[عندي إشكال أتمنى من الأخوة المساعدة]
ـ[أبوحذيفة1]ــــــــ[26 May 2004, 10:17 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أولا أن مشترك جديد معكم وإن كنت متابعا للمنتدى منذ فترة ليست بالقصيرة من خلال المطالعة فقط.
إشكالي هو كالتالي:
تتبعت موضوع ((هل فسر النبي عليه الصلاة والسلام كل القرءان أم لا؟))
وخلصت من كلام الأخوة ونقولاتهم أن في المسألتي قولان.
الأول أنه فسر القرءان كله ويدخل في هذا تفسيره العملي بالسنة والتطبيق وغيرها وليس شرطا أن يفسره لفظيا.
والثاني أنه فسر ما يحتاج للتفسير فقط فإن الصحابة كانوا عربا أقحاحا يفهمون معاني القرءان بسليقتهم.
الإشكال:
إذا كان النبي صلى الله عليه وسلم قد فسر كل القرءان أو فسر ما يحتاج إليه الصحابة. فكيف نوجه كلام بن عباس أن هناك من التفسير ما لا يعلمه إلا الله.
فهل في هذا دليل أن هناك آيات لم يفسرها النبي والحاجة تدعو لها فلذلك قال بن عباس هناك تفسير لا يعلمه إلا الله.
أشكر لكم تجلية الغبش عن ذهن أخيك سائلا الله تعالى أن يكتب لكم بكل حرفا ما تقر به أعينكم من الحسنات.
أخوكم أبوحذيفة/طالب ماجستير
ـ[طالب معرفة]ــــــــ[27 May 2004, 12:47 ص]ـ
كثيرا ما يظن عموم الناس ومنهم كثير من الباحثين أيضا في مجال التفسير أن التفسير النبوي هو تلك الأخبار والروايات المنسوبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، والتي لها علاقة من قريب أو بعيد بالايات القرآنية. والتي تشرح بعض الألفاظ أو تبين بعض المعاني، أو تبرز فضل سوره أو قصة آية.
وكثيرا ما ربطوا بين هذه التفسيرات وبين قوله تعالى:" ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا"، أو قوله سبحانه: "ونزلنا إليك الدكر لتبين للناس ما نزل إليهم من ربهم ولعلهم يتفكرون"، فتكون مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم هي التفسير والبيان، والذي معناه: الشرح والتوضيح وبيان المعاني، وكشف الخفايا، وحل الإشكالات وغيرها من مهام المفسرين للقرآن الكريم.
غير أنه بالرجوع إلى النصوص القرآنية المستدل بها، وقراءتها في سياقاتها يتبين الخطأ الذي وقعوا فيه، فقوله تعالى: "ولا يأتونك بمثل إلا جئناك بالحق وأحسن تفسيرا"، إذا قرئ في سياقه القرآني، فإنه لا يتعلق بالتفسير اللغوي للكلمات وشرح العبارات وبيان المعاني، وإنما بإبراز الحقائق ودمغ الشبهات والأباطيل، فالمثل الذي يأتي به المشركون ليس كلمات، والتفسيرالذي يقدمه الرسول صلى الله عليه وسلم ليس شرحا لهذه الكلمات، فالمثل إنما هو للدفاع عن عقيدة باطلة منحرفة تتمثل في إنكار البعث، وهذا المثل هو عظم يتحدى به المشرك رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسأله عن كيفية إحيائه بعد أن أصبح رميما، والتفسير الذي قدمه النبي صلى الله عليه وسلم هو مجموعة من الحقائق التي أبرزها صلى الله عليه وسلم في وجهه وفي وجه كل منكر للبعث، قال تعالى: وضرب لنا مثلا ونسي خلقه قال من يحيي العظام وهي رميم قل يحييها الذي أنشأها أول مرة وهو بكل خلق عليم، الذي جعل لكم من الشجر الأخضر نارا فإذا أنتم منه توقدون أو ليس الذي خلق السماوات والارض بقادر على أن يخلق مثلهم، بلى إنه هو الخلاق العليم إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون، فسبحان الذي بيده ملكوت كل شيء وإليه ترجعون. فهذا البيان النبوي لا يتعلق بمفهوم التفسير الذي درج عليه الباحثون والمتعلق باللفظ والمعنى، وإنما هو بيان يتعلق بالمعرفة والاعتقاد، والعرب الذين نزل القرآن فيهم لم تكن عندهم مشكلة لغوية، ولا محمد صلى الله عليه وسلم كان أستاذ لغة، وإنما كانت مشكلتهم مع الايمان والكفر والحق والباطل، والرسول صلى الله عليه وسلم كان يحمل رسالة تخرج الناس من الظلمة إلى النور، ومن الكفر إلى الإيمان، ومن الباطل إلى الحق، فهو يبين لهم ما يختلفون فيه من الحق، وما اتبعوا فيه أهواءهم، وما كتموا من الحق، وما ألبسوا فيه الحق بالباطل وكتموا الحق وهم يعلمون وغيرها من البيانات التي تحدث عنها القرآن بتفصيل عظيم، وكلها لا علاقة لها بالتفسير الذي درج عليه المفسرون فيما بعد.
وبناء على هذا المعنى فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بين القرآن كله، وبيانه له هو تبليغه وعدم كتمانه أولا، وقراءته على الناس على مكث، وتعليمهم إياه ومجاهدتهم به، والرد على شبهاتهم وفضح ما يكتمون من الكتاب وما ألبسوا فيه الحق بالباطل وغيرها من المهمات النبوية التي قام بها عليه الصلاة والسلام.
أما ما ورد في الروايات والأحاديث فليس هو المقصود بالبيان القرآني الذي نتحدث عنه، وإنما هو بعض ما وصل إلينا من أخبار عن القرآن ونزوله وشرح بعض مفرداته بمفهوم التفسير كما هو عند علماء التفسير.
أما التأويل فله معنى آخر يفهم في سياقه، وهو الوقوع والمآل وليس الشرح والتفسيربالمعنى الموجود عند المفسرين، ومنه قوله تعالى: ويوم" يأتي تأويله يقول الذين نسوه من قبل " وقوله:"هدا تاويل رؤياي قد جعله ربي حقا" بمعنى: ويوم يقع ما كدبوا به، والإية الثانية بمعنى: لقد وقع الأمر كما جاء في الرؤيا، وباقي النصوص إنما هي في هذا المعنى، ومنها قوله: وما يعلم تأويله إلى الله، بمعنى: ولا يدرك كيفية وقوع ما أخبر به سبحانه إلا هو، وهوبيان لهول ذلك اليوم الذي لا يعلمه إلا هو سبحانه، ولا علاقة لكل ذلك بالتفسير والبيان كما هو عند المفسرين والعلماء، وهو ما يفند التوجيه المنسوب إلى ابن عباس والذي اختاره مجموعة من العلماء، والذي يذهب إلى أن جزءا مهما من القرآن لا يعلم معناه إلا الله. وهو مناف للبيان الرباني حيث لا يمكن أن يخاطبنا الله سبحانه وتعالى ويكلفنا بما لا نفهمه.
والسلام
¥