[تعقب على ابن القيم فيما سماه "نسخ الأفهام"]
ـ[هيثم إبراهيم]ــــــــ[27 Jul 2004, 04:08 م]ـ
ذهب الإمام ابن قيم الجوزيه رحمه الله تعالى إلى أن من أنواع النسخ ما سماه
"النسخ من أفهام المخاطبين" فقال:وللنسخ معنى أخر وهو النسخ من أفهام المخاطبين ما فهموه مما لم يرده ولا دلَّ اللفظ عليه وإن أوهمه كما أطلق الصحابة رضى الله عنهم النسخ على قوله "وإن تبدوا ما فى أنفسكم أو تخفوه يحاسبكم به الله فيغفر لمن يشاء"قالوا نسختها قوله تعالى "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا" فهذا نسخ من الفهم لا نسخ للحكم الثابت
فإن المحاسبه لا تستلزم العقاب فى الأخرة ولا فى الدنياأيضاً
ولهذا عمهم بالمحاسبه ثم اخبر بعدها انه يغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء
فَفَهمُ المؤاخذة التى هى المعاقبه من الأيه تحميل لها فوق وسعها! فرفع هذا المعنى من فهم من فهمه بقوله "ربنا لا تؤاخذنا إن نسينا أو أخطأنا" .. اهـ
من شفاء العليل ج2 ص 534 ط.العبيكان
أقول: فى هذا الكلام نظر من وجهين
الأول:أن النبى صلى الله عليه وسلم قد أقر الصحابه على هذا الفهم فإنه
عليه الصلاة والسلام قد قال لهم " قولوا سمعنا وأطعنا" ...
وهذا الإقرار يدل على صحه ما فهمهوه لا محاله فتأمل
الثانى: قوله " فإن المحاسبه لا تستلزم العقاب" صحيح وقد سبقه إليه الطبرى
رحمه الله ولكن الايه الأولى "إن تبدوا ... " إحتملت العقاب
فلما نزلت الثانيه "ربنا لا تؤاخذنا .. " قطعت بعدم العقاب وقد قال سبحانه "قد فعلت"
فالصواب أن يذكر مثالاً أخر وهو ايه الأنعام "الذين امنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم"
وقد ذكرتُ ذلك لشيخنا ياسر برهامى وفقه الله ونفع به ذكرته له دون مثال سوره الأنعام فصحح مقالتى وارتضاها والحمد لله
ـ[مساعد الطيار]ــــــــ[28 Jul 2004, 05:48 ص]ـ
الأخ الفاضل هيثم
أولاً: قد سبق ابن القيم إلى هذا المعنى شيخه ابن تيمية، وقد اعتمد على قوله تعالى: (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا إذا تمنى ألقى الشيطان في أمنيته فينسخ الله ما يلقي الشيطان ثم يحكم الله آياته ... ). فالآية فيها دلالة على أن الشيطان يلقي في أمنية الرسول صلى الله عليه وسلم، فينسخ الله ما ألقاه الشيطان في أمنية الرسول صلى الله عليه وسلم، ثم يجكم الله آياته.
وهذا نوع من أنواع النسخ والإحكام، فالمنسوخ ما وقع في الأفهام، والمُحكِم له آيات الله.
وعلى هذا، فما وقع في أفهام الصحابة من معنى الآية نُسِخ بالآية الأخرى، وليس في قول الرسول صلى الله عليه وسلم ((" قولوا سمعنا وأطعنا" ... )) ما يدل على إقرارهم على هذا الفهم.
مع ملاحظة ان هذه الآية يمكن ان تحمل على المجمل الذي جاء بيانه بآية أخرى، وهو نوع من النسخ عند السلف.
وما ذكرته من نسخ الفهم في آية (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم) فهم جميل موفق، فالفهم الذي فهموه نسخه قوله تعالى (إن الشرك لظلم عظيم)؛ أي: بينه ووضحه، وفي مثل هذا النوع من النسخ الجزئي لا يلزم ان يكون الناسخ متاخرًا عن المنسوخ، لكن الذي وقع في آية البقرة وقوع الناسخ بعد المنسوخ من جهة النزول.
وهذا كله محمول على مفهوم النسخ عند السلف، فهم يطلقونه على النسخ الكلي، وهو رفع حكم شرعي بحكم شرعي آخر متأخر عنه، ويطلقونه على النسخ الجزئي، وهو رفع جزء من معنى الآية بأي نوع من انواع الرفع؛ كتقييد المطلق، وتخصيص العام، وما إلى ذلك.
وفقني الله وإياك لما يحب ويرضى.
ـ[هيثم إبراهيم]ــــــــ[28 Jul 2004, 02:36 م]ـ
جزاك الله خيراً يا دكتور: مساعد على المشاركه ونفع الله بك
وبعد:
فقد قرأت ما كتبتَ وأريد معرفة ما المقصود بموافقة شيخ الاسلام على ذلك،هل تعنى وافقه على أصل المسأله
دون ذكر اية البقره كمثال؟
أم تعنى وافقه على خصوص ذلك المثال؟
فإن كانت الأولى فانا لم اعارض فيها بل قد ذكرت اية الأنعام لتوافقها
وأما قولك وفقك الله:"وليس في قول الرسول صلى الله عليه وسلم ((" قولوا سمعنا وأطعنا" ... )) ما يدل على إقرارهم على هذا الفهم "،فلم يظهر لى عدم مدلولية ذلك على الإقرار وذلك لأن الايه إما أن يُعنى بها ما فهمه الصحابه وإما لا؟ فلما لم يعارضهم النبى صلى الله عليه وسلم فى هذا الذى فهموه دل على صحته إذ أن الرسول
صلى الله عليه وسلم لا يقر على باطل ... والله أعلم
وجزاكم الله خيراً
ـ[المقرئ]ــــــــ[28 Jul 2004, 04:43 م]ـ
إلى الشيخين الفاضلين:
إئذنا لمتسور أن يدخل معكم في نقاشكم الماتع ويبدي استشكالا:
ماذكره الشيخ هيثم وجيه وقد درج أهل التفسير على إثبات النسخ وعندي أن هناك دلالة على النسخ تضاف إلى الأمرين الذين ذكرهما هيثم /
وهو قوله " فيغفر لمن يشاء ويعذب من يشاء " فقوله " فيغفر ويعذب دل على أن هناك مؤاخذة
وأما الآية التي ذكرها هيثم " الذين ءامنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم "
فأرجو تأملها إن كانت خبرا فالنسخ لا يدخل في الأخبار
ومثله كذلك قوله تعالى " إنكم وما تعبدون من دون الله حصب جهنم أنتم لها واردون " الآيلت إلى قوله " إن الذين سبقت لهم منا الحسنى أولئك عنها مبعدون " وأعتقد أن أمثلتها كثيرة
فالسؤال الذي نبدأ به هل ابن القيم أراد بالنسخ المعنى الاصطلاحي أم المعنى اللغوي الذي هو مطلق الإزالة؟
أعتقد أنه أراد الثاني وهو يطلق عبارة " النسخ البياني "
ولهذا قال في بعض كلامه " وهذا فاسد أيضا إن أرادوا بالنسخ الرفع فإنه لا يدخل في الخبر إلا إذا كان بمعنى الطلب وإن أرادوا بالنسخ البيان فهو صحيح "
ولهذا كانت عبارة ابن القيم كذا " وللنسخ معنى آخر وهو النسخ من أفهام المخاطبين ما فهموه .... فهذا نسخ من الفهم لا نسخ للحكم الثابت "
فهو يتكلم عن مطلق الإزالة ولهذا السلف والمفسرون لا يطلقون على هذا نسخا بمعناه الاصطلاحي وإنما له ألفاظ أخرى.
ولهذا الرسول صلى الله عليه وسلم قال " ليس هو الذي فهمتموه "
الخلاصة:
وعليه فالاستدراك على ابن القيم في آية " وإن تبدو ما في أنفسكم " الآيات في نظري صحيح
وأما الكلام على مطلق تصحيح الأفهام أو التنبيه على خطأ في الفهم دون معنى النسخ الشرعي فأعتقد أن هناك أدلة كثيرة على ذلك
المقرئ
¥