تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ذلك ما نجده أول من ندخل إلى سورة البقرة، اول سورة بعد الفاتحة التي هي بمثابة المقدمة لهذا الكتاب العظيم، " ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين"، كان الله تعالى يقول لنا: أنتم تطلبون الهداية تفضلوا ها هو الكتاب أمامكم، هو محض هدى على الوقف" لا ريب فيه هدى"وهو يتضمن الهدى وعلى الوقف "لا ريب فيه هدى للمتقين "، لكن لمن هو هداية؟ لمن اتقى، لمن اتبع رضوانه"يهدي به الله من اتبع رضوانه" أما الذي لم يتبع رضوانه، فلن يهتدي، "جزاء وفاقا" ذلك إذا سالت عن الطريق إلى مكان بعينه ووصف لك الطريق بدقة من عليم خبير رسم لك الطريق بكل التفصيلات، ثم لم تسلك أنت ذلك الرسم وذلك التصميم وذلك البيان، ذلك الهدى، ذلك الإرشاد الذي أرشدت له فأعرضت عنه ولم تتبعه هل ستهتدي؟ وهل ستصل إلى المقصود؟ أبدا لن تصل، لن يحصل لك المقصود إلا بالإتباع، إلا بالتقوى "هدى للمتقين"، فالقرآن من حيث هو دلالة وإرشاد هو هدى للناس جميعا، ولكن لا يهتدي وينتفع به إلا المتبعون المتقون: "شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس وبينات من الهدى والفرقان" "فإما يأتينكم مني هدى فمن اتبع هداي فلا يضل ولا يشقى ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا" وظيفة القرآن الهدى والإرشاد إلى كل الأمور التي فيها صلاح العباد، آمرا بها داعيا إلى اتباعها فيه الدلالة على كل ما فيه الضرر لبني آدم ,فما من خير إلا ودلنا عليه القرآن وبينه لنا رسول الله، صلى الله عليه وسلم، وما من شر إلا ونهانا عنه القرآن وبينه لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهو محض هدى فهل يطلب الهدى في غيره كلا ثم كلا "قل إن هدى الله هو الهدى" بالحصر، فلا هدى في غير القرآن، من طلب الهدى في غيره أضله الله، فلنفقه هذه الحقيقة الضخمة الواضحة الصريحة، هذا القرآن هو الهدى وهو الميزان لكل هدى حتى هدى العقل الذي أودعه الله في بني آدم حين " أعطى كل شيء خلقه ثم هدي" إذ لا يمكن الاستفادة منه إلا إذا وزن بميزان القرآن "قل هل ننبؤكم بالأخسرين أعمالا الذين ظل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا"

ذلكم كان عن طبيعة الإنسان والقرآن، فماذا عن علاقة القرآن بالإنسان؟

علاقة القرآن بالإنسان

ما أسهل أن نتصورتلك العلاقة بعد أن عرفنا طبيعة الإنسان وطبيعة القرآن، وعرفنا الوظيفتين وظيفة الإنسان ووظيفة القرآن.

وأهم ما يمثل تلك العلاقة ثلاث:

1 - علاقة الروح بالجسد (الحياة والموت) قال الله عز وجل "أومن كان ميتا فأحييناه وجعلنا له نورا يمشي به في الناس كمن مثله في الظلمات ليس بخارج منها" الإنسان بدون القرآن ميت حتى تحل فيه روح القرآن وبالقرآن يتم إحياء الإنسان فأول علاقة هي علاقة الروح بالجسد، وسر ذلك أن هذا الانسان كما تقدم مكون من عنصرين طين وروح من الله جل وعلا: العنصر الطيني مسير من طرف العنصر الروحي فهو الذي يقوده إلى الخير أو يقوده إلى الشر "ونفس وما سواها فألهمها فجورها وتقواها قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها".

هذه الروح هي التي تقود الإنسان إلى المسجد أو إلى الخمارة، هذه الروح هي التي تزين له الخير أو تزين له الشر هذه النفس التي بين جنبيه هي التي تدفعه إلى جهة الصلاح أو تدفعه إلى جهة الطلاح، تلك الروح ما غذاؤها؟ غذاء الطين من الطين نحن نغذي أجسامنا ثلاث مرات، الفطور، الغذاء، العشاء، نأكل ثلاث مرات في عاداتنا هنا بالمغرب هذا الأكل ماذا نغذي به؟ نغذي به القسم الطيني، هو الذي نغذي أما العنصر الروحي إنما يغذي بغذاء جنسه هو القرآن هو الوحي، الوحي فقط هو الذي يغذي الأرواح، وإنما يكون الكلام ضرب من الغذاء على قدر ما فيه من روح القرآن ومن هدى القرآن، نتأثر بالكلام الرباني، أحيانا نتأثر به لما فيه من ذلك الأصل الذي هو الوحي الذي هو نور من الله بسبب ذلك كان ذلك ولكن الحقيقة هي أن تغذية الروح إنما تتم بروح القرآن فقط، والسنة البيان بيان لتلك الروح نفسها، لذلك القرآن فهي من جنسه "ألا إني أوتيت القرآن ومثله معه، هو وحي أيضا يأتي من الملإ الأعلى، ياتي من ذلك العالم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير