تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ذكر مِن فوائدها:" أنّ بني إسرائيلَ يُبادِرونَ بالاستكبارِ عند مَجيءِ الرُّسُلِ إليهم، ولا يَتَأَنَّوْنَ؛ لقوله تعالى {أَفَكُلَّمَا جَاءَكُمْ}،ثم قالَ تعالى {اسْتَكْبَرْتُمْ}؛لأنّ مُقتضَى تَرَتُّبِ الجزاءِ على الشرطِ أنْ يكونَ الجزاءُ عَقِيْبًا للشرطِ:كُلَّمَا وُجِدَ الشرطُ وُجِدَ الجزاءُ فورًا ". ()

4 – يُعرِبُ مِن الآيةِ ما يَحتاجُ إلى إعرابٍ في الأعمِّ الأغلبِ، ورُبّمَا أعربَ جميعَ الآيةِ وهو قليلٌ.

وهذا يتّضحُ للناظرِ في تفسيرهِ فلم يلتزمِ الشيخُ رحمه الله إعرابَ كُلِّ الكلماتِ الواردةِ في الآيةِ، وإنّمَا يُعرِبُ ما يحتاجُ ذلكَ ويتركُ بقيّتها إمّا لوضوحهِ أو لعدمِ الحاجةِ إلى إعرابهِ.

ومِن أمثلته:

عند تفسيره لقوله تعالى {وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً وَصِيَّةً لأَزْوَاجِهِمْ مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ غَيْرَ إِخْرَاجٍ فَإِنْ خَرَجْنَ فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِي مَا فَعَلْنَ فِي أَنْفُسِهِنَّ مِنْ مَعْرُوفٍ} (البقرة: من الآية240)

قالَ:" قوله تعالى: {وَصِيَّة} فيها قراءتانِ: النَّصْبُ، والرَّفْعُ؛ وقوله تعالى: {الَّذِينَ} مُبتَدأ؛ و {وَصِيَّة} بالرفعِ مبتدأ خبرهُ مَحذوفٌ؛ والتقديرُ: عليهم وصيةٌ؛ والجملةُ: خبر {الَّذِينَ}؛ أمّا على قراءةِ النصبِ فإنّ خبرَ {الَّذِينَ} جملةٌ فعليةٌ مَحذوفةٌ؛ والتقديرُ: يُوصُونَ وصيةً؛ أو نُوصِيهم وصيةً - على خلافٍ في ذلكَ: هل هي وَصِيَّةٌ مِن الله؛ أو مِنهم؛فإنْ كانت مِن الله ? فالتقديرُ: نُوصِيهم وصيةً؛وإنْ كانت مِنهم فالتقديرُ: يُوصُونَ وصيةً - والجملةُ المحذوفةُ خبرُ {الَّذِينَ}؛ والرابطُ الضميرُ في الجملةِ المحذوفةِ سواءٌ قُلنا: " عليهم وَصِيَّةٌ أو قلنا: " نُوصِيهم وصيةً "، أو " يُوصُونَ وصيةً ".

قوله تعالى: {مَتَاعاً إِلَى الْحَوْلِ}؛ {مَتَاعاً} مَصدرٌ لِفِعْلٍ مَحذوفٍ؛ والتقديرُ: يُمَتِّعُونَهُنَّ مَتاعاً إلى الحوْلِ؛ و: {غَيْرَ إِخْرَاجٍ} إمّا صفةٌ لمصدرٍ مَحذوفٍ؛ أيْ مَتاعاً غير إخراجٍ؛ أيْ مُتْعَةً غير مُخْرَجَاتٍ فيها؛ أو أنّها حَال مِن الفاعلِ في الفعلِ المحذوفِ.

قوله تعالى: {فَلا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ}؛ هذهِ (لا) النافيةُ للجنسِ، واسمها، وخبرها؛ وقوله تعالى: {مِنْ مَعْرُوفٍ} مُتعلِّقٌ بـ {فَعَلْنَ}؛ وباقي الآيةِ إعرابها ظاهرٌ، وواضح". ()

ومِن أمثلةِ إعرابهِ للآيةِ كاملةً ما ذكره عند تفسيره لقوله تعالى: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (البقرة:163)

حيثُ قال:" الخطابُ للبشرِكُلِّهِم؛ أيْ أيّها الناسُ مَعبودُكم الحقُّ الذي تكونُ عِبادَتُه حقًّا؛ و {إِلَهٌ} بمعنى مَأْلُوه؛ فهي بمعنى اسمِ المفعولِ؛ و" الْمَأْلُوه " معناهُ المعبودُ حُبًّا، وتَعظِيماً وهو إِلَهٌ واحدٌ؛و {إِلَهُكُمْ} مبتدأ؛و {إِلَهٌ} خبر؛و {وَاحِدٌ} صفة لـ {إِلَهٌ}؛ وجملةُ {إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ} طرفها الأولُ معرفةٌ؛ والثاني نكرةٌ مَوصُوفةٌ، ومُؤَكَّدٌ بالوحدانيةِ يعني أنّ إِلَهَ الخلقِ إِلَهٌ وَاحدٌ؛ ووحدانيتهُ بالألوهيةِ مُتضمنةٌ لوحدانيتهِ بالربوبيةِ؛ إذْ لا يُعبدُ إلا مَن يُعلم أنّهُ رَبّ.

ثم أَكَّدَ هذهِ الجملةَ الاسميةَ بجملةٍ تُفيد الحصْرَ، فقالَ: {لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ}؛ وهذهِ الجملةُ تَوْكِيدٌ لما قبلها في المعنى؛ فإنّه لما أثبتَ أنّه إِلَهٌ وَاحدٌ نَفَى أنْ يكونَ مَعَهُ إِلَه.

وقوله تعالى: {لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} أيْ لا مَعْبُود حَقٌّ إلاَّ هُوَ؛ وعلى هذا تكونُ {لا} نافية للجنسِ؛ وخبرها مَحذوفٌ؛ والتقديرُ: لا إِلَهَ حَقٌّ إلاَّ هُوَ؛ وإنما قَدَّرْنَا " حَقّ لقولهِ تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ} (الحج: من الآية62)؛ ولهذا قالَ الله تعالى عن هذهِ الآلهةِ: {إِنْ هِيَ إِلاَّ أَسْمَاءٌ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ} (النجم: من الآية23)؛ وقد زَعَمَ بعضهم أنّ تقديرَ الخبرِ " موجود "؛ وهذا غَلَطٌ واضحٌ؛ لأنّه يختلُّ به المعنى اختلالاً كبيراً مِن وَجْهَيْنِ:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير