ـ[عبدالعزيز الداخل]ــــــــ[24 Feb 2008, 02:19 ص]ـ
الأخ عبد العزيز الداخل حفظه الله
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته وبعد:
فلقد أخذني بل شدّني أسلوبك الرائع المصحوب بتواضع منك في عرضك لموضوع النبإ العظيم، وترددت كثيرا في التعليق عليه تعليقا موجزا أو إرجائه إلى أن أتناوله بالتفصيل والبيان في سياق تفسيري للقرآن العظيم
الحسن محمد ماديك
لا داعي للتردد - وفقك الله -
فتدارس العلم مع أهله من أعظم طرق تحقيقه نفعاً إذا حسن القصد، وخلصت النية
وفي مشاركتكم لفتات جميلة تضاف إلى ما ذكره العلماء في التفريق بين النبأ والخبر، والمسألة فيها عدة أقوال لا يخلو بعضها من اعتراضات
وفيها فوائد علمية جديرة بالعناية، وفي بعضها مسائل تحتاج إلى مزيد بحث ولولا خشية تشعب الحديث لكان في مناقشتها فوائد علمية حسنة، ولعل الله أن ييسر ذلك في مواضيع أخر
وقد قرأت المشاركة ولم أظفر ببغيتي في الترجيح بين هذه الأقوال.
وقد ذكرت خمسة أقوال لأهل العلم رحمهم الله تعالى في هذه المسألة؛ فآمل ممن يشارك من الإخوة والأخوات والأساتذة الفضلاء أن يركزوا على بيان القول الراجح من أقوال العلماء وأسباب الترجيح
ومن كان لديه استفسار عن أمر قد يفيد في التوصل لبيان القول الراجح فله ذلك، كمن أراد أن يستفسر عن تأريخ نزول السورة، أو معنى الاختلاف، أو صحة نسبة أحد الأقوال لأحد من الصحابة أو التابعين، أو غير ذلك مما يراه مفيداً في الوصول إلى النتيجة المطلوبة
بارك الله في الجميع ووفقنا للعلم النافع والعمل الصالح ولحسن تدبر كتابه وتدارسه
وإذا احتاج أحد الباحثين إلى بيان مسألة تفيد في الترجيح بين هذه الأقوال فله بيان ذلك مع مراعاة الحرص على عدم تشعيب الحديث وتشتيت ذهن القارئ
ـ[جليسة العلم]ــــــــ[26 Feb 2008, 01:29 ص]ـ
قوله تعالى: (عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ (2))
معاني الحروف
معنى (ال) في قوله تعالى: {النبأ}
القول الأول: العهد الذهني
قالَ أَبُو اللَّيْثِ السَّمَرْقَنْدِيُّ (ت:375هـ): (ثم قالَ: عَنِ النَّبَأِ العظيمِ، يعني خَبَرًا عَظيمًا).
قلت: (وَعَلَيهِ يُحْمَلُ قَولُ مَن فَسَّرَ النَّبَأَ العَظِيمَ بِمَعْنَى خَاصٍّ لِغَيرِ قَصْدِ التَّمْثِيلِ)
القول الثاني: الجنس
قالَ ابْنُ عَاشُورٍ (ت:1393هـ): (والتعريفُ في {النَّبَأِ} تَعريفُ الْجِنْسِ؛ فيَشملُ كلَّ نَبأٍ عظيمٍ أنْبَأَهُمُ الرسولُ صَلَّى اللهُ علَيْهِ وسَلَّمَ به، وأوَّلُ ذلك إِنباؤُه بأنَّ القرآنَ كلامُ اللهِ، وما تَضَمَّنَهُ القُرآنُ مِن إبطالِ الشِّرْكِ، ومِن إِثباتِ بعْثِ الناسِ يومَ القِيامةِ، فما يُرْوَى عن بعْضِ السَّلَفِ مِن تَعيينِ نَبَأٍ خاصٍّ يُحمَلُ على التَّمثيلِ. فعَنِ ابنِ عبَّاسٍ: هو القُرآنُ، وعن مُجاهِدٍ وقَتَادَةَ: هو البعْثُ يومَ القِيامةِ، وسَوْقُ الاِستدلالِ بقولِه: {أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ مِهَادًا} إلى قولِه: {وَجَنَّاتٍ أَلْفَافًا} يدُلُّ دَلالةً بَيِّنَةً على أنَّ الْمُرادَ مِنَ {النَّبَأِ الْعَظِيمِ} الإنباءُ بأنَّ اللهَ واحِدٌ لا شَريكَ له).
قلت: (وَهَذَا القَوْلُ فِيهِ نَظَرٌ، لأَنَّ وَصْفَه بالاسْمِ الموصُولِ دَلِيلٌ عَلَى إِرَادَةِ مَعْنًى خَاصّ، وَلأَجْلِ ذَلكَ اخْتَلَفَتْ أَقْوالُ العُلَمَاءِ فِي المرَادِ بهِ، فَاخْتِلافُهُمْ في المُرَادِ بهِ دَلِيلٌ عَلَى اتِّفَاقِهِم عَلَى أَنَّ التَّعريفَ لَيسَ للجِنس).
التفسير
مقصد الآية
القول الأول: بيان المتساءل عنه
قالَ الزَّجَّاجُ (ت:311هـ): (ثُّمَ بَيَّنَ فقالَ: {عَنِ النَّبأِ العَظِيمِ}).
ذكره: الْوَاحِدِيُّ
قالَ الْوَاحِدِيُّ (ت:468هـ): (ثُمَّ ذَكَرَ أَنْ يَسْأَلَهُمْ: عَمَّا ذَا؟ فَقَالَ: {عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ}).
ذكره: البَغَوِيُّ
قالَ ابنُ حَمْزَةَ الْكِرْمَانِيُّ (ت:525هـ): (والأوَّلُ: استفهامٌ، والثاني: خَبَرٌ).
قالَ الزَّمَخْشَرِيُّ (ت:538هـ): ({عَنِ النَّبَإِ الْعَظِيمِ} بيانٌ للشأنِ المُفَخَّمِ).
قالَ البَيْضَاوِيُّ (ت:691هـ): ({عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ} بيانٌ لشأنِ الْمُفَخَّمِ أو صِلَةُ يَتساءلون).
قالَ النَّسَفِيُّ (ت:710هـ): ({عَنِ النَّبَأِ العَظِيمِ}: أي: البَعْثِ، وهو بَيَانٌ للشَّأْنِ المُفَخَّمِ).
قالَ ابْنُ جَزِيٍّ (ت:741هـ): (وَقَعَتْ هذه الْجُملةُ جوابًا عن الاستفهامِ وبَيانًا للمسؤولِ عنه، كأنه لَمَّا قالَ: عَمَّ يَتساءلونَ؟، أَجابَ فقالَ: يَتساءلونَ عن النبأِ العظيمِ).
قالَ جَلاَلُ الدِّينِ المَحَلِّيُّ (ت:825هـ): ({عَنِ النَّبَأِ العَظِيمِ} بَيَانٌ لذلكَ الشيءِ).
قالَ الإِيجِيُّ (ت:905 هـ): ({عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ}: بَيَانٌ للشأنِ المُفخَّمِ، أو صِلَةُ يَتساءلونَ).
قالَ أَبُو السُّعُودِ (ت:982هـ): (وقولُهُ تعالى: {عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ} بيانٌ لِشَأْنِ المَسْؤُولِ عنهُ إِثْرَ تَفْخِيمِهِ).
قالَ القَاسِمِيُّ (ت:1332هـ): (وقولُهُ: {عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ} بيانٌ للمُفَخَّمِ شَأْنُهُ، أوْ للمُبَكَّتِ مِنْ أَجْلِهِ).
القول الثاني: صلة لـ (يتساءلون)
قالَ البَيْضَاوِيُّ (ت:691هـ): ({عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ} بيانٌ لشأنِ الْمُفَخَّمِ أو صِلَةُ يَتساءلون).
قالَ الإِيجِيُّ (ت:905 هـ): ({عَنِ النَّبَأِ الْعَظِيمِ}: بَيَانٌ للشأنِ المُفخَّمِ، أو صِلَةُ يَتساءلونَ).
قلت: (وسائرُ أقوالِ العُلَمَاءِ يُمْكِنُ حُمْلُهَا عَلَى القَولَينِ المذْكُورَينِ تَبَعًا لاخْتِلافِهِم في مُتَعَلَّقِ الجَارِّ والمجرُور).
¥