يبقى سرا مجهولا أو مغمورا بل سيشاهده العالمون جميعا وذلك مدلول قوله ? قل أي شيء أكبر شهادة قل الله شهيد بيني وبينكم ? الأنعام 19 ويعني أن كل غيب في القرآن سيصبح شهادة معلوما لكل الناس ليعلم الناس أن محمدا ? قد أرسل بالقرآن من قبل.
النبأ العظيم
أما النبأ العظيم الذي نبّأ الله به النبي الأميّ ? فيقع عموما على:
الكتاب المنزل على النبي الأميّ ? إذ هو نور كما هي دلالة المثاني في قوله:
• ? وكذلك أوحينا إليك روحا من أمرنا ما كنت تدري ما الكتاب ولا الإيمان ولكن جعلناه نورا نهدي به من نشاء من عبادنا ? الشورى 52
• ? يا أهل الكتاب قد جاءكم رسولنا يبين لكم كثيرا مما كنتم تخفون من الكتاب ويعفو عن كثير قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين ? المائدة 15
• ? فآمنوا بالله ورسوله والنور الذي أنزلنا ? التغابن 8
• ? يا أيها الناس قد جاءكم برهان من ربكم وأنزلنا إليكم نورا مبينا ? النساء 174
? فالذين آمنوا به وعزروه ونصروه واتبعوا النور الذي أنزل معه أولئك هم المفلحون ? الأعراف 157
وتعني أنه نور أنزل من عند الله الذي كلّف الناس بالاهتداء به، إذ يقع على موعودات بعيدة في كل من الدنيا والآخرة يوم نزل القرآن على النبي الأمي ? وكذلك النور يقع على البعيد فيتراءى لك قبل أن تصل إليه، وسيعلم الناس في اليوم الأخر يوم تقع موعودات الكتاب المنزل صدق الرسل والنبيين، وسيعلم الناس رأي العين في الدنيا يوم تقع موعودات القرآن فتصبح شهادة بعد أن كانت غيبا يوم نزل القرآن أن القرآن قول ثقيل ألقي على خاتم النبيين ? وأنه قرآن عجب يهدي إلى الرشد وإلى التي هي أقوم إذ سيهتدي به يوم تقع موعوداته أصحاب الصراط السوي ومن اهتدى، وسيزداد به الذين في قلوبهم مرض رجسا إلى رجسهم وضلالا إلى ضلالهم.
ويقع النبأ العظيم خصوصا على مدلول لفظ القرآن أي ما حوى المصحف من القصص والذكر والقول والنبوة والأمثال ومن الحوادث التي وعد الله أن تقع بعد خاتم النبيين ? قبل النفخ في الصور، تلك الحوادث الموصوفة في القرآن بأنها من الغيب الذي يجب الإيمان به ولا ينشغل الفقهاء والمفسّرون والمحدثون والقراء بالغيب في القرآن.
الغيب في القرآن
إن قوله:
• ? ما لي لا أرى الهدهد أم كان من الغائبين {النمل 20
• ? وإن الفجار لفي جحيم يصلونها يوم الدين وما هم عنها بغائبين {الانفطار 14 ـ 16
• ? وما شهدنا إلا بما علمنا وما كنا للغيب حافظين {يوسف 81
ليعني أن الغيب هو ما غاب عنك من الحوادث فلم تشهده، وكان الهدهد من الغائبين غير حاضر حين تفقد سليمان الطير، وإن الفجار يوم الدين ليشهدون الجحيم ويكبكبون فيها وما هم عنها بغائبين بل هم حاضرون، ولم يك إخوة يوسف قادرين على منع ما غيّب الله من الغيب ومنه ألا يرجع معهم أخوهم الذي أرسله معهم أبوهم ليكتالوا ويزدادوا كيل بعير.
وإن الموعود في الكتاب المنزل على خاتم النبيين r يوم نزل هو الغيب، ومنه موعودات في اليوم الآخر كجنات عدن التي وعد الرحمان عباده بالغيب، وكان الذين يتبعون الذكر ويخشون ربهم الرحمان في الدنيا قبل أن يحضروا يوم القيامة هم الذين يخشون ربهم بالغيب والمبشرون بمغفرة وأجر كبير.
وإن الموعود في القرآن يوم نزل هو الغيب الذي سيصبح شهادة في الدنيا وتضمنته سبع من المثاني أنزل عليها القرآن هي الأحرف السبعة التي أنزل عليها القرآن، ويعني أن كل وعد وعد الله في القرآن أن يقع في الدنيا قد تضمنه حرف الأسماء الحسنى وحرف النبوة وحرف الذكر وحرف القول وحرف ضرب الأمثال وحرف الغيب في القرآن وحرف الوعد في الدنيا وتضمن كل واحد منها ما شاء الله من المثاني، وليعلم الناس أن من لم يهتد بالقرآن يوم تقع موعوداته وغيبه في الدنيا ـ وهو النبأ العظيم الذي أعرض الناس عنه واختلف فيه من عاصروا نزول القرآن، وسيختلف فيه من يحضرونها بعد كانت غيبا ـ إنما هو كمثل الحمار يحمل أسفارا.
وكان فقهي تلك الموعودات أي ذلك النبأ العظيم هو القصد وراء تفسيري "من تفصيل الكتاب وبيان القرآن" الذي خلا من المسائل الفقهية والتعبدية ومسائل النحو والبلاغة لأن السلف رحمهم الله قد وفوها حقّها وتدارسوها وبيّنوها إلا قليل مما سينكشف يوما بعد يوم إذ لن تحصي الأمة ما في الكتاب المنزل وهو القول الثقيل من العلم والمعاني.
وأقول بملء فيّ إن من ذلك النبإ العظيم موعودات تشيب لهولها الولدان منها العذاب الذي سيمحق أعداء الله في فجر ليلة القدر وليستخلف في الأرض خلافة هي على منهاج النبوة أولياء الله الذين سينجيهم من ذلك العذاب كما بينت في كلية النصر في ليلة القدر ضمن تفسير سورة القدر المنشور في موقع ملتقى أهل التفسير وسوس العالمة وغيرهما ومنها موعودات سأبدأ قريبا بنشرها الواحدة تلك الأخرى إن شاء الله تعالى وإنها لنبأ عظيم كما هو وصفها في القرآن، وأعجب العجب أن ذلك النبأ العظيم قد آمن به كل مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله بالقرآن، إذ هي من القرآن والاهتداء به يوم تصبح شهادة هو الرشد وهو التي هي أقوم.
الحسن محمد ماديك
¥