والأسمدة التي ترش في الحقول تذوب في الماء، فتغسلها الأمطار في مياه النهر عند المناطق الزراعية الملاصقة للشاطئ، مما ينجم عنه نمو الطحالب بغزارة فيه، لذلك ينبغي أن يلزم المزارعون بعدم رش الأسمدة في المناطق المتاخمة للشاطئ بعمق خمسة أمتار على الأقل.
ويموت النهر إذا ألقينا فيه مباشرة مواد سامة، فهي تقتل الأسماك على الفور، وهنا يقال: إن النهر قد مات، أما إذا ألقينا كميات كبيرة على غير العادة من مواد عضوية غير سامة في النهر، فسوف تتغذى البكتيريا على هذه المواد وتتضاعف أعدادها بصورة مذهلة، فيختل الميزان السائد بين أعداد الأحياء في النهر، وهنا يقال: إن النهر مريض، وكذلك الأمر لو ألقينا بأطنان من السكر مثلاً ـ وهو مادة غذائية مثالية ـ فنحن في الواقع نسمم النهر أيضاً بما قد يفضي إلى موته.
وهذه مشكلة ساخنة في هذه الأيام، لأن محاصيلنا الزراعية تروى بمياه الأنهار، ونحن نأكل هذه المحاصيل في النهاية، ونقدم منها علفاً لماشيتنا، والمياه الملوثة تنتج محاصيل زراعية ملوثة، أضف إلى ذلك أن الأنهار هي إحدى أهم مصادر الأسماك التي أصبحت تمثل جانباً مهماً من غذاء الإنسان.
فما الذي يدفع بكثيرين من إخواننا في الإنسانية إلى الاستغلال الجائر للأنظمة البيئية بشراهة؟
هل لأن البشر لا يقنعون بما لديهم، كما قال أرسطوطاليس: إن جشع الإنسان لا يرتوي؟!
أم أن السبب في ذلك هو أن الأحفاد أغنى من الأجداد؟
إن من حقنا أن نحصل على احتياجاتنا، ولكن ليس على حساب مستقبل أبنائنا وأحفادنا!
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــ
الهوامش والمراجع:
ـ هود: 61.
ـ رواه البخاري في كتاب المزارعة باب فضل الزرع والغرس إذا أكل منه برقم: / 2152 / ومسلم في كتاب المساقاة باب فضل الغرس والزرع برقم: / 2901 / والترمذي في كتاب الأحكام عن رسول الله باب ما جاء في فضل الغرس برقم: / 1303 / وأحمد في مسند أنس بن مالك برقم: / 12038 / والدارمي في كتاب البيوع باب في فضل الغرس برقم: / 2496 /.
ـ رواه البخاري في كتاب الشركة باب هل يقرع في القسمة والاستهام فيه برقم: / 2313 / والترمذي في كتاب الفتن عن رسول الله برقم: / 2099 / وأحمد في مسند النعمان بن بشير برقم: / 17647 /.
ـ الروم: 41.
ـ مجلة نهج الإسلام، العدد 63 رمضان 1416 هـ 1996 م، تلوث البيئة فساد في البر والبحر، محمد
فيض الله الحامدي: 160.
ـ القصص: 77.
ـ البقرة: 205.
ـ يونس: 23.
ـ رواه البخاري في كتاب الوضوء باب البول في الماء الدائم برقم: / 232 / ومسلم في كتاب الطهارة باب النهي عن البول في الماء الراكد برقم: / 424 / وأبو داود في كتاب الطهارة باب البول في الماء الراكد برقم: / 63 / والنسائي في كتاب الطهارة باب التهي عن البول في الماء الراكد برقم: / 221 / وابن ماجه في كتاب الطهارة وسننها باب النهي عن البول في الماء الراكد برقم:/ 338 / وأحمد في مسند أبي هريرة برقم: / 7213 / والدارمي في كتاب الطهارة باب الوضوء من الماء الراكد برقم: / 724 /.
ـ رواه البخاري في كتاب الأذان باب ما جاء في الثوم الني والبصل والكراث برقم: / 808 / ومسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة باب نهي من أكل ثوماً أو بصلاً أو كراثاً برقم: / 875 / وأبو داود في كتاب الأطعمة باب في أكل الثوم برقم: / 3326 / وأحمد في مسند جابر بن عبد الله ? برقم: / 14760 /.
ـ رواه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة برقم: / 811، وأحمد في مسند حذيفة بن اليمان ? برقم: / 22167 /.
ـ النحل: 81.
ـ مجلة الدعوة الأسبوعية العدد: 1515، 9 جمادى الآخرة 1416 هـ قراءة في كتاب? الموضة في التصور الإسلامي ? المؤلفة: الزهراء فاطمة بنت عبد الله، إعداد وعرض: عائشة الودعاني: 35.
ـ انظر: قضايا البيئة المعاصرة، نصر حسن حيدر، الطبعة الأولى 1418هـ 1998م: 4.
ـ مجلة العربي، العدد 445 ديسمبر 1995م، الأشينات .. لغز الإنذار المبكر لتلوث الهواء، محسن حافظ.
¥