[إشكال في حديث عائشة رضي الله عنها!]
ـ[عبدالله فهد السبيعي]ــــــــ[28 Jun 2004, 09:10 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
عند قراءتي لحديث عائشة رضي الله عنها وعن أبيها التالي ذكره أشكلت علي عبارة فيه
عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان فيما نزل من القرآن:"عشر رضعات معلومات يحرّمن " فنسخن خمس رضعات معلومات، فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن مما يقرأ من القرآن "
والعبارة المشكلة عندي - بارك الله فيكم - هي قولها: " وهن مما يقرأ من القرآن "
فما تفسير هذه العبارة؟ وكيف نرد على من يثير بها الشبهات؟
أرجو منكم التكرم بالرد باستفاضة فليس هدفي الفتوى فقط ولكن أيضا العلم
حفظكم الله وبارك فيكم
أخوكم أبو فهد
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[29 Jun 2004, 08:44 ص]ـ
و عليكم السلام و رحمة الله و بركاته،،
تأويله و الله أعلم أنهن كن مما تأخر نسخه لوقت قريب جداً من وفاة الرسول لدرجة أن بعض من لم يصلهم نسخ الآيات يجعلهن في قراءته.
أما الرد على الشبهات بخصوص هذه العبارة فهو بكون عائشة راوية الحديث من المعاصرين لجمع القرآن في كل مراحله و من المؤيدين لأمير المؤمنين جامع المصحف العثماني الذي أجمعت عليه الأمة و لا أحد يجهل موقفها من قتلته ساعة الفتنة.
هذا رد سريع و إذا يسر الله وضعت لك رداً مفصلاً بعون المعبود.
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[29 Jun 2004, 11:17 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
ترد شبهة حول الحديث الذي أخرجه الإمام مسلم في صحيحه عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كان فيما أنزل من القرآن (عشر رضعات معلومات يحرّمن) ثم نسخن بـ (خمس معلومات) فتوفي رسول الله وهن فيما يقرأ من القرآن.
(صحيح مسلم 4/ 167، سنن الدرامي 2/ 157، سنن الترمذي 3/ 456. السنن الكبرى للبيهقي 7/ 454، سنن ابن ماجة 1/ 635، سنن النسائي 6/ 100، الموطأ 2/ 117).
و يعلق الأب النصراني يوسف درة الحداد - قذفه الله في الدرك الأسفل من النار - في كتابه (الإتقان في تحريف القرآن):"لقد شهدت عائشة أن الآية كانت من القرآن وكانت تتلى بين ظهرانيهم إلى ما بعد وفاة الرسول كغيرها من آيات القرآن، وهذه طامة كبرى! لصراحتها في سقوط آية (خمس رضعات معلومات يحرمن) وفقدانها من القرآن بلا أي موجه شرعي! فلا نسخ بعد وفاة النبي بإجماع أهل الملة والدين، فأين اختفت تلك الآية! "
و الجواب على هذه الشبهة بإذن الله - يتضمن عدة مسائل. . .
الأولي: من المعلوم لكل من وقف على تواتر القرآن و سلامة نقله و حفظه بواسطة رب العالمين أنه إذا تعارض حديث مع ما نعلمه عن هذا التواتر و النقل و الحفظ يكون الاشكال في الحديث و ليس في القرآن لأن الأخير متواتر ثابت ثبوتاً قطعياً لا شك فيه، لذا عند التعارض لا يجوز عقلاً التشكيك في القرآن و هذا من بداهات المنطق.
الثانية: أن منطوق الحديث لا يستوجب كون الآية غير منسوخة قبل وفاة النبي صلى الله عليه و سلم بل إن غاية ما تدل عليه أنه كان هناك من لا يزال يعتبرها جزءاً من القرآن حتى بعد وفاة النبي و يجعلها في تلاوته و هذا غالباً لجهلهم بوقوع النسخ. يقول محمد فؤاد عبد الباقي في شرحه لصحيح مسلم المتاح للتحميل من موقع الأزهر الشريف على الشبكة:
(وهن فيما يقرأ) معناه أن النسخ بخمس رضعات تأخر إنزاله جدا، حتى إنه صلى الله عليه وسلم توفى وبعض الناس يقرأ: خمس رضعات. ويجعلها قرآنا متلوا، لكونه لم يبلغه النسخ، لقرب عهده. فلما بلغهم النسخ بعد ذلك رجعوا عن ذلك وأجمعوا على أن هذا لا يتلى.
الثالثة: أن من تأمل وضع الإسلام وقت وفاة النبي و اتساع رقعته حتى شملت الجزيرة العربية و اليمن و جنوب الشام أدرك أنه من المحال عقلاً أن يعلم كل المسلمين بوقوع النسخ في أي آية في نفس الوقت و أنه من الوارد جداً - بل من المؤكد - أن العديدين كانوا يتلون بعض الآيات المنسوخة تلاوتها لبعدهم المكاني عن مهبط الوحي و هذا مما لا مناص من الاعتراف به. و ما كلام عائشة رضي الله عنها إلا إقراراً بهذا الوضع.
الرابعة: أن من يرى أن الآية قد حذفها النساخ عند جمع القرآن عليه البيان: ما هو الداعي لحذف مثل هذه الآية من القرآن إن كانت حقاً غير منسوخة؟ و ما الفائدة التي تعود من حذفها؟ فليس لها أي أهمية عقائدية بل هي تختص بأحد الأحكام الفقهية و هو حكم ثابت في العديد من الأحاديث الشريفة و لا يمكن إنكاره فما الداعي لحذف هذه الآية إذن؟؟
الخامسة: أن السيدة عائشة رضي الله عنها راوية الحديث لا يمكن أن يكون قصدها من الرواية الطعن في جمع القرآن لأنها عاصرت هذا الجمع و كانت من أبرز المناصرين لأمير المؤمنين عثمان بن عفان الذي تم جمع القرآن الكريم في عهده و تحت إشرافه، و لو كان لها أي مؤاخذات لجاهرت بها و لاعترضت على عثمان رضي الله عنه. و لكن هذا لم يحدث و لو حدث لعلمناه، بل إن موقف عائشة رضي الله عنها من قتلة عثمان يدل على انها لم تشكك يوماً في إمامته و خلافته و هذا كاف جداً للرد على هذه الشبهة.
خلاصة هذه المسائل أنه من غير المقبول عقلاً و لا منطقاً فهم قول عائشة رضي الله عنها على أن الآية المذكورة قد حذفها النساخ عند جمع القرآن للأسباب الواردة أعلاه و الله أعلم.
¥