تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وتعتمد وسيلة الإنترنت على إستراتيجية سحب المعلومات Pull Technology؛ أي يسعى مستخدموها إلى الحصول على المعلومات بشأن قضايا يعرفونها من قبل؛ بينما تعتمد الوسائل التقليدية على إستراتيجية Push Technology، بمعنى أن الوسيلة هي التي تدفع بالمعلومات إلى الجمهور، وبالتالي فإن القضايا المفاجئة أو الطارئة يكون للوسائل التقليدية دور الريادة والأسبقية في تعريف الجمهور بها [4].

وللإنترنت خصوصية في تداول قضية الإعجاز، وذلك يرجع إلى عدم مسئولية الكثير من المواقع في تداول القضايا الدينية، إذ يستطيع أي مستخدم للإنترنت إطلاق موقع، في مقابل مادي غير مرتفع سنويا، خاصة إذا كانت الدولة المقدمة لخدمة الإنترنت؛ لا تتبني عسكرة الإنتاج الإعلامي الإلكتروني.

أضف إلى هذا، سيطرة فكرة "الجهاد الالكتروني" على استخدامات المسلمين للإنترنت وإطلاق المواقع الدعوية.

وبالتالي، فإن القانعين بقضية الإعجاز، تمكنوا من إطلاق عشرات المواقع المتخصصة، أو تخصيص أبواب ثابتة في مواقع أخرى، لتناول "كشف" الحُجب عن "الحقائق" العلمية في القرآن.

وعندما تبحث على المتصفح (جوجل) باللغة العربية، تجد ما يقرب من 657,000 نتيجة، تتناول موضوع الإعجاز إما بالتهويل، أو بالتهوين.

وفي الغالب، تميل معظم الأطروحات الإعلامية في الخطاب الإلكتروني لقضية الإعجاز إلى التمجيد من دلالة الإعجاز على بلاغة القرآن وتقدم المسلمين خاصة وأن الجهود "الإعلامية" النقدية لفكرة "الإعجاز العلمي" مشتتة، وقليلاً ما تجد مثل جهود (صفحة الإسلام وقضايا العصر) [5]، في تكثيف نقد فكرة الإعجاز في شكل إعلامي واضح ومتسع لكبار العلماء ذوي المصداقية، لأن مطارحة الأفكار الإعلامية الرائجة، تحتاج إلى صك وصياغة رسائل إعلامية "موثوقة" و"مُلحة".

تهدف هذه الورقة إلى التعرف على دور الإعلام - وتحديداً الانترنت - في تسويق الفكرة واستقطاب مريديها، ونظراً للاقتباسات الكثيرة في مواقع الإعجاز بعضها من بعض، واعتماد بعضها على ذات المصادر، سأعكف على دراسة خمسة مواقع فقط، وأترك البعض الآخر لمن يود الاطلاع عليها، في قائمة الروابط الخارجية.

والمواقع الخمس هي:

موقع الدكتور زغلول النجار

الهيئة العالمية للإعجاز العلمي

موسوعة الإعجاز العلمي في القرآن والسنة

الإعجاز العلمي في القرآن الكريم

الإعجاز العلمي في القرآن والسنة

المدخل الدعوي الماضوي العاطفي

يصوغ المؤمنون بفكرة "الإعجاز العلمي" رسائلهم الإعلامية على شكل قالب دعوي بعيد كل البعد عن قالب البحث العلمي الذي يتسم بخصائص جوهرية هي: المنهجية، والحيادية، والرغبة في الوصول إلى "الحقيقة".

دعونا، نبدأ من مقالات الدكتور زغلول النجار، لأنها الأكثر رواجا إعلامياً، فضلا عن تبني العديد من مواقع الإعجاز لنشرها، ومحاكاتها أسلوبا ومنهجاً. يعتمد النجار في طرحه للموضوعات المتخصصة عن الإعجاز على تقنية ثابتة في الكتابة، وهي:

- اختيار آية (تتصل بجسد الإنسان أو معالم الكون) لتتصدر عنوان المقال.

- اعتماد مقدمة طويلة جدا (تقترب من نصف مساحة المقال)، عبارة عن معلومات عن السورة التي نزلت فيها الآية (عنوان المقال)، وهل هي مدنية أم مكية، والركائز الأخلاقية والعقدية التي طرحتها السورة إجمالاً وتفصيلاً.

- المزج في النصف الثاني من المقال بين المعلومات العلمية (غير موثقة المصادر) والأحاديث النبوية والآيات القرآنية (مع الحرص التام على نسبتها إلى المصادر التراثية)، ويتم تناول المعلومات العلمية على أنها حقائق مؤكدة غير قابلة للشك أو المراجعة.

- خاتمة المقالات (التي يسميها أبحاثا علمية!) عبارة عن دعاء وصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم.

ومن الأمثلة الواضحة في هذا الشأن، مقال (وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ .. ) [6]، حيث اتخذ النجار من الآية 233 من سورة البقرة عنواناً للمقال، يقع المقال في ما يقرب من 3800 كلمة، تبلغ مقدمة المقال أكثر من 2000 كلمة، يتحدث فيها عن معلومات تعريفية بالسورة (مدنية أم مكية، عدد الآيات، ومحاور السورة)، وتحدث أيضا في المقدمة عن ركائز العقيدة الإسلامية كما توضحها السورة، وأسس العبادة فيها، ومكارم الأخلاق، التشريعات الإسلامية، ثم زاوج بين "الحقائق" العلمية، والدلالات أو

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير