تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

دلالة الجملة العربيَّة بين الثبوت والتجدد

ـ[أبو مبارك]ــــــــ[23 May 2004, 04:39 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

الأخوة الأعزاء أتقدم إليكم بموضوعي هذا وكل أمل في قراءته ونقده وتقديم المساعدة لي لتكملة ومواصلة الموضوع، ودعمي بأي خطأ أو زلل في هذا الموضوع، وجزاكم الله خير الجزاء:

دلالة الجملة العربيَّة

للجملة العربيَّة دلالات مختلفة، ويمكن تقسيم هذه الدَّلالات حسب اعتبارات الثُّبوت و التَّجدُّد، والقطع والاحتمال، والمعنى، والخصوص والعموم، والتََّمام و النَّقص 000.

فتكون الجملة إمَّا ثبوتيَّة أو تجدُّديَّة باعتبار الثُّبوت والتَّجدُّد 0 وإمَّا قطعيَّة أو احتماليَّة باعتبار القطع والاحتمال 0 وإمَّا ظاهرة أو باطنة باعتبار المعنى الظَّاهر والباطن 0 وإمَّا خاصَّة أو عامَّة باعتبار الخصوص والعموم 0 وإمَّا تامَّة أو ناقصة باعتبار النَّقص والتَّمام، وسوف أتكلَّم عن الدَّلالات، فأقول وبالله التَّوفيق:

دلالة الجملة العربيَّة على الثُّبوت أو التَّجدُّد

تتراوح دلالة الجملة العربية باعتبار الثُّبوت، و التّجدّد بين جملة تفيد الثُّبوت، و أخرى تفيد التَّجدُّد، وفي الغالب الجملة الفعليَّة موضوعة لإفادة التَّجدُّد والحدوث، في زمنٍ معين مع الاختصار، وكذلك الفعل يدلُّ على الحدوثِ التَّجدُّد 0 والجملة الاسميَّة تفيد بأصل وضعها ثبوت شيء لشيء، و كذلك الاسم 0

فنلاحظ مثلاً في قوله - سبحانه وتعالى -:?بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَـ?نِ الرَّحِيمِ?، فـ? بِسْم ? جار ومجرور متعلِّقان بمحذوف، والباء هنا للاستعانة أو للإلصاق، وتقدير المحذوف: أبتدئ، فالجار والمجرور في محلِّ نصب مفعول به مقدَّم، أو ابتدائي، فالجار والمجرور متعلِّقان بمحذوف خبر لمبتدأ محذوف، وكلاهما جيِّد 0

فنرى أنَّ الأولى في متعلَّق ? بِسْمِ اللَّهِ ? أن يكون فعلاً مضارعاً، فالتَّقدير: " أَبْتَدِئُ بِسْمِ اللَّهِ "؛ لأنَّه الأصل في العمل، والتَّمسُّك بالأصل أولى، وأيضاً الفعل المضارع يفيد التَّجدُّد الاستمراري، وإنَّما حذف لكثرة دوران المتعلّق به على الألسنة 0

أمَّا إذا قدَّرنا المتعلق به اسماً، فالتَّقدير: " ابْتِدَائِي بِسْمِ اللَّهِ "، فإنَّه سيفيد الدَّيمومة والثُّبوت؛ لأنَّ الجملة اسميَّة، كأنَّما الابتداء باسم الله حتم دائم في كلِّ ما نمارسه من عمل، ونُردِّده من قول 0

وللطَّاهر ابن عاشور كلام جيَّد في متعلِّق الجار والمجرور، حيث رجَّح أن يكون المتعلِّق فعل لا اسم؛ ليفيد التَّجدُّد الاستمراري، فهو يتجدَّد مع بدأ العمل ويستمر معه، قال - رحمه الله -: ((وذكر صاحب «الكشَّاف» أنَّ أهل الجاهليَّة كانوا يقولون في ابتداء أعمالهم: «باسم اللاَّتِ باسم العُزَّى»، فالمجرور ظرف لغو معمول للفعل المحذوف ومتعلق به، وليس ظرفاً مستقراً مثل الظُّروف التي تقع أخباراً، وَدليل المتعلِّق ينبىء عنه العمل الذي شُرع فيه، فتعيَّن أن يكون فعلاً خاصاً من النَّوع الدَّال على معنى العمل المشروع فيه دون المتعلِّق العام مثل: ” أبتَدِىء “؛ لأنَّ القرينة الدَّالة على المتعلّق هي الفعل المشروع فيه المبدوء بالبسملة، فتعيَّن أن يكون المقدَّر اللَّفظ الدَّال على ذلك الفعل، ولا يجري في هذا الخلاف الواقع بين النُّحاة في كون متعلِّق الظُّروف هل يقدَّر اسماً، نحو: ” كائنٌ أو مُستقرٌ “، أم فعلاً، نحو: ” كانَ أو استقرَّ “؛ لأنَّ ذلك الخلاف في الظُّروف الواقعة أخباراً، أو أحوالاً بناء على تعارض مقتضى تقدير الاسم، وهو كونه الأصل في الأخبار والحاليَّة، ومقتضى تقدير الفعل، وهو كونه الأصل في العمل؛ لأنَّ ما هنا ظرف لغو، والأصل فيه أن يعدّى الأفعال ويتعلَّق بها؛ ولأنَّ مقصد المبتدىء بالبسملة أن يكون جميع عمله ذلك مقارناً لبركة اسم الله تعالى، فلذلك ناسب أن يقدّر متعلّق الجار لفظاً دالاً على الفعل المشروع فيه. وهو أنسب لتعميم التَّيمُّن لإجزاء الفعل، فالابتداء من هذه الجهة أقلّ عموماً، فتقدير الفعل العام يخصِّص، وتقدير الفعل الخاص يعمِّم، وهذا يشبه أن يلغز به. وهذا التَّقدير من المقدّرات التي دلَّت عليها القرائن، كقول الدَّاعي للمُعَرِّس: «بالرَّفاء والبنين»، وقول المسافر

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير