والتفاعل بين هذه المنظومات الثلاث، هو الذي يضخ الدماء في شرايين المجتمع المنظم، ويجب أن لا يطغى نظام على آخر وبذلك يتحقق التوازن الدقيق، أما مشكلات البيئة فتنجم عن فشل هذا التفاعل بين عناصر هذه الأنظمة الثلاث أو تعارضها، والسبب هو الإنسان وقيامه بالعدوان عليها ().
الصحارى تزحف، والأراضي الزراعية الخصبة تتراجع، والهواء والماء يزدادان تلوثاً، والانفجار السكاني وشيك الوقوع، ما لم تغير البشرية من أسلوبها ونمط حياتها، وكثير من الأنواع الحيوانية والنباتية تنقرض وتزول، والموارد المعدنية ومصادر الطاقة تستنزف، والمناخ يشهد تحولاً نحو السخونة، وطبقة الأوزون آخذة بالنضوب والتلف.
كل هذه المشاكل نجمت عن إخلال الإنسان المعاصر بالتوازن البيئي من خلال سعيه لتحقيق أعلى مستوى من التقدم والرفاهية اعتماداً على العقل البشري القاصر، مستبعداً العاطفة نحو الطبيعة.
لقد تعددت كوارث البيئة الناتجة عن قصر نظر البشر وتشبثهم بالربح العاجل على حساب الخسارة من مدخرات المستقبل.
إن عملية تأمين سلامة الكوكب الأزرق الحي تحتاج إلى مؤازرة قادة الصناعة والأعمال، وعون القادة المدنيين وكافة الاختصاصيين في علوم الطبيعة والمجتمع والاقتصاد والسياسة للقيام بهذه المهمة الصعبة.
وقد أثار البروفسور " فرانسوا رامادا " من جامعة باريس في قمة الأرض تساؤلاً مهماً حين قال: بأي حق منح الجنس البشري نفسه السلطة في أن يمارس خلال نصف القرن المقبل عملية إبادة جماعية غير مسبوقة في التاريخ سوف تؤدي إلى انقراض عدة ملايين من الأنواع الحية؟ ().
من أعطاهم الحق في تهديد وجود ملايين الكائنات الحية التي تشاركنا الحياة على الأرض؟
ألا يعلمون أن التكالب على الموارد الطبيعية الحية يهدد ـ ضمن ما يهدد ـ مصالحهم هم أنفسهم، وإذا نفد ما يتكالبون عليه ونضب كيف تسير أعمالهم؟
وماذا يتركون لأبنائهم و أحفادهم؟
إن استمرار وجودنا نحن البشر في الحياة رهن بوجود التنوع الأحيائي صحيحاً معافى.
وقد قال أحد دعاة صون التنوع الأحيائي: ثمة احتمال لأن يكون علاج مرض (الإيدز) موجوداً في أحد نباتات الغابة الاستوائية المطيرة التي لا نعرفها، فهل نستمر في الأنشطة المدمرة لهذا الموئل الغني، لينقرض ذلك النبات المنقذ، قبل أن نضع أيدينا عليه؟؟!
دور الأحزمة الخضراء في تنقية البيئة:
تطلق النباتات وخاصة الأشجار إلى الجو الأوكسجين وغاز ثاني أوكسيد الكربون، وفي مناطق الغابات والأحزمة الخضراء وجد أنه لتكوين متر واحد من المادة الخشبية الجافة تستهلك الأشجار 83,1 طن من غاز ثاني أوكسيد الكربون وتطلق 23, 1 طن من الأوكسجين، وبذلك يخفف إنتاج متر واحد مكعب من المادة الخشبية من وجود غاز CO2 من الجو، كما يضيف إلى الغلاف الغازي كمية من الأوكسجين التي تسهم في تنقية الهواء.
أما الكيلو متر المربع الواحد المزروع بنبات الحور ذي الأوراق المسطحة الملساء والقامة الباسقة، فيعطي خلال فصل النمو الواحد نحو 1200 طن من الأوكسجين، وفي نفس الوقت يقوم بامتصاص 1640 طناً من ثاني أوكسيد الكربون.
إضافة لذلك تلعب الأشجار والمسطحات النباتية والأحزمة الخضراء دوراً مهماً في عملية تأين الهواء حيث تزيد نسبة الأيونات السالبة في الهواء، وتنعكس إيجاباً على نشاط الإنسان والحيوان وعلى مقاومة الإنسان للأمراض.
وكذلك إفراز مواد مختلفة ذات تأثير مثبط أو قاتل للبكتريا ()، فالمواد الطيارة التي تفرزها أشجار الصنوبر تثبط وتميت أحياناً عصيات السل والدفتيريا، كما أن إفرازات الآس والكينا والعرعر والزيزفون والحور لها تأثير على البكتيريا والفيروسات.
كما أن فائدة دخان نبات الرمث في الشفاء من الزكام معروفة، وليس ذلك بجديد بل أَنشد أَبو حنيفة:
إِذا يقولون: ما أَشْفَى؟ أَقُولُ لَهُمْ: دُخَانُ رِمْثٍ من التَّسْرِيرِ يَشْفِينِي
مما يَضُمُّ إِلى عُمْرانَ حاطِبُهُ من الجُنَيْبَةِ، جَزْلاً غَيْرَ مَوْزُون ()
كما أن المواد الطيارة التي تفرزها أشجار الخروع تعد مادة تنفر منها حشرات البعوض ().
مشكلة الأوزون:
¥