[أقسام تلاوة القرآن]
ـ[صالح الدرويش]ــــــــ[27 Jul 2004, 02:13 ص]ـ
الإخوة في الملتقى وقنا الله وإياهم من كل سوء ومكروه
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
وبعد
فهذه فائدة من كتاب: المقدمات الأساسية في علوم القرآن لفضيلة الشيخ: عبدالله بن يوسف الجديع ص476 - 479
الأقسام التي تكون عليها تلاوة القرآن من حيث حكمها ثلاثة:
الأول: فرض عين.
ولم نجد في نصوص الكتاب والسنة ما يوجب على كل فرد من المسلمين أن يتلو من القرآن سوى ما تصح به الصلاة، وهو سورة الفاتحة وحدها على التحقيق، مما محل بسطه في غير هذا الموضع.
والثاني: فرض كفاية.
وذلك أن الله تعالى أوجب إيجاد طائفة أهل الذكر الذين يبصرون الناس بشرائع ربهم ودينه، وذلك مستلزم كونهم يتلون كلامه، قال تعالى: {فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُواْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ} (122) سورة التوبة
وأمر الله تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم بتلاوة القرآن؛ لأنه المبلغ عن الله، كما قال تعالى: {وَأُمِرْتُ أَنْ أَكُونَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ (91) وَأَنْ أَتْلُوَ الْقُرْآنَ (92)} سورة النمل
وأهل الذكر من أمتنه على أثره صلى الله عليه وسلم مأمورون بالتبليغ من بعده.
يؤيد أنه فرض كفاية أن الناس في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يكونوا جميعا يقرأون، ولم يوجب النبي صلى الله عليه وسلم عليهم القراءة أكثر مما تصح به الصلاة، هذا مع ما أمر الله تعالى في كتابه بتدبر القرآن وتلاوته مما دل على أن ذلك الأمر لأجل أن تبقى في الناس علوم هذا الكتاب، بحيث لا يزال فيهم من يبلغهم شرائعه وأحكامه، وهذا تُحقِّقُهُ طائفة من الأمة.
فما كان من هذا القسم والذي قبله فتركه هجر محرم للقرآن، ولوترك الناس في بلد إيجاد من يقرأ القرآن منهم ويتلوه ليبلغهم إياه، لصدق عليهم جميعا وصف الهجر للقرآن.
والثالث: تلاوة مندوبة.
وهي ما يزيد على الواجب مما يحرص المسلمون عليه في كل زمان، فيتلوه القارئ ويحفظه أو يحفظ منه ما شاء مما يعود إلى رغبته وإرادته.
فهذا القسم من التلاوة يُثاب فاعله ويؤجر، ولا يعاقب تاركه ولا يؤاخذ، فلا يعد فِعله من الهجران الذي ذم الله تعالى أهله، لكن لا نشك أن بفواته فوات خير عظيم.
وربما استشكل بعض الناس ههنا ما ورد في شأن التوقيت لختم القرآن في أربعين يوما ... أوستين في قول البعض، أو غير ذلك من التحديد فهل إذا ترك إنسان الختم في هذه المدة يُسمى هاجرا للقرآن؟
الجواب: لا، لأسباب أهمها:
1 - لم يأت في شيء من الأدلة ما يوجب على أحد ختم القرآن، بل و لا ما يحض عليه، وإنما غاية مالا تجد إفادة استحبابه إذا كان مقرونا بالتدبر.
وأما يروى عن ابن عباس، قال: قال رجل يا رسول الله أي العمل أحب إلى الله؟ قال: (الحال المرتحل) قال: وما الحال المرتحل: قال: " الذي يضرب من أول القرآن إلى آخره كلما حل ارتحل " فهذا حديث لا يصح.
2 - أن التلاوة إنما أريدت في الأصل؛ لتدبر القرآن وفهمه والعمل به، وهذا على التأني أعظم نفعا؛ لذلك كان الصحابة في عهد النبي صلى الله عليه وسلم لا يتجاوزون عشر آيات من القرآن إلى أن يتعلموا ما فيها من العلم والعمل.
3 - ما ورد في التوقيت لم يكن لبيان أقصى ما يختم به القرآن، بحيث لا يصلح الختم فيما زاد عليه، وإنما كان توجيها لعبدالله بن عمرو بن العاص للتأني في تلاوة القرآن وأخذ النفس بالرفق في ذلك، ما دل على أن تلك التوجيهات أحسن ما ينبغي أن يرعى في تلاوة القرآن ... .
4 - 4 - وبينت فيما تقدم قريبا أنه لا يجب على المعين من المسلمين أن يقرأ كل القرآن، وإنما يكفيه منه ما تصح به الصلاة، ويغنيه لمعرفة أحكامه أهل العلم الذين من وظيفته أن يشارك في إيجادهم.
فهذه اعتبارات واضحة في أن من لم يختم القرآن في مدة معينة أربعين يوما أو ستين أو غير ذلك ليس بآثم، وليس بهاجر للقرآن ما دام عاملا به: مؤتمرا بأمره، منتهيا عن نهيه، حافظا لحدوده.
واجعل من سبيلك أن لا تسمي الأشياء إلا بما سماها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم به، ولا تستعملها إلا حيث استعملها الله ورسوله صلى الله عليه وسلم تسلم بذلك من خطأ كبير.