وكما في قوله ? إنما أنت منذر ولكل قوم هاد الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال ? الرعد 7 ـ 9 في جواب قوله ? ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه ? الرعد 7 ويعني أن الآية الخارقة التي سألوها هي من الغيب يوم نزل القرآن.
ثالثها: أن الآيات الخارقة للتخويف والقضاء إذا جاءت فسيقع في الذين جاءتهم القضاء بين الفريقين وهو نجاة الذين يؤمنون بها وإهلاك المكذبين بها كما في المثاني:
? ? وما منعنا أن نرسل بالآيات إلا أن كذب بها الأولون وآتينا ثمود الناقة مبصرة فظلموا بها وما نرسل بالآيات إلا تخويفا ? الإسراء 59
? ? وقالوا لولا أنزل عليه ملك ولو أنزلنا ملكا لقضي الأمر ثم لا ينظرون ? الأنعام 8
? ? وقالوا يا أيها الذي نزّل عليه الذكر إنك لمجنون لوما تأتينا بالملائكة إن كنت من الصادقين ما ننزّل الملائكة إلا بالحق وما كانوا إذا منظرين ? الحجر 6 ـ 7
? ? وما كان لرسول أن يأتي بآية إلا بإذن الله فإذا جاء أمر الله قضي بالحق وخسر هنالك المبطلون ? غافر 78
ويعني أن الآيات الخارقة للتخويف والقضاء يوم ينزلها الله فلن يقع تأخير القضاء بين الفريقين إلى يوم القيامة وإنما سيقضى بينهم في الدنيا بإهلاك المجرمين وهو خسارة المبطلين وبنجاة المؤمنين وكما بينته في كلية النصر في ليلة القدر.
ورابعها: أن الآيات الخارقة للتخويف والقضاء وعد من الله في آخر الأمة
لقد وعد الله في القرآن هذه الأمة بالآيات الخارقة للتخويف والقضاء كما في قوله:
? ? وما تأتيهم من آية من آيات ربهم إلا كانوا عنها معرضين ? الأنعام 4 يس 46
? ? قل إنما الآيات عند الله وما يشعركم أنها إذا جاءت لا يؤمنون ? الأنعام 109
? ? يوم يأتي بعض آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها لم تكن آمنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا قل انتظروا إنا منتظرون ? الأنعام 158
? ? إن الذين حقت عليهم كلمة ربك لا يؤمنون ولو جاءتهم كل آية حتى يروا العذاب الأليم ? يونس 96 ـ 97
? ? ولئن جئتهم بآية ليقولن الذين كفروا إن أنتم إلا مبطلون كذلك يطبع الله على قلوب الذين لا يعلمون فاصبر إن وعد الله حق ولا يستخفنك الذين لا يوقنون ? خاتمة الروم
وتعني هذه المثاني أن الآيات الخارقة المعجزة للتخويف والقضاء ستأتي يوما وعدا من الله.
والقرينة في أول الأنعام أن آيات ربنا إذا أتت الناس وأعرضوا عنها فقد كذبوا يومها بالحق لما جاءهم وإنما الخطاب لهذه الأمة ووعد لما يأت بعد لقوله ? فسوف يأتيهم أنباء ما كانوا به يستهزئون ? الأنعام 5، أما القرون الأولى فقد جاءهم ما كانوا به يستهزئون أي أهلكوا قبل نزول القرآن بل قبل نزول التوراة.
والقرينة في حرف يس أن الآيات الخارقة من آيات ربنا التي سيعرض عنها المجرمون هي من الموعود كما في قوله ? ويقولون متى هذا الوعد إن كنتم صادقين ? يس 48 وهي التي ستأتي بعدها على المعرضين عنها صيحة واحدة ? تأخذهم وهم يخصّمون فلا يستطيعون توصية ولا إلى أهلهم يرجعون ? يس 49 وإنما التوصية والأهل والاختصام والاختلاف في الآيات الخارقة للتخويف والقضاء من أعراض الدنيا لا الآخرة، أي أن الوعدين منتظران في الدنيا لما يأتيا بعد.
وتأتي القرينة في ثاني الأنعام في حرف القول.
وثالث الأنعام من القول ويعني أن يوم يأتي بعض آيات ربنا هو مما ينتظره النبي ? ومن هم على سنته وأن المكذبين كذلك سيأتيهم ـ يوم يأتي بعض آيات ربنا فيكذبون ـ العذاب فينزل عليهم فيؤمنون فلا ينفعهم الإيمان بل يهلكون كما بينت في كلية النصر في ليلة القدر، ومن توهّم أن أمر الله رسوله النبي الأميّ ? بقوله ? قل انتظروا إنا منتظرون ? لا يعني شيئا ولا يعني أن آيات ربنا الخارقة ستأتي الأمة بعد نزول القرآن، هذا المتوهّم لم يفقه دلالة أن محمدا ? مرسل من ربه بالقرآن.
والقرينة في حرف يونس أن الذين حقّت عليهم كلمة ربنا وهي وعده أن يملأ منهم جهنم ـ كما بينت في مقدمة التفسير ـ لن يؤمنوا بربهم ولو جاءتهم كل آية خارقة معجزة للتخويف والقضاء، ويعني أن الآيات الخارقة للتخويف والقضاء ستأتي المكذبين فلا يؤمنون بها حتى يروا العذاب الأليم في الدنيا وحينئذ فلن ينفعهم الإيمان كما بينت في تفسير سورة القدر.
¥