[هل في القرآن مجاز]
ـ[أبو المنذر المصري]ــــــــ[29 Jul 2004, 03:03 ص]ـ
بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم، أما بعد
فهذه نبذة مختصرة عن مجاز القرآن أصلها مأخوذ من شرح الشيخ محمد بن عبد المقصود حفظه الله، لمذكرة الشيخ محمد الشنقيطي رحمه الله في أصول الفقه، أسأل الله أن ينفع بها.
بداية لابد من ذكر نبذة مختصرة عن الحقيقة والمجاز، حتى يتضح الأمر أكثر، وممن تكلم عن هذه المسألة بإختصار غير مخل أ الشيخ ابن عثيمين رحمه الله، في مذكرته المختصرة النافعة في علم الأصول (الأصول من علم الأصول)، فقال رحمه الله (بتصرف):
¨ أولا: الحقيقة، وهي تنقسم إلى ثلاثة أقسام:
· الحقيقة اللغوية: هي اللفظ المستعمل فيما وضع له في اللغة، فخرج بقولنا، في اللغة، الحقيقة الشرعية والحقيقة العرفية، ومن الأمثلة عليها: الصلاة، فحقيقتها اللغوية، هي الدعاء، وقد وردت في قوله تعالى (وصل عليهم)، فالمقصود بالصلاة هنا، هو الدعاء لمن جاء بصدقة ماله.
· الحقيقة الشرعية: هي اللفظ المستعمل فيما وضع له في الشرع، فخرج بقولنا، في الشرع، الحقيقة اللغوية والحقيقة العرفية، ومن الأمثلة عليها، الصلاة، فحقيقتها الشرعية: الأقوال والأفعال المعلومة المفتتحة بالتكبير المختتمة بالتسليم، فتحمل في كلام أهل الشرع على ذلك.
· الحقيقة العرفية: هي اللفظ المستعمل فيما وضع له في العرف، فخرج بقولنا، في العرف، الحقيقة الشرعية والحقيقة اللغوية، ومن الأمثلة عليها، الدابة، فإن حقيقتها العرفية ذات الأربع من الحيوان، فتحمل عليه في كلام أهل العرف.
وينبه الشيخ ابن عثيمين، رحمه الله، على فائدة هذا التقسيم، وهو أن يحمل كل لفظ على معناه، تبعا لإستعماله، الذي يعرف من سياق الكلام، فعلى سبيل المثال، لفظ الصلاة في قوله تعالى: (وصل عليهم)، لا يمكن حمله على الحقيقة الشرعية، لأنه لا يعقل أن يصلي الرسول صلى الله عليه وسلم على من جاءه بالصدقة، صلاة كالتي يصليها كل مسلم في المسجد، أو في غيره، بينما لفظ الصلاة، في الأدلة الشرعية، التي تدل على فرضية الصلاة وشروطها وأركانها، ومواقيتها … الخ، لا يمكن حمله على الحقيقة اللغوية، وهي الدعاء.
¨ ثانيا: المجاز: هو اللفظ المستعمل في غير ما وضع له، مثل أسد للرجل الشجاع.
فخرج بقولنا: "المستعمل" المهمل فلا يسمى حقيقة ولا مجازا.
وخرج بقولنا: "في غير ما وضع له" الحقيقة.
ثم تطرق الشيخ، رحمه الله، إلى مسألة "القرينة" وهي: الدليل الذي يمنع من إرادة الحقيقة، ويدل على إرادة المجاز، وإلى مسألة "العلاقة": وهي الإرتباط بين المعنى الحقيقي والمعنى المجازي لكي يصح إستعمال اللفظ في مجازه.
وطبقا للعلاقة، ينقسم المجاز إلى:
· الإستعارة: كالتجوز بلفظ أسد عن الرجل الشجاع.
· المجاز المرسل: إن كان التجوز في الكلمات، كقولك: رعينا المطر، فكلمة المطر مجاز عن العشب فالتجوز بالكلمة.
ومن المجاز المرسل:
o التجوز بالزيادة، كقوله تعالى: (ليس كمثله شيء)، فقال العلماء فيها: إن الكاف زائدة لتأكيد نفي المثل عن الله تعالى.
o التجوز بالنقص: كقوله تعالى: (واسأل القرية)، أي واسأل أهل القرية، فحذفت "أهل" مجازا.
· المجاز العقلي: إن كان التجوز في الإسناد، كقولك: أنبت المطر بالعشب، فالكلمات كلها يراد بها حقيقة معناها، لكن إسناد الإنبات إلى المطر مجاز، لأن المنبت حقيقة هو الله تعالى، فالتجوز في الإسناد.
وبعد الإنتهاء من هذه المقدمة، أذكر الرأيين، اللذين ذكرهما الشيخ محمد، حفظه الله، في هذه المسألة:
¨ أولا: وجود المجاز في القرآن، وهو قول الجمهور وعلى رأسهم حبر الأمة عبد الله بن عباس رضي الله عنهما، حيث قال في قوله تعالى: (أو لامستم النساء)، هو الجماع، يكني الله بما شاء، وممن أشهر من وافقه في هذا التفسير، البخاري رحمه الله، وشيخ الإسلام رحمه الله، حيث نقض الإستدلال بهذه الآية على نقض الوضوء بلمس المرأة، وهو مذهب الشافعية رحمهم الله، الذين قالوا بنقض وضوء اللامس (وهو الرجل)، والملموس (وهو المرأة)، حيث قال بأن مقصود اللمس هنا "الجماع" على الصحيح لأن الملامسة تكون بين اثنين، بينما اللمس لا
¥