[حول البسملة]
ـ[أبو المنذر المصري]ــــــــ[11 Jul 2004, 02:53 ص]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد
فهذه نبذة مختصرة، عن أحكام البسملة، أكثرها مستفاد من شرح الشيخ محمد بن عبد المقصود، حفظه الله، لمذكرة الشيخ العلامة الشنقيطي رحمه الله في أصول الفقه، أسأل الله أن ينفع بها
مسألة: حكم البسملة:
وهي المسألة الأساسية في هذا المبحث، وقد وقع الخلاف فيها على 4 أقوال:
¨ أولا: أنها آية في أول كل سورة، ما عدا سورة براءة، وهذا مذهب العبادلة رضي الله عنهم، ومكحول وعطاء وطاووس وعبد الله بن المبارك، وهو مذهب الشافعية رحمهم الله.
¨ ثانيا: أنها آية في أول سورة الفاتحة على وجه الخصوص، وليست بقرآن في أوائل السور، وهذه رواية عن أحمد وأبي حنيفة وإسحاق بن راهوية، وهو مذهب الشافعي رحمه الله في الفاتحة (قولا واحدا)، واختلف قوله في بقية السور.
¨ ثالثا: أنها ليست آية لا من الفاتحة، ولا من غيرها، وهذا مذهب مالك، ومشهور مذهب أبي حنيفة، وداود الظاهري رحمهم الله، وقد أيده ابن عثيمين رحمه الله، وعليه فإن المثبتين لها كآية من الفاتحة، لا يعتبرون الوقوف على (صراط الذين أنعمت عليهم) وقوفا على رأس آية جديدة، بينما يعتبره المخالفون رأس آية جديدة، لأن كلا الفريقين، متفقان على أن الفاتحة 7 آيات.
¨ رابعا: أنها آية مستقلة في أول كل سورة، بمعنى أنها آية من القرآن، وليست آية في أول كل سورة، أي أنها آية للفصل بين السور، وهذا ما ذهب إليه الرازي رحمه الله، وأيده شيخ الإسلام رحمه الله.
وبعد ذكر الآراء، نأتي لمرحلة المناقشة:
أولا:
استدل أصحاب الرأي الأول بعدة أحاديث منها:
§ ما أخرجه الدارقطني رحمه الله: إذا قرأتم الحمد لله رب العالمين، فاقرؤوا بسم الله الرحمن الرحيم فإنها أم الكتاب … وبسم الله الرحمن الرحيم إحدى آياتها، وهذا الحديث، إن صح، فهو نص في المسألة.
§ حديث أم سلمة رضي الله عنها، عند أبي داود والترمذي: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قرأ في الصلاة (بسم الله الرحمن الرحيم)، وعدها آية، وقد أعله الشيخ عادل بن يوسف العزازي حفظه الله، بتدليس ابن جريج رحمه الله، وهو ممن لا يحتمل تدليسه، ولم يتابع على لفظ البسملة، وإن توبع على بقية الحديث عند أحمد رحمه الله، فتقوى الحديث، ولم يتقو لفظ البسملة، والله أعلم.
§ حديث أنس رضي الله عنه، ن البخاري في باب فضائل القرآن، قال: سئل أنس كيف كانت قراءة النبي صلى الله عليه وسلم؟ كانت مدا، ثم قرأ (وهو الشاهد): (بسم الله الرحمن الرحيم) يمد (بسم الله)، ويمد (الرحمن)، ويمد (الرحيم).
§ حديث أنس رضي الله عنه، عند مسلم: (إنه نزلت علي آنفا سورة، …، ثم قرأ الرسول صلى الله عليه وسلم سورة الكوثر: بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر …)، فدل ذلك أنها آية من سورة الكوثر، وعليه فهي سورة من بقية سور القرآن، وقد أجاب المخالفون بأن هذه الأدلة، أخبار آحاد، والقرآن لا يثبت إلا متواترا، والله أعلم.
واستدلوا بأن البسملة مبثوثة في المصاحف، بنفس خط القرآن، فقد أثبتها الصحابة رضي الله عنهم، بنفس الخط الذي أثبتوا به بقية آي القرآن، مع ما عرف عنهم، من شدة الحرص على تمييز ما هو بقرآن، عما هو ليس منه، إما بإختلاف الخط، أو الكتابة والترقيم بلون مختلف.
واستدلوا على أنها آية من الفاتحة، بترقيمها في المصحف.
ثانيا:
استدل القائلون بأنها ليست آية من أوائل السور، بعدة أحاديث منها:
§ حديث عائشة رضي الله عنها، عند البخاري رحمه الله، في كتاب بدء الوحي، ولم تذكر البسملة في أول سورة العلق.
§ حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم، عن رب العالمين، قال: قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فإذا قال العبد: (الحمد لله رب العالمين)، قال الله: حمدني عبدي … الحديث، فلم يذكر البسملة، وعليه فهي ليست بآية من الفاتحة، كما ذهب إلى ذلك أصحاب الرأي الثالث.
¥