[حول إعجاز القرآن]
ـ[أبو المنذر المصري]ــــــــ[15 Jul 2004, 02:36 ص]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد
فهذه نبذة موجزة، عن إعجاز القرآن، أصلها مأخوذ من محاضرات الشيخ محمد بن عبد المقصود، حفظه الله، في شرح مذكرة الشيخ الشنقيطي رحمه الله في أصول الفقه، وقد زدت عليها من كتاب "مباحث في علوم القرآن" للشيخ مناع القطان رحمه الله، وكتاب "لمحات في علوم القرآن" للدكتور محمد لطفي الصباغ، أسأل الله أن ينفع بها
بداية تطرق الشيخ محمد حفظه الله، إلى التعريف بالمعجزة، وشروطها، فذكر شروط المعجزة، كما قررها القرطبي رحمه الله:
¨ أولا: ألا يقدر عليها إلا الله عز وجل، فلو قال مدع: الدليل على صدق نبوتي، أني أتحرك وأسكن، لم تقبل دعواه، لأن هذا أمر يقدر عليه كل أحد، فأين الإعجاز؟!!.
¨ ثانيا: أن تكون خارقة للعادة، فلو قال: الدليل على صدق نبوتي أن الشمس تشرق من المشرق، لم تقبل دعواه، لأن هذا الأمر، وإن كان لا يقدر عليه إلا الله عز وجل، إلا أنه غير خارق للعادة.
¨ ثالثا: أن تكون المعجزة وفق ما أخبر به المدعي، فلو أخبر عن كيفية معينة لمعجزته، وجاءت على غير ما أخبر، لم تقبل دعواه، وإن جاء بأمر خارق، والله أعلم.
¨ رابعا: ألا يقدر أحد على الإتيان بمثل ما جاء به على وجه المعارضة.
والمعجزات إما:
¨ ما ظهر واشتهر في أيام الرسول صلى الله عليه وسلم وانقضى بموته، كنبوع الماء من بين أصابع الرسول صلى الله عليه وسلم، فهذا حادث حدث في عصر النبوة، وانقضى، ونقل إلينا نقلا صحيحا، لا يدفعه إلا مكابر، وينبه الشيخ حفظه الله، في هذا الموضع، إلى أن كثيرا من الأخبار تستند إلى خبر التواتر.
¨ وإما ان تنقل إلينا هذه المعجزة نقلا متواترا، كما هو شأن القرآن الكريم، وهذه أيضا لا يردها إلا مكابر.
أوجه الإعجاز في القرآن الكريم:
¨ أولا: النظم المعجز الذي جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم، مع كونه أميا، لم يتلق العلم عن أحد من البشر.
¨ ثانيا: إخباره عن قصص الأولين، مع ما سبق من أمية الرسول صلى الله عليه وسلم، وعد تلقيه عن أحد من البشر.
¨ ثالثا: الإخبار عما يأتي من أحداث.
وممن تكلم على وجوه إعجاز القرآن، الشيخ مناع القطان رحمه الله، في "المباحث"، والدكتور محمد لطفي الصباغ، في "اللمحات"، حيث ذكرا أقوال الفرق المختلفة، في هذه المسألة كالتالي:
¨ أولا: ذهب النظام "من المعتزلة"، ومن تابعه، كالمرتضى، من الشيعة، إلى القول بأن إعجاز القرآن كان بالصرفة، ومعناها: أن الله صرف العرب عن معارضة القرآن مع قدرتهم عليها، وهذا قول لا شك في بطلانه، وممن تصدى للرد عليه:
· شيخ الإسلام، رحمه الله، حيث قال في "الجواب الصحيح": الصواب المقطوع به أن الخلق كلهم عاجزون عن معارضته لا يقدرون على ذلك، ولا يقدر محمد نفسه من تلقاء نفسه على أن يبدل سورة من القرآن، بل يظهر الفرق بين القرآن وبين سائر كلامه لكل من له أدنى تدبر.
· وتصدى له أبو بكر الباقلاني رحمه الله، في ""إعجاز القرآن"، فقال: ومما يبطل ما ذكروه من القول بالصرفة أنه لو كانت المعارضة ممكنة، وإنما منع منها الصرفة لم يكن الكلام معجزا، وإنما يكون المنع هو المعجز، فلا يتضمن الكلام فضيلة على غيره في نفسه.
· وتصدى له الحافظ ابن كثير رحمه الله، في تفسيره، وتصدى له الحافظ السيوطي رحمه الله، في الإتقان، فأجاد، حيث لخص الرد في 4 نقاط:
o أولا: قوله تعالى: (قل لئن اجتمعت الإنس والجن …)، يدل على عجزهم مع بقاء قدرتهم، ولو سلبوا القدرة لم تبق فائدة لإجتماعهم، لأنهم عندئذ يكونون كالموتى، وليس عجز الموتى مما يحتفل بذكره.
o ثانيا: أن العلماء أجمعوا على أن الإعجاز مضاف إلى القرآن، فكيف يكون معجزا وليس فيه صفة إعجاز؟ بل المعجز حينئذ، هو الله سبحانه وتعالى، حيث سلبهم القدرة.
¥