[مسيرة التفسير المنحرف]
ـ[محمد كالو]ــــــــ[20 May 2004, 03:43 ص]ـ
نشأت إثر الفتن التي أثارها أعداء الإسلام فِرَقٌ تأثرت بالشبهات الدخيلة، ونتيجة لانتصار كل فرقة، نشأت الاتجاهات المنحرفة لتفسير القرآن الكريم، حين سعت كل فرقة إلى لَيِّ أعناق النصوص وإخضاعها لاتجاهها المنحرف، واختلقوا أحاديث ونسبوها إلى النبي r زيادة في تضليل الناس، وفي سبيل نصرة ميولهم وأفكارهم.
فالمعتزلة يؤولون كل آية لا تتمشى مع مذهبهم كنفي رؤية الله تعالى، والشيعة يحملون الآية على غير محملها، لتوافق آراءهم كفكرة التقية التي يجعلونها أساس التعامل مع سواهم من المسلمين، وأصحاب المذاهب النحوية الذين إذا رأوا آية تقرأ بقراءة ثابتة متواترة، ولكنها لا تتمشى مع مذهبهم النحوي، يؤولونها كما فعل الزمخشري في قراءة قوله تبارك وتعالى] وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِّنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَآؤُهُمْ, [قد ردَّ عليه ابن المنير في» الانتصاف «.
من الاتجاهات المنحرفة في التفسير:
1 ـ أصحاب الفرق الضالة من الباطنية:
ومن الاتجاهات المنحرفة لتفسير القرآن الكريم، اتجاه أصحاب الفِرَق الضالة من الباطنية، كالقرامطة والإسماعيلية يؤولون النص الظاهر بالباطن، كما أوَّلوا قول الله تعالى:
] وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلاَّ لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا
يَعْلَمُونَ.
وقالوا: الآخرة التي يصير الناس إليها بعد الموت إنما هي انتقال الروح من حيوان إلى حيوان، حتى يكون آخر ما يصيرون إليه من الأبدان السود المحترقة، أو إلى الأبدان الصافية النورانية، وهو ما يُعرف بتناسخ الأرواح (التقمص.
2 ـ من الاتجاه المنحرف في التفسير اتجاه القصاص:
ومن الاتجاه المنحرف ما سلكه القصاصون، الذين كانوا يضعون الأحاديث في التفسير والمواعظ، وأكثرهم من الملاحدة والزنادقة، ويضمنونها بما يريدون دسَّه على الإسلام من المعاني الباطلة والعقائد الفاسدة، منهم عبد الكريم ابن أبي العوجاء الذي قتل وصلب في زمن المهدي، قال ابن عدي: لما أخذ يضرب عنقه قال: وضعت فيكم أربعة آلاف حديث أحرم فيها الحلال وأحلل الحرام وفيه يقول بشار بن برد:
قل لعبد الكريم بابن أبي العوجاء بعت الإسلام بالكفر فوقا
لا تصلي ولا تصوم،فان صمت فبعض النهار صوما رقيقا
ما تبالي إذا شربت من الخمر عتيقاً أو لا يكون عتيقا
3 ـ ومن الاتجاه المنحرف في التفسير أصحاب المنهج الفلسفي الكلامي:
ومن الاتجاه المنحرف في التفسير، أصحاب المنهج الفلسفي الكلامي، الذين جعلوا العقل أساساً لفهم النصوص القرآنية المتشابهة.
والمتشابه: تلك الآيات القرآنية التي استأثر الله تعالى بعلمها، وجعلها سراً من أسرار كتابه.
كان الصحابة رضي الله عنهم إذا رأوا من يسأل عن المتشابه بالغوا في كفه، تارة بالقول، وتارة بالضرب، وتارة بالإعراض، ولذلك لما قدم المدينة رجل يقال له صبيغ (بوزن عظيم وآخره مهملة) بن عسل، فجعل يسأل عن متشابه القرآن، فأرسل إليه عمر رضي الله عنه قال: من أنت؟ قال: أنا عبد الله صبيغ، قال: وأنا عبد الله عمر، فضربه حتى أدمى رأسه، فقال: حسبك يا أمير المؤمنين،قد ذهب الذي كنت أجده في رأسي.
4 ـ انحراف منهج التفسير العلمي للقرآن الكريم:
الإمام فخر الدين الرازي من العلماء الذين طبق في تفسيره (مفاتيح الغيب) ما جدَّ في البيئة الإسلامية من ثقافة فكرية على آيات القرآن الكريم، وقال: وربما جاء بعض الجهال والحمقى وقال: إنك أكثرت في تفسير كتاب الله تعالى من علم الهيئة والنجوم، وذلك على خلاف المعتاد ... فيقال لهذا المسكين: إنك لو تأملت في كتاب الله تعالى حق التأمل لعرفت فساد ما ذكرته.
أما محمد ابن أبي الفضل المرسي، فقد كان موقفه أن الله تبارك وتعالى جمع علوم الأولين والآخرين في القرآن الكريم، ولم يحط بها علماً حقيقة إلا الله سبحانه وتعالى ثم رسول الله صلى الله عليه وسلم تعالى به، ثم ورث عنه سادات الصحابة وأعلامهم حتى قال ابن عباس t : لو ضاع لي عقال بعير لوجدته في كتاب الله تعالى.
¥