[التكرار في القصص]
ـ[ش. م]ــــــــ[28 May 2004, 01:20 ص]ـ
السلام عليكم ورحمة الله
أخيرا .. بعد وقت طويل استجمعت أطراف شجاعتي الذاهبة وجئت إليكم أحث الخطا نحو هذا الملتقى المبارك بعد أن عنيت بزيارته بين حين وآخر وإن لم أقدر أن أقرأ الدرر التي تتجدد فيه باستمرار، لكني وضعت رابطا لملتقاكم في موقعي والحمد لله على فضله أن أعانني على أن أكون بينكم وأطلب منكم قراءة ما كتبت وتوجيهي بملحوظاتكم وإرشاداتكم الصائبة معبيان أوجه النقص أو الخطأ
هذا موضوع عن التكرار في القصص القرآني، لم أبد فيه رأيي فلست أنا من تضع نفسها وضعا ليس لها، ولكني اهتممت بقراءة بعض ما قاله العلماء عن قضية التكرار، ثم لخصت ذلك فيما سترونه الآن، وسميته
رحلة في الأسفار تتبعا لقضية التكرار
مقدمة:
ما زالت سهام أعداء هذا الدين مشرعة نحو النور الذي يعمي أبصارهم ويثير غيظ قلوبهم، وما زالت شبهاتهم تتناثر هنا وهناك، على الرغم من كثرة الردود عليها وإبطالها بالأدلة البراهين، ولعل اتساع أرجاء هذه الشبكة كان عونا لهم و مرتعا خصبا لافتراءاتهم
وكثيرا ما يثار سؤال عن التكرار في القرآن الكريم وهدفه، وقد يأخذونه مطعنا على بعض ض عاف النفوس ليمدوا في أنفسهم حبائل الشكوك، ويغرسوا في عقولهم ضلالات الأوهام، ولا تخلو القضية من أصابع المستشرقين العاملة في نشر تلك الشبهات للنيل من كتاب الله عبر هذه القضية، وخاصة في القصص القرآني
الموضوع:
أبتدئ بتوفيق من الله: إن جماعة من المستشرقين وغيرهم قد اشتط بهم الغلو وطغت عليهم روح التحيز والحيف فجاؤوا بشبهات كثيرة، ولكن من يتأمل فيها يرى أن كثيرا منها لاأساس له، وبعضها ينم عن الجهل إن افترضنا حسن النية، ولا نظنهم من الجهال، أو هو يكشف عن روح حقد تتعمد الإضلال بإيراد شبهات يعلمون أنها باطلة، وأنها قد تجد رواجا لضعف النفوس وضعف العلم الحقيقي، خاصة فيما يتعلق باللغة، حيث فسدت السلائق، واضمحلت الذائقة اللغوية، واختفى التمرس بأساليب العرب في كلامهم، وطرائق تصريف الحديث، فاستغل المغرضون ذلك ليحوكوا شبهات واهية كبيت العنكبوت لا تصمد بإذن الله أمام الحق المبين، وكل ما علينا أن نتسلح باليقين الذي يعصمنا من الشك والريب، وبالعلم الذي ينفعنا بإذن الله في رد ادعاءات المغرضين، ثم نتسلح بالتفكر والتدبر الذين أمرنا الله عز وجل بهما على بينة من أساس علمي، والله عز وجل يقول في فضل أهل العلم في مثل هذه المواقف:
هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتَابَ مِنْهُ آيَاتٌ مُحْكَمَاتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتَابِ وَأُخَرُ مُتَشَابِهَاتٌ فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ وَالرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ يَقُولُونَ آمَنَّا بِهِ كُلٌّ مِنْ عِنْدِ رَبِّنَا وَمَا يَذَّكَّرُ إِلَّا أُولُو الْأَلْبَابِ ــ آل عمران:7
أما قضية التكرار فالتأمل فيها أدى إلى قولين:
الأول: أن التكرار ليس ذما أو قدحا إلا إن كان مما يمكن الاستغناء عنه، وكان الذي نكرره خاليا من أي معنى جديد يضاف إلى الأول، فهو حينئذ يكون لغوا لا فائدة منه، وهذا ليس منه في القرآن شيء
أما ما عدا ذلك فهو علىالعكس، إنه أمر مطلوب مرغوب، وإن فُقِد في الكلام كان ذما أحيانا، والتكرير من الأساليب المعروفة عند العرب، ويكثر وروده في كلامهم وفي أشعارهم خاصة، وتصفحوا دواوين الشعراء كالمهلهل بن ربيعة وعمرو بن كلثوم وستجدون مصداق ذلك
بل إن التكرير واحد من الأغراض البلاغية، ودونكم الكتب البلاغية التي تتحدث عن علم المعاني، وستجدون عنوانا عريضا هو واحد من أسس هذا العلم البلاغي واسمه الإطناب، فإن بحثتم في فروعه وجدتم أفانين من القول تتشابه مع التكرار، وواحد منها يحمل هذا الاسم نفسه: (التكرير) والبقية تعتمد على زيادة في الكلام أو تكرير له أو تفصيل كذكر العام بعد الخاص وعكسه، وكالاحتراس والتتميم
¥