تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

: نعم، فوبخه رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: ما أدري، فنزلت هذه الآية، فدعاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتلاها عليه: فقال معاذ بن جبل: يا رسول الله خاصة؟ قال: بل للناس عامة. وروي أن الآية كانت نزلت قبل ذلك واستعملها رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك الرجل وروي أن عمر قال ما حكي عن معاذ)). والسؤال الذي يرد: هل يؤثر هذا الخبر على الحكم بالتفسير بالمثال؟

الجواب: إن من القواعد التي استنبطتها من تعليق العلماء على علاقة أسباب النُّزول بالألفاظ العامة (أن أسباب النزول ـ إن تعددت ـ إنما هي أمثلة للمعنى العام)، ومن ثَمَّ، فإننا نظر إلى صحة اندراج المعنى المذكور في أسباب النُّزول المتعددة في معنى اللفظ العامِّ، فإذا كانت تندرج تحت هذا المعنى العام، فلا يضير تعدُّدها، ونجعلها أمثلة للفظ العام، وما ذُكر في هذا الخبر يندرج تحت قوله تعالى: (إن الحسنات يذهبن السيئات).

وفي سياق هذا الخبر لطائف علمية:

أولها: إذا كان سبب نزول هذه الآية هو الرجل التَّمار، كما ورد في صحيح مسلم الذي روى بسنده عن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ أَنَّ رَجُلاً أَصَابَ مِنِ امْرَأَةٍ قُبْلَةً فَأَتَى النَّبِىَّ -صلى الله عليه وسلم- فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ - قَالَ - فَنَزَلَتْ (أَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَىِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ).

قَالَ: فَقَالَ الرَّجُلُ: أَلِىَ هَذِهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ: لِمَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ أُمَّتِى)).

فيحتمل أن تكون هذه الآية مدنية نُزِّلت في سورة مكية.

ثانيها: أن يكون النبي صلى الله عليه وسلم استدلَّ بهذه الآية على دخول حال الرجل التَّمار في عموم لفظ قواه تعالى: (إن الحسنات يذهبن السيئات)، وقد ورد في الرواية الأخرى التي رواها الإمام مسلم عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود، قَالَ: ((جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: ((يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّى عَالَجْتُ امْرَأَةً فِى أَقْصَى الْمَدِينَةِ وَإِنِّى أَصَبْتُ مِنْهَا مَا دُونَ أَنْ أَمَسَّهَا فَأَنَا هَذَا فَاقْضِ فِىَّ مَا شِئْتَ. فَقَالَ لَهُ عُمَرُ لَقَدْ سَتَرَكَ اللَّهُ لَوْ سَتَرْتَ نَفْسَكَ - قَالَ - فَلَمْ يَرُدَّ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- شَيْئًا فَقَامَ الرَّجُلُ فَانْطَلَقَ، فَأَتْبَعَهُ النَّبِىُّ -صلى الله عليه وسلم- رَجُلاً دَعَاهُ وَتَلاَ عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَةَ (أَقِمِ الصَّلاَةَ طَرَفَىِ النَّهَارِ وَزُلَفًا مِنَ اللَّيْلِ إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ).

فَقَالَ رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ: يَا نَبِىَّ اللَّهِ هَذَا لَهُ خَاصَّةً؟!

قَالَ: بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّةً)).

وهذا يعني أن الآية مكيَّة ـ وهذا هو الأصل ـ وأن حال الرجل يدخل في عموم الآية، كما ورد في آخر الخبر عن النبي صلى الله عليه وسلم: ((لِمَنْ عَمِلَ بِهَا مِنْ أُمَّتِى) وفي الرواية الأخرى: ((بَلْ لِلنَّاسِ كَافَّةً)).

ويمكن أن يكون الإخبار بالنُّزول فيه توسع في التعبير، وأن المراد بقوله في الرواية الأولى (فنزلت) ليس ابتداء النُّزول، وإنما المراد بها التلاوة وتنْزيل الآية على حال الرجل بدلالة الرواية الأخرى: ((وَتَلاَ عَلَيْهِ هَذِهِ الآيَةَ)).

وإلى وقفة أخرى إن شاء الله تعالى.

ـــــــــــ

(1) يشير إلى أثر ذكره الطبري في تفسير هذه الآية عن عثمان بن عفان، وفيه: ((جلس عثمان بن عفان يومًا على المقاعد = فذكر نحوه ـ أي حديث من توضأ وضوئي هذا ... ـ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أنه قال: "وهن الحسنات إن الحسنات يذهبن السيئات)).

ـ[المجلسي الشنقيطي]ــــــــ[02 Mar 2008, 05:31 م]ـ

الحمد لله

بارك الله فيكم شيخنا الفاضل

فوائد نفيسة

ـ[إيمان]ــــــــ[17 Mar 2008, 10:33 م]ـ

بارك الله فيكم

ـ[أبو يعقوب]ــــــــ[20 Mar 2008, 02:01 م]ـ

جزاكم الله خيرا

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير