليهودية واستولت على قلب الخليفة العثماني سليمان القانوني؟ أليست التي سنت التشريعات التي أضعفت الجيش ثم قلبته ضد السلطان؟ أليست التي أغرت السلطان على أن يقتل محبيه وأوغرت صدره على رعيته؟ أليس اليهود هم الذين دمروا الدولة اقتصاديا ونشروا الفساد الإداري داخلها؟ أليسوا هم الذين أحبطوا محاولة عبد الحميد الثاني لإصلاح الدولة؟ لقد كانت معظم أخطاء الدولة العثمانية بسبب "المؤامرة" القذرة التي قادها اليهود ونجحوا في تطبيقها ببطئ شديد وتخطيط دقيق.

فنظرية المؤامرة موجودة، وإنكارها يدل على جهل الكاتب. نعم، لا يعني هذا أن نحمّل "المؤامرة" كل الأخطاء، لكنها قد تصنع النكبات وقد يكون لها دور تسريعي فيها. والله أعلم.

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير