فالروح طاقة (نور) والجسد مادة، ولكل منهما قانونه، وإذا كانت المادة لها قانون يحكمها والطاقة لها خصائصها وقانونها فإن المادة لا يمكن أن ترتقي إلى مستوى الروح إلا إذا تحولت إلى طاقة.
مثلا: إذا كان الضوء وهو طاقة سرعته 300000 كلم/الثانية فإن المادة لا يمكن أن تصل إلى سرعة الضوء إلا إذا تحولت من مادة إلى ضوء.
كذلك فإن الروح من نور مثلما الملائكة هم أيضا من نور، فإذا عرجت الروح فإنها تعرج بقانونها الذي لا يدري مدى سرعته إلا خالق الروح.
وأما الجسد بماديته فإنه غير قادر على الوصول إلى سرعة الروح إلا إذا تحول إلى نور، فإذا تحول الجسد إلى نور فإنه يفقد ماديته وبنيته
فيصبح غير قابل أن تحل فيه الروح إلا إذا وصل إلى غايته وعاد إلى سيرته الأولى بالتحول من الطاقة إلى أصله المادي.
فالمسيح عليه السلام توفاه الله (نزعت الروح من الجسد) لتصعد حسب قانون الروح.
وترقى الجسد المادي من ماديته إلى قانون الروح ليتزامن وصوله مع وصول الروح في آن واحد إلى السماء، ثم تعود الروح لتحل في الجسد بعد أن يعود الجسد إلى ماديته.
وإذا أردت أن أضرب مثلا آخر نفهم منه سرعة المادة وسرعة الطاقة فإني أضرب بالرسالة المرسلة عبر البريد العادي التي تصل إلى صاحبها في بضعة أيام، والرسالة الإلكترونية التي تصل إلى صاحبها خلال ثانية واحدة.
ووفاة المسيح على الأرض وإحياءه في السماء آية تحققت في نفسه وتلك حكمة الله فإذا كانت معجزة إحياء الموتى آية عيسى للناس فمن الحكمة أن تتحقق في المسيح نفسه مثلما كانت معجزة رسولنا صلى الله عليه وسلم هي (الحكمة) المتمثلة في الكتاب العزيز فإن من تمام الحكمة أن يكون رسول الحكمة هو نفسه آية من الحكمة (فرضته الحكمة).
نعم فالحكمة تقتضي أن تكون آية الرسول في نفسه موافقة للآية التي أوتيها.
وقلت في موضوع سابق: إن الله ضرب المسيح بن مريم مثلا لخلق الإنسان الذي يكون روحا في بطن أمه.والمسيح (روح) ضرب مثلا.
وضرب الله محمدا صلى الله عليه وسلم مثلا لنشأة الإنسان الذي يولد أميا لا يعلم شيئا فيتعلم.
ثم لا بد أن يضرب الله المثل للنشأة الأخرى (الحياة بعد الموت) بعودة المسيح إلى الأرض، وفي عودته مثلا للحياة الآخرة،
ـ[د. هشام عزمي]ــــــــ[06 Jul 2004, 08:16 م]ـ
يقول شيخ الإسلام للدولة العثمانية مصطفى صبري - رحمه الله - في رده على فضيلة الشيخ محمد شلتوت رحمه الله مفتي الديار المصرية الأسبق:
أما آيات التوفي التي تمسك بها الشيخ فليس فيها تأييد لمذهبه يعادل في القوة أو يداني ما في تكميل نفي القتل و الصلب بإثبات الرفع من تأييد مذهبنا، لأن المعنى الأصلي للتوفي المفهوم منه مبادرة ليس هو الإماتة كما يزعم الشيخ بل معناه أخذ الشئ و قبضه تمامًا فهو أي التوفي و الاستيفاء في اللغة على معنى واحد، قال في مختار الصحاح: "و استوفى حقه و توفاه بمعنى" و إنما الإماتة التي هي قبض الروح نوع من أنواع التوفي الذي يعمها و غيرها، لكونه بمعنى القبض التام المطلق. و هذا منشأ غلط الشيخ شلتوت أو مغالطته في تفسير آيات القرآن التي يلزم أن يفهم منها رفع عيسى عليه السلام حيًا، لأنه ظن أن القرآن معترف بموته في الآيات الدالة على توفيه كما ظن أن التوفي معناه الإماتة نظرًا إلى أن الناس لا يستعملون التوفي إلا في هذا المعنى و غفولاً عن معناه الأصلي العام فكأنه قال بناء على ظنه هذا لا محل لرفعه حيًا بعد إماتته. لكنه لو راجع كتب اللغة لرأى أن الإماتة تكوت معنى التوفي في الدرجة الثانية حتى ذكر الزمخشري هذا المعنى له في "أساس البلاغة" بعد قوله "ومن المجاز" و المعنى الأصلي المتقدم إلى أذهان العارفين باللغة العربية، للتوفي هو كما قلنا أخذ الشئ تمامًا، و لا اختصاص له بأخذ الروح.
¥