ثانياً: أن الله تعالى جمع (الرسالة) في حقّ شعيب - عليه السلام، فقال سبحانه وتعالى على لسان شعيب: {لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالاَتِ رَبِّي} [الأعراف: 93]، في حين أنه قال على لسان صالح - مثلاً: {لَقَدْ أَبْلَغْتُكُمْ رِسَالَةَ رَبِّي} [الأعراف: 79]. وإن نظم القرآن الكريم ليؤكّد أكثر من رسالة في حقّ شعيب - عليه السلام ..
فلو نظرنا إلى ما ذكره كل من صالح وشعيب وبلّغ به قومه، نجد أن ما ذكره شعيب من الأوامر والنواهي أكثر مما ذكره صالح.
قال تعالى على لسان صالح - عليه السلام: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ * الَّذِينَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ وَلَا يُصْلِحُونَ * قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ} [الشعراء: 150 - 153].
وقال تعالى على لسان شعيب - عليه السلام: {فَاتَّقُوا اللَّهَ وَأَطِيعُونِ * وَمَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ إِنْ أَجْرِيَ إِلَّا عَلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ * أَوْفُوا الْكَيْلَ وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُخْسِرِينَ * وَزِنُوا بِالْقِسْطَاسِ الْمُسْتَقِيمِ * وَلَا تَبْخَسُوا النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ * وَاتَّقُوا الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالْجِبِلَّةَ الْأَوَّلِينَ * قَالُوا إِنَّمَا أَنتَ مِنَ الْمُسَحَّرِينَ} [الشعراء: 179 - 185].
فيظهر لنا من السياق أنها في حقّ صالح - عليه السلام - رسالة، وفي حقّ شعيب - عليه السلام - رسالات ..
وثالثاً: حين ذكر العذاب في حقّ قوم صالح - عليه السلام - ذكر الرّجفة، ووحّد الدار. قال تعالى: {فَعَقَرُواْ النَّاقَةَ وَعَتَوْاْ عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ وَقَالُواْ يَا صَالِحُ ائْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ الْمُرْسَلِينَ * فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دَارِهِمْ جَاثِمِينَ} [الأعراف: 77 - 78]، والرّجفة هي الزلزلة الشديدة وتختصّ بجزء من الأرض.
أما عندما ذكر عذاب قوم شعيب - عليه السلام - فذكر الصيحة، وجمع الدار (ديارهم). قال تعالى: {وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ} [هود: 94]، وذلك لأن الصيحة يبلغ صوتها مساحة أكبر مما تبلغ الرجفة ..
وجزاكم الله خيراً، وزادكم بصيرة بكتابه ..
ـ[المعظم لربه]ــــــــ[04 Mar 2006, 10:37 م]ـ
الأخ لؤي الطيبي
لم أقع على (الإشكالات) التي أردت أن تشير إليها , أو لم أفهمها , فحبذا لو وضحت أكثر.
ثم أرى أن الآيات التبست عليك.
فقد خلطت بين الأعراف وبين هود فيما يخص الدار والديار ...
إذ ذكرت الأعراف الدار بالإفراد لكليهما .. فيما ذكرت هود الجمع لكليهما كذلك ...
فانتبه!.
وأضيف باختصار إلى ما شارك به أخونا صاحب البحث
أن مدين هم أصحاب الأيكة , كما أن ثمود هم أصحاب الحجر!.
إذ التشابه بين القصتين كثير ملفت, حتى قال الله {ألا بعدا لمدين كما بعدت ثمود}.
ـ[الجعفري]ــــــــ[05 Mar 2006, 05:34 م]ـ
جزاك الله خيراً أبا عبد الله على هذا البحث الطيب , وأسأل الله أن ينفع بعلمك.
ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[06 Mar 2006, 12:43 ص]ـ
السلام عليكم
أخي الكريم المعظّم لربه ..
ما أنا إلا طالب علم، يحاول أن يتدبّر كتاب الله ..
وتضارب الأقوال في أن شعيباً - عليه السلام – بُعث إلى قوم واحد أو إلى قومين، لا يغيّر في النتيجة النهائية شيئاً. فالنتيجة واحدة هنا وهناك، وتحمل قولاً واحداً، هو أن الله تعالى أهلك الذين بعث فيهم شعيباً، ودمّرهم بسبب تمرّدهم على الله وعلى رسوله وتكذيبهم له.
وما كانت مداخلتي إلا بسبب بعض الأمور التي أشكلت عليّ في البحث .. وبعد أن نبّهتنا مشكوراً إلى أمور، سأحاول أن أبيّن ما زال مشكلاً في ملاحظتين:
الأولى: إن لم يناسب ذكر الأخوة بحق شعيب – عليه السلام – في آية الشعراء، لأن قومه نُسبوا إلى عبادة الأيكة، فما بال القرون الأخرى مع أنبيائهم؟ فهل أن قوم نوح، وقوم عاد، وقوم ثمود، وقوم لوط ... كانوا يعبدون الله وحده، فنسب أسماء أنبيائهم إليهم؟
قال تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ نُوحٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ نُوحٌ أَلَا تَتَّقُونَ} [الشعراء: 105 - 106].
وقال تعالى: {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ أَلَا تَتَّقُونَ} [الشعراء: 123 - 124].
وقال تعالى: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِحٌ أَلَا تَتَّقُونَ} [الشعراء: 141 - 142].
وقال تعالى: {كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ لُوطٌ أَلَا تَتَّقُونَ} [الشعراء: 160 - 161].
ثم قال تعلى بعد ذلك عن أصحاب الأيكة: {كَذَّبَ أَصْحَابُ الْأَيْكَةِ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ قَالَ لَهُمْ شُعَيْبٌ أَلَا تَتَّقُونَ} [الشعراء: 176 - 177].
الثانية: لو كان الضمير في (وإنهما)، في قوله تعالى: {فَانتَقَمْنَا مِنْهُمْ وَإِنَّهُمَا لَبِإِمَامٍ مُّبِينٍ} [الحجر: 79]، عائداً على قريتي لوط، وقوم شعيب، فلماذا يخصّ قرية لوط مرّة أخرى بالذكر، بعد أن جاء ذكرها من قبل في قوله سبحانه: {وَإِنَّهَا لَبِسَبِيلٍ مُّقيمٍ} [الحجر: 76]؟ فما الذي دعا لتكرير معالم قرية لوط مرتين في هذا المقام؟
ودمتم لنا سالمين ..
¥