تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

رأي زين الدين الرازي:

أما فيما يخص زين الدين الرازي فيضيف جزئية جمالية أخرى تتعلق بجمال مشيتها حين تتهادى فيها وهي رائحة إلى الحظيرة: "فإن قيل: لم قدمت إلا راحة وهي مؤخرة في الواقع على السرح وهو مقدم في الواقع في قوله تعالى: "وَلَكُمْ فِيهَا جَمَالٌ حِينَ تُرِيحُونَ وَحِينَ تَسْرَحُونَ" [النحل:6] قلنا: لأن الأنعام في وقت الإراحة وهي ردها عشيا إلى المراح تكون أجمل وأحسن لأنها تقبل ملأى البطون حافلة الضروع، متهادية في مشيتها، يتبع بعضها بعضا، بخلاف وقت السرح وهو إخراجها إلى المراعي فإن هذه الأمور تكون ضد ذلك" (الأنموذج الجليل في أسئلة وأجوبة من غرائب التنزيل: زين الدين الرازي:255).

رأي ابن الصائغ:

ولا يكاد ابن الصائغ يضيف شيئاً إلى ما قله الذين تقدموه إذ يقول بأن الأنعام: "حالة إراحتها آخر النهار يكون الجمال بها أفخر إذ هي بطان وحالة سراحها للمرعى يكون الجمال بها دون الأول إذ هي فيه خِمَاصٌ" (أنظر معترك الأقران في إعجاز القرآن: السيوطي: 1 - 174).

هذا عن كلمة "جمال" في صيغة المصدر، وقد اختص بجمال الأنعام –وهو جمال حسي- أما بالنسبة لكلمة "جميل" بصيغة الصفة فقد اختصت بالجمال المعنوي حيث وصف بها الصبر، "قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ وَاللَّهُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ" [يوسف:18]. وقال تعالى: "قَالَ بَلْ سَوَّلَتْ لَكُمْ أَنْفُسُكُمْ أَمْراً فَصَبْرٌ جَمِيلٌ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَنِي بِهِمْ جَمِيعاً" [يوسف:83]. وقال تعالى: "فَاصْبِرْ صَبْراً جَمِيلاً" [المعارج:5]. ووصف بها الصفح في قوله تعالى: "وَإِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ فَاصْفَحِ الصَّفْحَ الْجَمِيلَ" [الحجر:85]. ووصف بها السراح، في قوله تعالى: "فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً" [الأحزاب:28]. وفي قوله تعالى: "فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحاً جَمِيلاً" [الأحزاب:49]. بل وصف بها الهجر، في قوله تعالى: "وَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَاهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلاً" [المزمل:10].

فكيف يكون الصبر جميلاً؟ وكيف يكون الصفح جميلاً؟ بل كيف يكون السراح جميلاً وهو طلاق، وكيف يكون الهجر جميلاً وهو فراق؟.

لقد بين المفسرون أن الصبر الجميل هو الذي لا مشتكى فيه إلا إلى الله سبحانه وتعالى، والصفح الجميل هو الذي لا منة فيه على من صَفَحْتَ عنه، والسراح الجميل هو الذي لا إيذاء فيه للتي سَرَّحْتَها، والهجر الجميل هو الذي لا عتاب فيه للشخص الذي هجرته.

وهكذا دخل الجمال في القرآن مجالات لم يدخلها في الثقافات الإنسانية الأخرى ولا عَهْدَ للناس بتتبع الجمال فيها. (انظر الظاهرة الجمالية في الإسلام: صالح أحمد الشامي: 195).

ويعتبر القرآن عن الجمال بألفاظ جمالية أخرى كالحُسْن والزينة والنضرة والبهجة والحلية والزخرف وغيرها.

جمالية الحسن:

فالبنسبة للحسن وصف به العموم والخصوص، فمن العموم قوله تعالى: "الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ" [السجدة:7].

ومن الخصوص حسن الجنة حيث حسنت مستقرا ومقاما "خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرّاً وَمُقَاماً" [الفرقان:76].

وحسنت مستقرا ومقيلا "أَصْحَابُ الْجَنَّةِ يَوْمَئِذٍ خَيْرٌ مُسْتَقَرّاً وَأَحْسَنُ مَقِيلاً" [الفرقان:24]، وحسنت مرتفقا "مُتَّكِئِينَ فِيهَا عَلَى الْأَرَائِكِ نِعْمَ الثَّوَابُ وَحَسُنَتْ مُرْتَفَقاً" [الكهف:31]، وحسن صور بني آدم "وَصَوَّرَكُمْ فَأَحْسَنَ صُوَرَكُمْ وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ" [غافر:64]، وحسن النساء، يقول تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: "لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ وَلا أَنْ تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ" [الأحزاب:52]. وحسن الأسماء "وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا" [الأعراف:180]. وحسن الثياب والفرش "مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ" [الرحمن:76].

جاء في لسان العرب: "والرفرف ثياب خضر يتخذ منها للمجالس .. وفي التنزيل العزيز "مُتَّكِئِينَ عَلَى رَفْرَفٍ خُضْرٍ وَعَبْقَرِيٍّ حِسَانٍ" [الرحمن:76] ..

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير