ثمَّ وُلِدَ له ابن إسحاق الذي بقي عنده في بادية الشام، ووُلِدَ لإسحاق يعقوب، ووُلِدَ ليعقوب بنوه الاثنا عشر، ومكث هؤلاء في البلدية كما هو نصُّ الآية السالفة، وكانت لغتهم بلا ريب هي لغة أبيهم يعقوب، وجدهم إسحاق، وجد أبيهم إبراهيم، ولم تكن لهم لغة خاصة مستقلة البتة.
ثمَّ نزلوا إلى مصر، وسكنوا فيها فعاشروا الناس وخالطوهم إلى عهد موسى عليه السلام (بين يوسف وموسى نحو أربعمائة سنة ونيف كما في أسفارهم)، فهل يا تُرى بقوا على لغة آبائهم التي دخلوا بها ولم يتأثَّروا بلغة المصريين؟!
إنَّ الذي يظهر لي أنَّ العبرية وصف لهم من جهة القومية لا اللغة بقي ملتصقًا بهم، ومعناه كما ذكرتُ لك سابقًا، أما اللغة التي يتحدثون بها فإنما هي بمثابة لهجة من اللهجات العروبية آنذاك، ولا تخرج عن ذلك القطر العربي الكبير.
فالعبرانيون بمعنى: الذين يعبرون، أو بمعنى البدو الرُّحَّل هو المعنى المراد بهم، لكن هؤلاء أوتوا القدرة على تبديل وتحريف الأشياء، كيف لا، وقد حرَّفوا كلام الله وشرعه، فانطلى على كثيرين أن لهم لغة مستقلَّة، وأنَّ لها حروفًا خاصًّة، ورسمًا خاصًا، وليس الأمر كذلك، فهم من بيئة عربية لم يخرجوا منها، وإنما الأمر يرجع إلى تقادم عهدهم عن اللغة العربية المعيارية التي نزل بها القرآن.
وقد تقول: إنَّه ورد في البخاري في وصف ورقة بن نوفل: (وكان يكتب الكتاب العبراني فيكتب من الإنجيل بالعبرانية ما شاء الله أن يكتب).
فأقول لك: نعم هو كتاب عبراني، وله رسمه الخاصُّ لكنه لم يكن خاصًّا بهم فقط، بل هم استفادوه من غيرهم، وهو لا يخرج عن اللغات العروبية ولا الرسم المتعارف عليه عندهم. وهذا مبحث يحتاج إلى مزيد بسط ليس هذا محلُّه، وهو يتعلق باللغات التي جاء النصُّ عليها في كتبهم، كما يتعلق بالوقت الذي دُوِّنت فيه هذه الكتب، ونوع اللغة (اللهجة العروبية) التي كانوا يتحدثونها آنذاك، ونوع الرسم الذي رُسِمت به، وذلك ما لم يكن خاصًّا بهم كما سيظهر إن شاء الله في بحث هذه الجزئية بحثًا مستقلاًّ.
وللحديث بقية.
ـ[سليمان داود]ــــــــ[08 Jun 2004, 03:14 م]ـ
أشكرك دكتور مساعد على هذه اللفتة الرائعه
لأن ابراهيم أبينا ونحن أولى به من غيرنا
والذي أود أن أضيفه هنا ولا أدري ان كان صحيحا أو من بنات أفكاري؟؟
أنه في منطقتي البالغ عدد سكانها حوالي مليون شخص نلفظ بلهجتنا اسماعيل بالنون بدل اللام
وعند قراءتي للموضوع تذكرت هذا الأمر
فأحببت أن أقسمه قسمين
1 - اسم مع فتحه فوق الميم أو الألف المقدره
2 - عين
فكأنني أقرأ أسمه مناسب لعين زمزم؟؟؟؟ التي حفرها بقدميه بمساعدة سيدنا جبريل كما تقول الآثار
أسم - عين
على فكره - أنا لم أقرأ هذا الكلام من أي مرجع؟؟؟؟
هو من تأملاتي الشخصية
ولا أدعي الصواب حتى نسمع آراء أخوتي في المنتدى
فاعتبروها وجهة نظر --لا أكثر
ـ[المنهوم]ــــــــ[09 Jun 2004, 05:29 م]ـ
زدنا يا شيخنا من بحوثك القيمة
زادك الله علما وفهما
ـ[الراية]ــــــــ[17 Jun 2004, 11:51 ص]ـ
كم استمتع دائماً بقراءة ما تخطه يمينك شيخ مساعد ...
بارك الله فيكم وفيما تكتبون
وهل لديكم كتب تحت الطبع؟
فنحن نتابع اصداراتكم بشغف
وفق الله الجميع
ـ[عبد اللطيف سالم]ــــــــ[19 Jun 2004, 06:19 م]ـ
بسم الله الرحمن الرحيم
بارك الله بكم جميعا
أما القول عندي وبناء على بحوث خاصة لم أنشرها:
أن اللغة العربية وهي اللغة الأم لكل لغات العالم، وأنها هي اللغة التي أنزلها الله على آدم عليه السلام.
وأن هذه اللغة كانت في أعلى الدرجات من حيث احتوائها على المترادفات والمتناظرات وأن الله أوحى إلى آدم طرق الاشتقاق والتصريف وذلك بنفس الطريقة التي أوحى إليه اللغة.
وأن آدم عليه السلام عاش دهرا طويلا كافيا ليتعلم أولاده تلك الطرق من التصريف والاشتقاق.
ثم أبناءه وأحفاده بعد تفرقهم اكتفوا بألفاظ وأهملوا ألفاظا، ولقد ساهم في اختلاف اللغات عدة أسباب:
- كل جماعة اكتفوا بكلمات، وأهملوا كلمات تختلف، عما اختار جماعة في مكان آخر.
- أن كل جماعة استعملوا طريقة في الاشتقاق والتصريف تبعا لدرجة استيعابهم.
- إن بعض المجتمعات حرفت ألفاظها تبعا لعيوب خلقية في اللفظ.
إن بعض الشرائح تعمدت إحداث ألفاظ يخفون معانيها عن المجتمع بحذف حرف أو إضافة إلى كل كلمة.
- إن المجتمعات المتطورة كانت تستحدث من الألفاظ ما يتناسب مع علومهم وأدواتهم.
- كان الشيطان في إيحاءاته إلى الناس يرغبهم في التغريب وينفرهم من تراث الآباء ليبعدهم عن تراث التوحيد.
وهناك شيء آخر:
- العبرية هي لفظة مستخرجة من العربية بأسلوب القلب.
- المضمون اللفظي للعبرية والسريانية يحوي الكثير من اللفظ العربي.
- أن تقسيم العرب إلى عاربة ومستعربة تقسيم غير صحيح.
- أن ذرية إسماعيل هم الأولى بالانتساب إلى العربية حسب مقتضيات ألفاظ القرآن.
¥