لأنها تقتل الأعداد الطبيعية للحشرات وبذلك يفقد الإنسان سلاحاً بيولوجياً هاماً ليس له تأثير سلبي على البيئة.
وختم كتابه بالتساؤل: عما إذا كان الإنسان قد قرر العيش وسط صحراء هادئة عقيمة؟
الأمطار الحمضية:
وفي حمى صعود التصنيع، راحت آلات المصانع النهمة ومحركات السيارات وغيرها تحرق مزيداً من الوقود، وتطلق أكاسيد الكبريت والنيتروجين السامة في الهواء، واتحدت هذه الأكاسيد مع بخار الماء ليهطل على الأرض مطراً حامضياً، مما جعل غابات ألمانيا المسماة بالسوداء ـ لفرط كثافة خضرتها ـ تموت متفحمة، وبدأ علماء الألمان في البحث عن أسباب موت الغابة، وألقوا باللوم على فرنسا على أساس أن السبب في ذلك هو حرق فحم محطات توليد الطاقة، الذي أدى إلى تلوث الهواء فوق الغابة السوداء بأكسيد الكبريت، ولكن بعد فترة بدأ الألمان في البحث مرة أخرى فاكتشفوا أن في هواء الغابة السوداء نسبة كبيرة من أكسيد النترات المتصاعدة من مصانع صناعة السيارات الشهيرة في ألمانيا.
كما تسبب الضبخان (ضباب + دخان) المتكون بالطريقة ذاتها من قتل ثلاثة آلاف إنسان في لندن وحدها عام 1951م.
أما الأمطار الحمضية فإنها تؤدي إلى موت الأسماك، ولذلك أصدرت الحكومة الكندية عام 1979م تقريراً يبين أن / 5000 / من بحيراتها معرضة لفناء أسماكها خلال عشرين عاماً.
من فضائح صفقات النفايات الصناعية:
تنتهز بعض شركات غربية فقر بعض الدول في العالم الثالث، فتعقد معها صفقات مشبوهة، تستقبل الدول الفقيرة بمقتضاها النفايات مقابل ترضية مادية متواضعة، ولن تقتصر المخاطر الناجمة عن هذه الساسة الرعناء على الدول الفقيرة فقط، بل سوف يهدد كوكب الأرض برمته.
وقد تواترت الأنباء عن فضائح تتعلق بتخزين النفايات في بعض الدول العالم الثالث، تحدثت الصحف الغربية في منتصف السبعينات عن الرئيس المصري آنذاك أنه أبدى استعداده لتخزين نفايات الغرب المشعة في الصحارى المصرية وذلك لكسب تعاطف العالم الغربي.
لقد أصبح حجم النفايات في الدول الصناعية الغنية يؤرق الحكام والمحكومين على حد سواء،ويتردد السؤال التالي: إلى أين بكل هذا الكم الهائل من النفايات؟
وهناك اتفاق مبرم بين حكومة ألمانيا الغربية والحكومة الفرنسية، يقضي بأن تجمع الدولتان نفايتهما المشعة معاً لخزنهما في احدى الدولتين فترة زمنية، ثم تنقل النفايات بعدها إلى الدولة أخرى، وقد ظلت النفايات المشعة حتى اليوم مخزونة في الأراضي الفرنسية وكلما حان موعد نقلها للأراضي الألمانية نشطت سوق المساومة بينهما، وفي كل مرة ترضى ألمانيا بدفع ترضية مالية أكبر من سابقتها مقابل أن تبقى النفايات في الأراضي الفرنسية ().
ومعظم النفايات الخاصة غير مشعة، والقليل منها يصدر إشعاعاً، وتحتوي الكرة الأرضية بطبيعتها على قدر من العناصر المشعة، وكان العالم الفرنسي (بيكاريل) أول من اكتشف ظاهرة الإشعاع في خام يحتوي على الراديوم عام 1896م، والإشعاع صورة من صور الطاقة، لذلك بمجرد الإعلان عن هذا الكشف الجديد وجه العلماء جهودهم لدراسة أسلوب لاستثمار هذه الطاقة.
واستطاع العلماء أن يجعلوا من العناصر غير المشعة على الأرض إلى عناصر مشعة، وقد كانت العالمة الفرنسية (كوري) التي ماتت بسبب تعرضها أثناء بحوثها للإشعاع، هي أول من نجح في إنتاج عنصر مشع من آخر غير مشع وذلك عام 1934م.
ومنذ ذلك الحين وكميات المواد المشعة في ازدياد مستمر، ومخاطر الإشعاع على الإنسان كثيرة منها، أنه يدمر الكريات البيضاء، ويدمر الطحال والعقد اللمفاوية، ويتسبب في سرطان الرئة، وسرطان الجلد، ويؤدي إلى العقم، ويشوه الأجنة، ويحور العوامل الوراثية، وغالباً ما يفضي إلى الموت.
لذا ينبغي معالجة هذه النفايات بأساليب تجنبنا شرورها، والطريقة المتبعة بصورة مشروعة تتلخص في تحويل هذه النفايات إلى صور صلبة ثم حقنها في جوف الأرض في طبقة جيولوجية معروفة بجفافها وثباتها، ويا حبذا لو كانت غنية بملح الطعام لضمان الجفاف عبر عشرات الألوف من السنين.
ولزيادة الأمان تلجأ بعض المؤسسات إلى عزل هذه النفايات المركزة بصب غلاف من الإسمنت أو غيره من المواد حولها بإحكام، وذلك قبل حقنها في جوف الأرض.
¥