تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ثم كان اليوم السعيد كما قال:"وذات يوم من أسعد أيام الستينات تلقيت دعوة ملحة من الإذاعة الوطنية بالمغرب للقيام بإلقاء أحاديث يومية في التفسير القرآن لفائدة المواطنين والمواطنات وكافة المومنين و المومنات" التيسير 1/ 6

ثم إن هذا التفسير الإذاعي يقول عنه الشيخ المكي الناصري بأنه:" أول تفسير إذاعي للمصحف الكريم عرفته الإذاعات العربية والإسلامية" التيسير 1/ 10

الإسهام في الإصلاح من خلال التفسير

تعد كتب التفسير ترجمة حقيقية لرؤية مؤلفيها للإصلاح وفي هذا الإطار يمكن التمثيل بكتاب تفسير المنار لرشيد رضا والذي هو خلاصة رؤية مدرسة المنار في الإصلاح، وأيضا كتاب في ظلال القرآن لسيد قطب. وفي هذا الإطار وقع الإختيار على الشيخ المكي الناصري لمحاولة تلمس بعض جوانب انخراطه في قضايا الإصلاح من خلال تفسيره،وإن كان إسهام المكي الناصري يحسن أن يستخرج من مؤلفاته كلها، لكن ما لا يدرك كله لا يترك جله.

في إصلاح الحكم والقضاء

تقدمت الإشارة إلى انخراط الشيخ المكي الناصري في القضايا السياسية، وقد كان ذلك من مداخل متعددة، ويمكن بيسر تلمس كثير من آثار اهتمامه في كتابه التيسيرومن ذلك ما قاله في تفسر قوله تعالى:" وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللّهُ إِلَيْكَ" " (المائدة: 49) حيث ينطلق مما تدل عليه الآية وهي موجهة للنبي صلى الله عليه و سلم ليقرر بأن من دونه من الولاة وحكام المسلمين بهذا التوجيه أولى. يقول:" وإذا كان الخطاب الإلهي يتوجه إلى الرسول بمثل هذه الأوامر والنواهي وهو المتميز عن غيره بالعصمة و الرسالة حرصا على إحقاق الحق وإبطال الباطل وإقامة العدل المطلق بين الناس فمن باب أولى وأحرى أن يوجه هذا الخطاب الإلهي إلى غير المعصومين من ولاة المسلمين الحاكمين بين الناس من بعده، ومن باب أولى وأحرى أن تساق إليهم هذه الأوامر و النواهي، بل إنهم المقصودون بالذات من هذا الخطاب الموجه في الظاهر إلى الرسول الأعظم عليه الصلاة والسلام، إذ هم وحدهم دون الرسول المعرضون للتأثر بأهواء المحكومين والمخالفين على حساب الحق، وهم وحدهم المعرضون للفتنة عن العدل. والفتنة أنواع وأشكال من بينها فتنة الرشوة، وفتنة البطانة والحاشية، وفتنة الشفاعات والوساطات، وفتنة الانحراف والتحريف، وفتنة الآراء الفاسدة والنظريات الباطلة" التيسير 2/ 65 – 66

فالشيخ الناصري في هذا النص يلمح إلى بعض مظاهر الفساد السياسي المتمثل في التنكب عن طريق حكم الشريعة.

في إصلاح المنطلقات الفكرية

ويدعو الشيخ الناصري العلماء الذين تقاعسوا عن أمر الدعوة إلى الحق في واقعنا المعاصر إلى ضرورة المشاركة في إصلاح المجتمع وذلك عند تصحيحه للفهم الخاطئ لقوله تعالى من سورة المائدة:" يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ عَلَيْكُمْ أَنفُسَكُمْ لاَ يَضُرُّكُم مَّن ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ إِلَى اللّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ" (المائدة: 105)، يقول:" في هذا الربع آية كريمة يجب الوقوف عندها وقفة خاصة فقد فهمها بعض الناس على غير وجهها منذ عهد مبكر ... فهاهنا دعوة موجهة إلى المشركين من الرسول والمؤمنين ليتركوا ما هم عليه من ضلال وخبال لكنهم يصرون على تقليدهم الأعمى ويأبون الاستجابة إلى الدعوة الإسلامية. وما دام الأمر هكذا وما دام الرسول و المومنون قد بذلوا كل ما في وسعهم للقيام بتوجيه الدعوة وتبليغ الرسالة ... فقد برئت ذمتهم ... وليس معنى الآية الإذن للمسلم بالتخلي عن واجباته نحو المجتمع الإسلامي والدولة الإسلامية و لا الترخيص له بالوقوف منها موقف المتفرج الذي لا يهمه من أمرهما شيء فذلك فهم مقلوب للإسلام وتأويل مضاد للمعنى المقصود من هذه الآية" التيسير2/ 95 - 96

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير